استيقظت بلجيكا يومه السبت على ميلاد أزمة سياسية جديدة. ففي ندوة صحفية بمقر البرلمان الفدرالي أعلن إليو دي روبو Elio Di Rupo رئيس الحزب الاشتراكي الفرنكفونيPS عن تقديم استقالته للملك بعد أربعين يوما من المفاوضات قصد إعداد أرضية تشكيل الحكومة وطلب إعفاءه من مهمته كمفاوض أولي. وبينما لم يقرر الملك رسميا بعد في مصير هذه الاستقالة الثانية بعد رفضه قبول الاستقالة الأولى يوم الأربعاء الماضي، فإن الجو السائد هو أن الاستقالة فعلية وإن كان الغرض من عدم قبولها بشكل مباشر هو إعطاء انطباع عام بوجود إمكانية البحث عن حل وإعداد شخصية جديدة للوساطة. ورغم التقدم الكبير الذي تم تحقيقه في خلافات أساسية تتعلق بنقل صلاحيات كبيرة وإضافية للجهات وكذا تسوية موضوع بروكسيل- هال- فيلفورد الشهيرة اختصارا ب BHV إلا أن مواضيع خلافية أساسية تتعلق بتمويل بروكسيل العاصمة أدت لفشل المفاوضات. وكما هو الأمر دائما في بلجيكا، فصحافة الشمال والجنوب لها تقييم وقراءة مختلفة للأحداث. فمع إعلان خبر تقديم هذه الاستقالة بادر الإعلام الفرنكفوني في بلجيكا إلى اتهام رئيس حزب التحالف الفلاماني الجديد NV-A، أكبر الفائزين في انتخابات 13 يونيو الماضي، وتحميله المسؤولية الكبرى في فشل المفاوضات ومعه وإن بشكل أقل حزب رئيس الوزراء الحالي CDV. أما في الصحافة الفلامانية فالفشل يتحمله معا رئيسا أكبر حزبين فائزين في الانتخابات أي إليو دي روبو Elio Di Rupo نفسه وبارت دي ويفرBart De Wever خصوصا وان رئيس الحزب الاشتراكي رفض فكرة مفاوضات ثنائية بين الحزبين. هذا الأخير من جهته ومن خلال بيان سريع من حزبه برر فشل مفاوضات آخر فرصة بعدم تقديم رئيس الحزب الاشتراكي أي جديد في مذكرته ليوم الجمعة بالمقارنة مع المذكرة الأولى. كما حمل بيان الحزب بشدة على الأطراف الفرنكفونية التي حاولت - حسب بيان الحزب- عزل الحزب عن الأطراف الستة الأخرى المشاركة في المفاوضات وبشكل خاص دق إسفين بينه وبين بقية الأحزاب الفلامانية. وفي تصريح لمحطات التلفزيون اعتبر De Wever Bart أن فشل المفاوضات هو فشل لجميع الأطراف المشاركة في المفاوضات وليس لطرف دون آخر وفي لهجة حاسمة طالب الأحزاب الفرنكفونية بالكف عن لعب دور الأطفال. وأمام هذا الواقع الجديد/القديم لم يعد أمام الملك ألبرت الثاني الكثير من الخيارات سوى مواصلة المشاورات بين الأحزاب في الساعات والأيام القادمة وفي أحسن الأحوال تكليف شخصية جديدة على شكل وسيط أو "نازع للألغام" ليحاول إيجاد تراضي حول نقاط الاختلاف الأساسية حول تمويل بروكسيل وقوانين المالية للفترة التشريعية القادمة. ويبدو أن الخلاف التاريخي حول جهة بروكسيل العاصمة تشكل العقبة الكأداء نظرا لاختلافات جوهرية حول الموضوع بين الأحزاب الفلامانية والفرنكفونية وإمكانية بقاء هذه الجهة من عدمه.