شعب بريس – وكالات من يعبر عن رأيه على صفحات فيسبوك أو تويتر، عليه أن يضع العواقب في ذهنه. تزايدت في الآونة الأخيرة حالات أدى فيها نشر صورة أو شريط فيديو أو مجرد عبارة مكتوبة إلى الفصل من الوظيفة، أو المحاكمة، بل وحتى السجن. المحامون في هولندا لاحظوا تزايد عدد الخلافات القانونية الناجمة عن استخدام غير موفق لشبكات التواصل الاجتماعي.
هناك الكثير من الأمثلة، ومن كل أنحاء العالم. على سبيل المثال التصرف غير المحسوب من قبل العاملين الأمريكان في شركة دومينو للبيتزا. وضع هؤلاء العمال مقطعاً على اليوتيوب يظهر فيه بعض العمال وهم يدخلون قطعة جبن في أنوفهم، ثمّ يضعونها في خلطة البيتزا. شريحة لحم (سلامي) استخدمت كورق توالي ثم وضعت هي الأخرى في البيتزا. كانت مجرد مزحة، لكن رب العمل لم تعجبه هذه الفكاهة، وقرر فصلهم فوراً.
الهولندي يوهان مينكيان، عمل جولة بالدراجة الهوائية في منطقة الألب الفرنسية، لكنها كلفته الكثير. فقد نشر على موقع "هايفس" للتواصل الاجتماعي، عن نجاحه في إكمال الجولة الجبلية، بينما كان في الوقت نفسه متوقفاً عن العمل ويتقاضى المنحة الشهرية الحكومية بسبب العجز عن العمل لأسباب صحية. ولكن حين انتبه صندوق التأمين من خلال أنشطته الرياضية التي ينشرها على الانترنت، قرر عدم استحقاقه للمنحة، وصار مطالباً بإعادة كل المبالغ التي تسلمها.
حرية التعبير
حسب المحامية الهولندية المختصة بقضايا العمل ماريسكا آنتشيس، فإن شركة التأمين كانت على حق: "من حقهم استخدام هذه المصادر للمعلومات، لأنها مصادر عامة. إذا كان الحساب الشخصي للعامل على هذه المواقع مفتوحاً ومتاحاً للجميع فإن من حق رب العمل أو شركة التأمين أن تطلع عليه."
"الجميع من حقه أن يتمتع بحرية التعبير عن الرأي" تقول المحامية، ثم تستدرك: "إذا كان نشر الرأي يسبب ضرراً لربّ العمل يصبح الأمر مختلفاً. إذا كان اسم شخص ما مرتبطاً بشركة أو مؤسسة، وتسبب هذا الشخص بإساءة أو ضرر لها، فيمكن أن يشكل ذلك مبرراً للفصل من الوظيفة." وتشبه المحامية آنتشيس الأمر، بالحديث أثناء الاستراحة في مكان العمل، فما تقوله لأحد الزملاء في الاستراحة، يمكن أن يتسبب لك بالمشاكل مع ربّ العمل.
حماية المعلومات الشخصية
لكن المحامية المختصة بقضايا الإنترنت، ميليكا أنتيك، ترى أن الأمر ليس بهذه البساطة. ترى السيدة انتيك أن قيام شركة التأمين بمراقبة صفحة الفيسبوك لأحد العاملين يتعارض مع قانون حماية المعلومات الشخصية: "أنت تنشر شيئاً لكي تتقاسمه مع أصدقائك، وليس لإطلاع رب العمل أو شركة التأمين." صحيح أن هيئة حماية المعلومات الشخصية اعتبرت أن المعلومات المنشورة على الإنترنت "عامة"، ولكن "هناك فارق بين فيسبوك، وبين المدونة التي يعرف صاحبها أنها للجميع. لقد اكتشفت شخصياً قبل فترة أن بياناتي الشخصية يمكن الوصول إليها من خلال غوغل، رغم أني كنت أعتقد أن حسابي محمي بشكل جيد"، على حد قول المحامية أنتيك.
الخاص والعام
المحامي رينزو تر هاسبورخ، سبق له أن حذر في عام 2010 من عواقب أن ينشر المرء على مواقع التواصل الاجتماعي شيئاً يمكن أن يسبب إحراجاً لربّ العمل. يقول السيد تر هاسبورخ: "إذا قام صاحب شركة التأمين أو ربّ العمل بالدخول إلى حسابك الشخصي على فيسبوك تحت اسم غير حقيقي، فهذا يعتبر تضليلاً وغشاً."
