أحمد أحمد فال يكتب: ما جاء بالعزة والبرهان لا ترهبه الذلة والهوان    فرحات مهني يكتب عن قرب سقوط النظام الجزائري            بعد المصادقة عليه.. صدور قانون مالية 2025 بالجريدة الرسمية    7250 سوريا عادوا إلى بلدهم عبر الحدود الأردنية منذ سقوط الأسد    ما قصة نسيم خليبات الفلسطيني الحامل للجنسية الإسرائيلية الذي سلمه المغرب لإسرائيل؟    ريكاردو سابينتو يلوح بالرحيل: ظروف الرجاء لا تسمح بالاستمرار    الركراكي يرافق المنتخب المغربي في نهائيات كأس إفريقيا للمحليين    العصبة تكشف عن برنامج الجولة 16 أولى جولات الإياب    الملك: لا ينبغي على الجهات إغفال المخاطر والأزمات لأنها قد تواجه جملة من التهديدات المتنامية    كيوسك الجمعة | "أنابيك" تنظم عملية انتقاء العاملات الفلاحيات للعمل بإسبانيا    الأرصاد الجوية تحذر من تساقطات ثلجية نهاية الأسبوع    دفاع بعيوي: تصريحات اسكوبار الصحراء متناقضة وغير مدعومة بأي بحث وتحري    رابطة الدوريات ترفض تقليص عدد الأندية    السينغالي مباي نيانغ يعلن رحيله عن الوداد ويودع مكونات الفريق برسالة مؤثرة    نشرة انذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800م    جديدة قضية "ولاد الفشوش".. الخطيب يتنازل عن الشكوى والمحامية الفرنسية تصر على موقفها    بعد اعتقالهم من طرف الأمن المغربي.. الولايات المتحدة تبدأ محاكمة تجار مخدرات دوليين    وفد دبلوماسي أمريكي يصل إلى سوريا    إضرابات القطارات في سيدني تهدد احتفالات ليلة رأس السنة الجديدة    الجمعية العامة الأممية تتبنى القرار المغربي بشأن السياحة المستدامة    كأس الرابطة الانجليزية.. توتنهام يتأهل لنصف النهاية على حساب مانشستر يونايتد    السوداوية المثقفية    سوريا إلى أين؟        عامل إقليم الجديدة يعقد لقاء تواصليا مع المجلس الجماعي لجماعة بولعوان    الحكم بالحبس ضد سائق "InDrive" بعد اعتدائه على زبونة بطنجة    بوساطة من الملك محمد السادس.. إطلاق سراح أربعة فرنسيين كانوا محتجزين في بوركينافصو    أخنوش: مشروع محطة "موكادور" يرسخ مكانة المغرب كوجهة سياحية رائدة    الزعيم يسقط في فخ التعادل أمام الوداد    المنتخب المغربي ينهي سنة 2024 في المركز ال14 عالميا    لجنة دعم السينما تعلن عن المشاريع المستفيدة من دعم دورة 2024    وزارة السياحة المصرية تنفي تأجير أهرامات الجيزة ل MrBeast    اختتام الاجتماع التشاوري بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الليبيان ببوزنيقة بالتأكيد على استمرار المشاورات    تسجيل وفيات بجهة الشمال بسبب "بوحمرون"    سلطنة عمان .. باحثة مغربية من جامعة ابن زهر تفوز بجائزة "أطروحتي في 1000 كلمة"    مديرية الضرائب توضح بخصوص الفواتير المتأخرة في الأداء اعتبارا من فاتح دجنبر 2024    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    أرخص بنسبة 50 بالمائة.. إطلاق أول دواء مغربي لمعالجة الصرع باستخدام القنب الطبي    الدشيرة الجهادية تحتفي بفن الرباب الأمازيغي    اِسْمَايَ الْعَرَبِيَّانِ الْجَرِيحَانِ    «بذور شجرة التين المقدسة» لمحمد رسولوف.. تحفة سينمائية تحط الرحال بمهرجان مراكش    ميرامارْ    ألمانيا تمول السياسة المناخية للمغرب    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    المغرب – ألمانيا: التوقيع بالرباط على اتفاقية بقيمة 100 مليون أورو لتمويل برنامج دعم السياسات المناخية    الخطوط الملكية المغربية تستعد لاستئناف الخط المباشر الدار البيضاء – بكين بتوقيع 16 اتفاقية        بورصة البيضاء تبدأ التداولات ب"الأخضر"    في اليوم العالمي للغة الضاد…مقاربة اللغة العربية من زاوية جيو سياسية    تطوان تُسجّل حالة وفاة ب "بوحمرون"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا دمرت "رعونة" الشيخ بوهريز ما تبقى من حزب الأحرار بطنجة
نشر في شمالي يوم 22 - 09 - 2015

نتائج انتخابية صادمة، ومكانة سياسية في الحضيض، ووضع داخلي مترهل، وصورة خارجية تلتصق بها أوصاف "الخيانة" و"الخديعة"، وأسئلة حرجة حول مستقبل الحزب وحاضره، وأسئلة أكثر حرجا حول الرجل الذي ظل يقود "التجمع" منفردا لسنوات طويلة.
