أهالي سيدي بوزيد تعاطفوا مع شاب عاطل عن العمل قام بحرق نفسه إسماعيل دبارة من تونس تواصلت لليوم الثالث على التوالي الاشتباكات بين الشرطة وأهالي محافظة سيدي بوزيدالتونسية على خلفية إحراق شاب عاطل عن العمل لنفسه أمام الملأ، وقال النشاط النقابيّ والسياسي محمود الغزلاني ل(إيلاف) أن الوضع متوتر للغاية وأن الحكومة دفعت بتعزيزات أمنية هائلة لتطويق المدينة. ________________________________________ تونس: أكّد شهود عيان من محافظة (سيدي بوزيد) التونسية التي تقع على بعد 265 كلم جنوب العاصمة تونس، ل(إيلاف) تجدّد الاشتباكات بين شبان غاضبين والقوات النظامية يوم الأحد. وذكر الشهود أنّ اشتباكات عنيفة لازلت مستمرة بين الشرطة والأهالي في وسط المحافظة وبعض الأحياء الواقعة على الأطراف. ولم تتمكن التعزيزات الأمنية الكبيرة التي أرسلتها السلطات إلى مدينة سيدي بوزيد الفقيرة من السيطرة على الاحتجاجات المستمرة منذ 3 أيام تعاطفا مع شاب عاطل عن العمل أقدم يوم الجمعة الماضي على حرق نفسه أمام الملأ احتجاجا على تعرّضه للضرب من قبل شرطيّ في المدينة. وقام الشباب بإحراق نفسه مستعملا البنزين إثر تعرّضه للضرب على يد شرطيّ بلدية صفعه على مرأى الجميع في سوق المدينة بعد أن رفض الامتثال لأوامر بحجز الغلال والخضر التي كان يبيعها عل عربة مجرورة دون حمل ترخيص من البلدية. وفي إفادات خاصة ل(إيلاف) عبر الهاتف، قال النشاط السياسيّ والنقابيّ محمود الغزلاني إنّ الحكومة دفعت بتعزيزات أمنية هائلة صباح الأحد وطوّقت مدينة سيدي بوزيد من كل النواحي، في حين شهدت المدينة اشتباكات متقطعة. وقال الغزلاني ل(إيلاف): كنا ننتظر من الحكومة معالجة غير أمنية لملفّ البطالة وسوء توزيع الثروة التي أثرت على الجهة، إلا أنها دفعت بالمزيد من رجال الشرطة لقمع المحتجين”. وأظهرت مقاطع فيديو بثها مشتركون تونسيون على شبكة فايسبوك سيارات الشرطة وهي تطارد المتظاهرين في شوارع المدينة التي اندلعت فيها أعمال شغب غير مسبوقة واعتقلت منهم العشرات، كما أظهرت الصور رشقا متبادلا بالحجارة بين الشرطة والشباب الغاضب، وإطارات محروقة واعتداءات بقنابل الغاز المسيلة للدموع من قبل الأمن التونسيّ. ولا تزال الأنباء متضاربة حول مصير الشاب الذي أقدم على حرق نفسه بسبب وضعه المعيشيّ الصعب واعتداء رجل الشرطة، وذكر محمود الغزلاني كاتب عام جامعة الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض في سيدي بوزيد لإيلاف أنّ معلومات غير مؤكدة تشير إلى وفاة الشاب محمد بو عزيزي الذي يبلغ من العمر 26 عاما وهو خريج الجامعة التونسية وعاطل عن العمل منذ سنوات، في حين تقول مصادر أخرى انه يتلقى العلاج بالمستشفى العسكريّ بالعاصمة تونس وأنه في حالة حرجة. وتشير الأنباء الواردة من محافظة سيدي بوزيد المضطربة إلى أنّ مئات المتظاهرين رشقوا مقر الولاية وسيارات الأمن ورجال الشرطة بالحجارة وأضرموا النار في سيارة خاصة رابضة أمام مقرّ حزب “التجمع الدستوري الديمقراطي”الحاكم ورشقوا مقر الحزب بالحجارة وهشموا واجهات بعض البنوك وواجهة فضاء تجاري كبير وأشعلوا إطارات مطاطية وحاويات قمامة في طرقات المدينة، كما أصيب رجال شرطة بجراح متفاوتة الخطورة وشوهدت سيارات إسعاف وهي تقلهم إلى مستشفى المدينة لتلقي الإسعافات. ويقول أهالي سيدي بوزيد التي يسكنها نحو 40 ألف ساكن إنها محافظة “محرومة” من التنمية نتيجة السياسات التنموية الخاطئة للحكومات المتعاقبة في عهد الرئيس زين العابدين بن علي، وتعول الولاية بشكل أساسي على الزراعة وترتفع فيها معدلات البطالة خاصة في صفوف خريجي الجامعات. ويقول الناشط السياسي والنقابيّ محمود الغزلاني ل(إيلاف): أحداث سيدي بوزيد أعادت شبح احتجاجات الحوض المنجمي الدامية في 2008، وأحداث احتجاجات بن قردان منذ أشهر قليلة، الحكومة لم تعد قادرة على لجم الاحتجاجات التي تتفجر نتيجة تردي الأوضاع الاجتماعية”. ويضيف: هنالك حالة احتقان شديدة وشعور بالظلم والحيف الاجتماعي لا يجد من السلط الرسمية إلا التجاهل و الصدّ، نحن نحمّل الحكومة المسؤولية كاملة لما يمكن أن ينجر عن هذه الأحداث من توترات ومنزلقات خطيرة ونلح على ضرورة مراجعة الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية في اتجاه التوزيع العادل للثروات ودفع التنمية في الجهات المحرومة و في مناخ من الشفافية وتكافؤ الفرص و فتح مجالات التعبير الحر لكل فئات التونسيين و أولهم شباب البلاد”. يشار إلى أن وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية تجاهلت تغطية أو التعليق على الاحتجاجات الدائرة في محافظة سيدي بوزيد، في حين تحدث وكالة “تونس أفريقيا” للأنباء الرسمية عن “ندوة فكرية”نظمها الحزب الحاكم بالمدينة وتحدثت عن “صواب المنهج الإصلاحي للرئيس زين العابدين بن علي وما يتميز به من شمولية وتنوع وثراء ومن تأكيد على تعزيز حقوق الإنسان التي يعتبر رئيس الدولة أنها متماسكة ومتكاملة ولا تفاضل بينها. وتمضي الوكالة قائلة:” تونس تمكنت، بفضل شمولية مقاربتها في مجال النهوض بحقوق الإنسان، من النجاح في تحقيق المعادلة بين التنمية والديمقراطية وفي تمكين المواطن التونسي من حقه في النماء وتقاسم عائدات الخيرات والرقي الاجتماعي من جهة وحقه في المشاركة السياسية وإبداء رأيه في القضايا الوطنية من جهة أخرى”.