حسب رأي السيد تر هاسبورخ فإنه "الحدود بين الخاص والعام أصبحت غائمة. طبعا أنت لا تتحدث عن أمر سري في عربة قطار مثلاً، ونفس الأمر ينطبق على مواقع التواصل الاجتماعي، ويضاف لذلك أن هذه المواقع أكثر انكشافاً."
خسارة الوظيفة بسبب تويتر
"التغريدات" على موقع تويتر هي الأخرى يمكن أن تجر إلى عواقب كبيرة. فقد فقدت إحدى مفوضات الشرطة الهولنديات وظيفتها لهذا السبب. فبعد أن تم العثور على جثتين في أحد المنازل، كتبت على تويتر: "في هذا الحي لا بدّ أن الأمر يتعلق بعنف منزلي." لاحقاً تبين أن سبب الوفاة هو اختناق بالغاز. عوقبت مفوضة الشرطة بتجميدها من العمل، ثم نُقلت لاحقاً إلى مكان آخر.
في البرازيل ارتكب أحد المدراء خطأ من خلال تشجيعه لأحد النوادي لكرة القدم، عبر "تغريدة" تويتر، بينما كانت الشركة التي يعمل فيها هي الراعي الرسمي للفريق الخصم. وكانت النتيجة: الفصل من الوظيفة.
الساسة والصحفيون يقعون أيضاً في هذه الأخطاء. في حادثة مشهورة، فقدت المذيعة الأمريكية أوكتافيا نصر وظيفتها لدى شبكة سي أن أن، بسبب تعبيرها من خلال تويتر عن الحزن لوفاة آية الله محمد حسين فضل الله. ووصفت رجل الدين الذي كان يعتبر الأب الروحي لحزب الله، بأنه "عملاق أحترمه".
شتائم فيسبوك أمام القاضي
في دولة سورينام أدى تبادل للشتائم على صفحة فيسبوك إلى قضية في المحكمة. حكم القاضي على كلا الطرفين بأن يعتذرا لبعضهما على الفيسبوك، ومن لا يفعل فعليه غرامة مالية. وجاء في الحكم: "كل شخص اطلع على الكلمات المسيئة يجب أن يكون بإمكانه أن يطلع على التصحيح. والوسيلة الوحيدة لبلوغ الأشخاص أنفسهم هي الفيسبوك."
في بعض الحالات تكون العواقب أسوأ. قصة السعودي حمزة الكشغري مثال جيد، فبعد أن عبر عن رأي شخصي بالنبي محمد اعتبره البعض مسيئاً للنبي، أصبح مطارداً من السلطات السعودية، وهدفاً للتحريض من قبل أطراف دينية واجتماعية كثيرة. ولم ينفعه الهروب من بلاده، حيث ألقي عليه القبض في ماليزيا وتم تسليمه للسلطات السعودية. شيء مشابه حدث للاندونيسي الملحد ، والموظف الحكومي، الكسندر آن، الذي كتب على صفحته للفيسبوك "لا يوجد إله." تعرض اثر ذلك لهجوم من قبل حشد من الغاضبين، الذين اعتدوا عليه بالضرب، ثم سلموه إلى مركز الشرطة، حيث لا يزال معتقلاً. من المحتمل أن يعاقب السيد آن بالسجن خمس سنوات والفصل من الوظيفة، حيث يعتبر الإلحاد مخالفة للدستور الاندونيسي.
تكرر الأمر نفسه مع طالب جامعي مصري من الأقباط، حيث انتهى إلى الزنزانة بسبب عبارة كتبها على الفيسبوك، اعتبرت مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه و سلم . قام عدد من المسلمين الغاضبين برمي منزله بالحجار. وقد أنكر الطالب الجامعي أن يكون هو نفسه من نشر العبارة المسيئة، لكنه مع ذلك لا يزال خلف القضبان.
حوادث
هناك احتمال كبير بأن تتزايد هذه الحوادث في السنوات القادمة، مع تزايد استخدام شبكات التواصل الاجتماعي. لكن المحامي الهولندي تر هاسبورخ، يرى أن مثل هذه الحوادث لا تزال قليلة جداً في هولندا: "أعتقد أن هذه الحوادث تحدث مع مستخدمي مواقع التواصل دون خبرة كافية. أما الجيل الجديد الذي نشأ على استخدام مواقع التواصل فهو مدرك لمحاسنها ومخاطرها." ويوضح ذلك بالقول: "كل رب عمل سيبحث في غوغل عن خلفية الشخص المتقدم إلى وظيفة. والشباب خاصة يعرفون ذلك جيداً."