حتى في أكثر الكوابيس قتامة ورعبا، لم ينتظر أنصار "الحمامة" أن يروها على هذه الوضعية التي يرثى لها، لكن ما بدا موضع إجماع في داخل الحزب كما خارجه، هو أن المسؤول الأول والأكبر عن تشذيب جناحي الحمامة بهذا الشكل البشع هو منسقه الجهوي محمد بوهريز.
شاخ الرجل فَشَاخ الحزب
"ربما تقدم بك العمر يا سيد بوهريز"، هكذا خاطبت القيادة الوطنية للتجمع الوطني للأحرار بارون الانتخابات، وأحد قوى رجال السياسة بمدينة البوغاز خلال السنوات السابقة، محمد بوهريز، بعدما رأت زمام السيطرة على الحزب يتفلت من بين أصابعه، إبان مرحلة الاستعداد لوضع اللوائح الانتخابية لحزب الحمامة، والتي اضطر لترقيعها وملئها بما تيسر أمامه، بعد انسحاب لائحتين كاملتين، كان الحزب يراهن عليهما.
أزمة تشكيل اللوائح الانتخابية، والتي نقلت قيادات محلية بارزة في "التجمع"، من ظهر الحمامة إلى مقعد "الجرار"، يرجع سببها الرئيس إلى بوهريز نفسه، الذي حاول فرض أسماء تربطه بها علاقات العائلة والمصاهرة في المراكز الأولى للوائح، رغما عن أنف أعضاء الحزب الآخرين.
ويبدو أن قيادة الحزب أدركت متأخرة أن بوهريز بلغ من الكبر عتيا، وأن اقتران اسم الحزب باسم الرجل جعلت شيخوخته تنتقل إلى المؤسسة، وكان لا بد من توقع بداية النهاية، ومعها النتائج الكارثية على مستوى مدينة طنجة، وعلى مستوى جهة طنجة تطوان الحسيمة.
الحمامة تريد أن تصير غرابا
رغم أن الأسطورة تقول إن الغراب هو من أراد تقليد مشية الحمامة فضيع مشيته ولم يتقن مشيتها، فإن الواقع اليوم يقول إن الحمامة هي من حاولت تقليد مشية الغراب، وفشلت فشلا ذريعا، فحزب الأحرار الذي كان احتل صدارة المشهد السياسي بطنجة بعد انتخابات 2009، عاد ليتوارى اليوم إلى الخلف، مختبئا في ظل الجرار، الذي اكتسحت عجلاته عشها دون رحمة.
بوهريز ضيع فرصة تقوية الحزب قبل ست سنوات، عندما انصاع – طوعا وكرها – للتهديد والابتزاز، وخان عهدا موقعا ومنشورا في وسائل الإعلام لتولي عمودية المدينة، بالتحالف مع العدالة والتنمية والاتحاد الدستوري، وحمل مرشحي الجرار إلى عمودية المدينة تواليا.
ويبدو أن ساكنة طنجة تملك ذاكرة سياسية أقوى مما توقع بوهريز، ولم يستوعب ذلك إلا مساء الرابع من شتنبر وهو ينتظر في وضع لا يحسد عليه بلوغ أغلب لوائح حزبه العتبة من أجل دخول مجلس المدينة، ولم يكن له ذلك في بعض المقاطعات إلا بعدما كادت الروح تبلغ الحلقوم.
