الاحتفال السنوي بذكرى الإسراء و المعراج بسم الله الرحمن الرحيم " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " [الإسراء:1]. تنظم الطريقة الصوفية العلوية المغربية بزاويتها بمدينة مكناس الكائنة ببرج مولاي عمر ، احتفالا دينيا روحيا بمناسبة ذكرى الإسراء و المعراج يوم السبت 24 رجب 1438 ه الموافق 22 أبريل 2017 م بعد صلاة المغرب، تحت شعار " الإسراء و المعراج : صدق و يقين ". تحل ذكرى الإسراء و المعراج كل رجب بدلالاتها و معانيها التي تذكرنا بعظمة الرسالة المحمدية و وتنبهنا إلى بذل مزيد من الجهود للوصول إلى المراد و هو مقام العبودية "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " [الذاريات : 56]. و من الأسس اللازمة لتحقيق الوصول إلى هذا المقام المنشود التحلي بصفتي الصدق و اليقين.
فالصدق هو بداية طريق نجاة العبد من ظلمات النفس و وساوسها. و بملازمة هذه القيمة الأخلاقية و المثابرة عليها يكتب العبد عند الله صديقا (وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا - الحديث). إلا أن المحافظة عليه تقتضي ثبوتا في الإيمان و التزود بزاد التقوى و مصاحبة أهل المحبة و الصدق و التقى و يكون من المتقين "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" [التوبة : 119]. كأن الصدق مع الله و في الله و بالله معراج المؤمن " مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ " [الأحزاب : 23]. و اليقين بمختلف مراتبه هو درجة الصفاء من الشكوك بخالص التصديق، وهو من صفات المؤمنين المتقين الذين وصفهم الله "وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ " [البقرة : 4]. و هو سكون القلب عند العمل و ثمرة إفراد الوجهة لله عز و جل. فالصدق مع اليقين معراجك إلى درجة الصديقية " فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ " [القمر : 55].
إن الصدق يورث قوة الإيمان و اليقين يورث طمأنينة الباطن و هما جزء من المنهج المحمدي و وسيلة أساسية لتزكية النفوس و الوصول إلى مقام العبودية لله. و معجزة الإسراء و المعراج بينت كيف أن صدق و يقين الصحابة رضي الله عنهم تجاه رسول الله صلى الله عليه و سلم و دعوته أورثهم درجات عليا من رضى الله و رضى رسوله " وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ " [التوبة : 100].
و نغتنم هذه المناسبة التي تحييها الطريقة سنويا و بما تحمله من أنوار و نفحات و أسرار ربانية، لندعو الله سبحانه و تعالى أن يحفظ أمير المؤمنين و سبط الرسول الأمين مولانا جلالة الملك محمد السادس و ينصره نصرا عزيزا ، و يحفظه في ولي عهده و سائر الأسرة الكريمة ،و أن يجعل هذا البلد آمنا مطمئنا سخاءا رخاءا إنه سميع مجيب. و الدعوة عامة لحضور هذا الحفل.