صحيحٌ أن للصورة تأثيرها وقوتها السلبية أو الإيجابية لدى المتلقي؛ إلا أن للكلمة تأثيرا أكبر وأعمق أحياناً، خصوصاً حينما يتعلق الأمر بسبر خبايا ما عهدناه في مجتمعاتنا في حكم الطابوهات. ولعلَ الصحافي والروائي البريطاني روديارد كبلينغ كان محقاً حينما قال ذات مرة إن "الكلمات هي أقوى مخدر تستعملهُ الإنسانية". ينطبقُ المقال هنا على قنوات تلفزيونية عربية بعينها تلك التي تَنقلُ إلينا الدراما والسينما الأجنبية إلى قعر ديارنا في غياب مقص الرقيب الواجب تجاه الشاشة الفضية. منذ يومينِ، شاهدتُ مسلسلاً أمريكياً صنفته قناة مجموعة إعلامية عربية معروفة على أنه "كوميدي" وروجت له أنه "لكل أفراد العائلة". حسبتُ في بادئ الأمر أنها تلك الكوميديا التي لا تتعدى مواضيعها وقائع الحياة العامة لشخصيات معينة، إلا أن "The Mindy Project" الذي تُجسد بطلته دور طبيبة موهوبة وطموحة وسط محيط تؤثثه عرقيات وميولات مختلفة (في تأكيد على الصورة النمطية ذاتها التي رسختها هوليوود عن المصحات والمستشفيات وعن الأطباء والممرضات) يغوص في الخصوصيات وفي الجانب الحميمي للشخصيات. ولعلَ ما يصدم المتلقي المشاهد والقارئ في الآن نفسه لما يترجم أسفل الشاشة أن العمل المذكور موغلٌ في كل ما هو بعيد عن الآداب المنظمة لأي مجتمع؛ بل بعيد بُعد المشرق عن المغرب عن تعاليم الديانات الثلاث.