كارثة النتائج ورعونة قراءتها
نتائج الانتخابات كانت تحمل رسائل واضحة لبوهريز، فحزب الأحرار دفع ثمن تحالفه مع حزب الأصالة والمعاصرة، لينتقل عدد مقاعده من 23 إلى 9، ويتراجع من المرتبة الأولى إلى الثالثة، وكأن ساكنة طنجة تقول لبوهريز: "ما دمت تتخلى طوعا عن الرتبة الأولى لحزب بتمثيلية صغيرة فسنجعل تمثيليتك في المجلس تصغر من البداية".
لكن حتى النتائج الكارثية لم تجعل بوهريز يستفيق من غيبوبته السياسية، وبدلا من الحفاظ على ما تبقى من تواجد الحزب في المدينة، والسعي لتحالف منطقي في إطار الأغلبية الحكومية، مع حزب العدالة والتنمية، على مستوى مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، ينعكس تلقائيا على مجلس مدينة طنجة، مشاركة في التسيير، عاد بوهريز إلى ممارسة هوايته المفضلة، "خيانة المواثيق".
بوهريز لم يبحث عن شيء للحزب، ولم يقرأ الوضع كما يجب أن يقرأ، بل قام بحساباته الشخصية الخاصة، وحاول ضمان موقع له ولابنه المدلل حسن، في المشهد السياسي المحلي، دون التفات إلى ما سيجنيه ذلك على ما تبقى من حزب الحمامة، وهي رعونة لم تناسب أبدا مقام الرجل وعمره السياسي، الذي يفترض وجود قدر من الحكمة والتبصر.
ثمن الخيانة وتجرع كأسها
تماما كما فعل سنة 2009، بل بشكل أكثر وضوحا، أقدم بوهريز مجددا على خيانة تحالفه مع حزب المصباح، واختار – ترغيبا أو ترهيبا – الارتماء في حضن إلياس العماري، لضمان موقع ما على طاولة المشهد السياسي، وكانت التفاهمات تقضي بنقض عهد التحالف الحكومي، في مقابل منصب النائب الأول لرئيس الجهة، وهو الموقع الذي كان بوهريز يمني النفس بأن يجعله عمليا الرئيس الفعلي للجهة، ليستثمره في إعادة بعض ماء الوجه.
لكن "الخائن" لا بد أن يتجرع من نفس الكأس، وتفاهمات بوهريز مع العماري بالليل محاها الصباح، وانقشع غبار الاقتراع على رئيس الجهة ومكتبه، إزاحة بوهريز إلى منصب النائب الثاني، وهو ما جعله يبدو في وضع يرثى له، محاولا تجرع كأس الخيانة المر.
رغم ذلك كان لا يزال لدى بوهريز أمل في "إخوان العبدلاوي"، اتصل بهم، والتقاهم، ورجاهم أن لا يتركوا حزبه يموت، ألح عليهم في تفهم موقفه وخيانته لهم في الجهة، وتجاوز كل ذلك في تشكيل مجلس المدينة ومجالس المقاطعات، وطلب مقاعد لابنه حسن وأخت زوجته سعيدة شاكر في مواقع التسيير، لكن الرد جاءه لبقا وحاسما في نفس الوقت. فأي وجود للحمامة إلى جانب المصباح، بعد كل ما حصل، سيجر على العدالة والتنمية غضبا شعبيا هي في غنى عنه.
الأحرار خارج جميع المعادلات
لم يحصل بوهريز الأب على ما كان يتمناه في مجلس الجهة، ولم ينتزع لابنه المدلل موضعا في مجلس المدينة، ولا يبدو أنه سيكون قادرا على الحصول على شيء في مجلس العمالة، كما أن كل أوراقه الرابحة احترقت أو انفضت من حوله.
وضع قاتم للغاية، يعيشه بوهريز كما يعيشه الحزب، فست سنوات خارج التسيير كافية لتعلن وفاته السياسية، ومدينة طنجة ذهبت كما ذهبت مدن الجهة الأخرى، باستثناء العرائش، التي لن تسمن الحمامة ولن تغنيها من جوع، وما لم يتدارك شخص أو تيار ما الوضع خلال السنة المقبلة فإن نتائج حمامة الشمال في الانتخابات البرلمانية ستكون كارثية أكثر.
الشيخ بوهريز مطالب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بالذهاب إلى إحدى فيلاته الفاخرة، واعتزال العمل السياسي، وترك جيل آخر يقود حزب الحمامة، بعيدا عن منطق العائلة، قبل أن ترميه حركة تصحيح داخلية، بدأت معالمها في التشكل، بعدما قال الشعب كلمته خارجيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.