قد نخطأ كثيرا إذا تصورنا أن الطفل يتعامل مع ما يشاهده من أفلام ومسلسلات الرسوم المتحركة , على أنه نوع من اللهو والترفيه , لأن ارتباطه بها سيشكل حافزا ودافعا قويا لديه لتقبل ما يشاهده , ويصبح بالتالي من الصعوبة بمكان أن يفرق أو يميزما بين الواقع والخيال. واستمرارمشاهدة الأطفال للأفلام والمسلسلات العنيفة التي تستخدم فيها الأسلحة النارية , وأدوات العنف المختلفة , لابد وأن يترك أثرا مختزنا لدى هؤلاء الأطفال , وينمي بالتالي لديهم بعض المشاعر العدائية , خصوصا إذا علمنا أن موضوعات الأفلام والرسوم المتحركة هي في الأصل مستمدة من قصص خيالية غير واقعية . ومن تم لا ينبغي أن نغفل ونقلل من خطورتها. وإذا كان البعض لا يرى في ذالك أي خطورة , وأن الطفل لا يتأثر بما يشاهده من أفلام ومسلسلات الرسوم المتحركة , والتحريك المصطنع للأشخاص في الرسوم , فكيف نفسر ظاهرة إقبال الأطفال على اقتناء الملابس والكراسات والحقائب , التي تحمل صورا لأبطال الرسوم المتحركة ؟ وكيف نفسر تقليد الأطفال لسلاحف نينجا وسوبرمان وميكامان وغيرها , في المنازل والشوارع , وحجرات الدراسة والمؤسسات التعليمية ؟. إذا استثنينا بعض الفضائيات وهي قليلة جدا , في محاولاتها الخجولة والمتعثرة بخصوص إعلام الطفل , فإن باقي الفضائيات العربية من المحيط إلى الخليج , ما زالت بعيدة كل البعد في تطرقها ومعالجتها لهذا الموضوع الحساس والهام للغاية , لتبقى الأسئلة والتساؤلات معا ترفرف في الهواء بدون أجوبة. لماذا تصرف ملايير الدولارات في بلداننا العربية على إقامة فضائيات تهدف إلى القضاء على الثمالة الباقية من أخلاق هذه الأمة ؟ لماذا الإصرار على هدم قيمنا وأخلاقنا و إفساد الناشئة من أبنائنا , من خلال نقل مواد مرئية على شكل سهرات ساقطة سافلة , من العلب الليلية إلى بلاطوهات التلفزة ؟ ما هذا المسخ وعدم الحياء ؟ .. لماذا لايفكر صناع المشهد الإعلامي في بلداننا العربية في إيجاد صيغ مفيدة لثقافة الطفل , كدعوة أجهزة التليفزيونات العربية والجهات المعنية مثلا للتعاون فيما بينها , لإنتاج رسوم متحركة توجه الطفل العربي , وتشجع الفنانين العرب عل ابتكار شخصيات كارتونية عربية محببة وما أكثرها , تحل محل النماذج الغربية ذات الانعكاسات السلبية ؟ وهناك نماذج للقيم العظيمة التي يمكن توظيفها واستغلالها من خلال الكارتون , مثل ربط حزام السلامة داخل السيارة , والحفاظ على نظافة البيئة , والعناية بالغابات وعدم التسبب في الحرائق بها , والتعاون مع رجال الشرطة , ورجال المطافئ وغيرها من القيم . أما السلبيات التي يمكن ان توجه إلى الطفل من خلال الرسوم المتحركة , منها على سبيل المثال عبورالأطفال للطريق بشكل خاطئ أضرار المخدرات ، التلوث البيئي ، أصدقاء السوء ، تخريب الممتلكات العامة ، المعاكسات الهاتفية ... وقد يستفيد حتى الكبار من هذه التوجيهات والبرامج .. وكل عام وفلذات أكبادنا بألف خير ..