بين نقاش هادئ ورزين من عقلاء محبي المغرب التطواني، وآخر فضفاض صبياني لا يستند على حب النادي أو مصلحته وإنما يتأسس على المثل الشعبي القائل "شعندك مزغب". عديدة هي النقاشات التي تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات تعنى بشؤون نادي الحمامة البيضاء. منها من ينتقد بشكل عقلاني ويقدم حلول للمشكلة المستعصية التي يواجهها المكتب المسير، وأخرى همها الوحيد الهجوم غير المبرر بمناسبة أو بأخرى. لا يختلف اثنان في أن فترة الرئيس السابق "عبد المالك أبرون" بإيجابياتها وسلبياتها تعد الأفضل في تاريخ النادي التطواني، وهي الفترة التي يمكن أن نسميها ب"المجيدة" بالنظر للألقاب التي حققها الفريق وبالمشاركات العالمية والإفريقية والعربية. "عبد المالك أبرون" ساهم في نقلو نوعية للكرة التطوانية من فريق المصعد (طالع نازل) إلى فريق يضرب له ألف حساب في الدوري المحلي ويوضع كل موسم على رأس الأندية المرشحة للفوز باللقب، بل إن الرجل قلب الموازين في سوق انتقالات اللاعبين وطنيا ورفع من أسهمها. كل ما حققه الداهية "أبرون" مع النادي التطواني تم مسحه بجرة قلم وبممحاة من ذاكرة بعض الجماهير بعد أن استهلك الرجل وقته وصحته وماله في خدمة الكرة التطوانية وبات شعار "أبرون إرحل" يغزو ويتصدر صفحات التواصل الاجتماعي وبالمدرجات وعلى جدران الشوارع، غير شافعة لماضي الرجل وإنجازته. رحيل "أبرون" كان حتميا بعدها وبتصميم ورغبة منه، بعد تسليمه المشعل لنائبه وخليفته "رضوان الغازي" الذي بدأ مسيرته بأخذ فريق منهك ومثقل بالديون ومستحقات اللاعبين والمدربين، حيث لجأ أغلبهم للفيفا أو جامعة الكرة للمطالبة بها واستخلاصها، حتى أن منحة النادي لدى الجامعة صرفت كلها في هذا الاتجاه لتفادي العقوبات المحتملة والتي قد يصل بعضها إلى خصم نقاط من رصيده أو إنزاله للقسم الموالي. - Advertisement - طيلة ثلاث سنوات من رئاسة "الغازي" للنادي، كان فيه قاب قوسين من مغادرة قسم الصفوة لولا تجند بعض رجالات المدينة حوله والجماهير حيث رفعت شعار "المستحيل ليس تطوانيا" تمكن خلالها من المحافظة على مكانته رغم المؤامرات والضغوط التي شنت ليكون هو النازل بدل فريق آخر. ومع ذلك ظلت بعض الصفحات همها الوحيد هو مهاجمة المكتب المسير وسياسته، على أمل إعلان فشله أو رحيله تنفيذا ربما لأجندات خاصة. التسيبر الكروي لا يمن أن تتفادى فيه الأخطاء سواء على مستوى اختيارات المدربين أو التعاقد مع لاعبين، كما لا يمكن أن ينظر للمستوى الفارغ فقط من الكأس لمهاجمة النادي ورئيسه وحتى اللاعبون أحيانا لا يسلمون من السب والقذف والتجريح. هي عقلية صبيانية ابتليت به الكرة التطوانية وتفرخت داخل فضاءات التواصل الاجتماعي وصفحات تحمل اسم المغرب التطواني لا يعلم من يقف وراءها أو يسيرها، خصوصا بعد أن حرمت جائحة كورونا الجماهير من ولوج الملعب، وبالتالي بات التنفيس عن مشاعر العداء للمكتب المسير برئاسة "الغازي" الملاذ الوحيد لهذه الفئة التي لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب. بالأمس كان "أبرون" محبوب الجماهير ورئيسها الروحي حتى تحول بين يوم وليلة إلى عدوها ومطالبة برحيله وتخليص النادي من قبضته كما كانت تروج ساعتها، واليوم على نفس المنوال تسير هذه الفئة التي كانت تنظر ل"الغازي" كرجل المرحلة والخليفة الأفضل ل"أبرون" على رأس النادي حتى بات هو الآخر مغضوبا عليه ومطالبا بالرحيل في كل مباراة تعادل فيها الفريق أو انهزم وحتى في الانتصار تخرج التبريرات لمهاجمة "الغازي" ومكتبه. بين "أبرون والغازي"، ستظل فئة محسوبة على جمهور النادي لا هي ترى في عودة الأول ولا استمرار الثاني أي فائدة ترجى، ولا هي تقدم مرشحا ذو كفاءة كبديل للإثنين ولا هي يعجبها العجب ولا الصيام في رجب. وسيظل العقلاء هم من يفيدون النادي بآرائهم ومقترحاتهم مشبعين بحب النادي واللونين الأبيض والأحمر قبل كل شيء وبعيدين كل البعد عن خدمة الأجندات حتى السياسية منها.