محمد بوداري- شعب بريس(تصوير عابد الشعر) أكد عزيز رباح، وزير النقل والتجهيز، أنه لن يسمح بأن تمس كرامة آخر موظف وأخر مواطن في هذا البلد، معربا عن ضرورة الحوار مع المجتمع ووجوبه، لكن يجب ان يكون هذا الحوار في إطار الاحترام المتبادل.
وقال وزير النقل، في ندوة صحافية نظمها برفقة المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية ربيع الخليع، اليوم السبت 21 ابريل بالرباط، لشرح حيثيات انسحابهما من لقاء حول مشروع القطار الفائق السرعة أول امس الخميس، "نحن مستعدون ان نسمع لكل الاراء مهما كان موقفها لكن غير مستعدين ان تمس كرامة آخر موظف وآخر مواطن في هذا البلد ."
وأضاف رباح أنه لن يرد على بعض الالفاظ القدحية والسب الذي ورد في المنشورات التي وزعت اثناء حضوره ندوة الخميس بمعية المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، ربيع الخليع. وهي الندوة التي قال وزير النقل انه دعا إليها رفقة ربيع الخليع، وقاما بالإعداد والتحضير لها وذلك لفتح النقاش مع المجتمع المدني ولكي يكون النقاش مفتوحا، لأن الحقيقة يقول الوزير "لا يملكها أي شخص، يمكن للمجتمع المدني ان تكون له حقائق لا نعرفها، ولكن ايضا يمكن ان تكون لينا حقائق لا يعرفونها والتواصل هو احسن طريقة".
وأكد أن "التواصل المفتوح مع المجتمع من خلال المنابر الاعلامية سنة مؤكدة ثابتة لهذه الحكومة نحرص عليها، وأن ما نقوم به وما تقوم به أي حكومة كيفما كان موقفها وكيف ما كانت مرجعيتها هو ملك للشعب المغربي، وبالتالي من حق الشعب المغربي أن يطّلع على هذه المشاريع وعلى هذه البرامج، وواجب علينا ان نتحاور مع الشعب المغربي من خلال من يمثله والمنتخبين على رأسهم، ولكن ايضا من خلال الفاعلين الاجتماعيين والإعلاميين والمجتمع المدني."
واوضح رباح ان الحكومة تريد ان تفتح النقاش حول كل المشاريع، وأنْ ليس "هناك أي شيء مقدس سوى ما قدسناه كمغاربة وكمسلمين، ما عدا ذلك كل شيء قابل للنقاش، لكننا نريده ان يكون نقاشا متخلّقا، اقولها وأؤكد عليها، لن نقبل أي تجاوز في النقاش، لأن بلادنا اعطت درسا تاريخيا سياسيا من خلال التحول السياسي الذي حصل، حيث وقع التغيير نحو المسار الديمقراطي بأقل الخسائر."
وفي هذا الاطار قال الوزير انه إذا كانت بعض الدول التي نجحت فيها الثورات لازالت تبحث عن المبادئ الاولى لبناء الدستور كتونس ومصر نموذجا.. فالمغرب استطاع بالذكاء المغربي وبالنبوغ المغربي، رغم الخلافات الموجودة، ان ينجز تحولا سياسيا محترما متقدما، بدستور يؤطر حركة المجتمع والحكومة والمعارضة والمجتمع المدني.
وبخصوص النقاش الدائر حول مشروع القطار فائق السرعة، اكد رباح ان هذا النقاش طبيعي وهو ملازم لكل المشاريع الاجتماعية والاقتصادية الكبرى، وذكّر الحضور بما وقع من نقاش حول سياسة السدود وكذا فكرة الطرق السيارة في الستينات وكيف رُفضت وتمت معارضتها من طرف بعض التيارات، مما جعل اسبانيا آنذاك تقبل عليها وبذلك تأخر المغرب ب 30 سنة في هذا الميدان. كما ذكر بالنقاش الذي ساد حول سياسة الخوصصة متسائلا حول من كانوا ضدها وبعد ذلك اشرفوا عليها؟ (في إشارة إلى الاتحاد الاشتراكي الذي كان فتح الله ولعلو يرغد ويزبد في البرلمان ضد سياسة الخوصصة وعندما اسندت إليه وزارة المالية كان أول إنجاز قام به هو خوصصة بعض المؤسسات والقطاعات الاستراتيجية بالبلاد..).
وأوضح وزير النقل أن النقاش حول ال"تيجيفي" شانه شأن النقاش حول مشروع ميناء طنجة المتوسطي وستتلوه نقاشات أخرى حول مشاريع مستقبلية، لأن النقاش لا بد منه في هذه الامور، لأن التساؤلات تبقى مشروعة وطبيعية خاصة عندما يتعلق الامر بالعائد الاجتماعي والاقتصادي لهكذا مشاريع، مؤكدا أن هناك توازن بين المشاريع الكبرى المؤطرة والمهيكلة مثل مشروع التيجيفي والمشاريع ذات الطابع الاجتماعي، وهو ما يتضح من خلال ما انفق وما سينفق على الصحة والتعليم والتنمية البشرية والطرق في العالم القروي وفي النقل...
واضاف رباح ان بلادنا تتجه نحو نوع من التوازن بين المشاريع الكبرى التي تخلق ما يسمى قوة تنافسية للبلد، إذ لم نعد الآن نتكلم عن تنافسية الشركة بل عن تنافسية الدول القادرة على جلب الاستثمار والقادرة على ان تكون مستقرة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، والقادرة على ان تكون محط ثقة المموّلِين. ويعتبر مشروع القطار فائق السرعة جزءا من تنافسية المغرب.
وحذّر الوزير من مخاطر أن يكون المغرب ضحية صراع بين شركات دولية، من خلال ما يروّج من أن شركة "الستوم" اقامت مشروعا في اسرائيل وان الدول العربية لم تقبلها، مؤكدا أن "الستوم موجودة في كل الدول العربية بما فيها السعودية، وهي التي تقوم ببناء مركز الطاقة الكهربائية في السعودية، وهي موجودة في ايران وفي مصر وهي التي تقوم بإنجاز "ترام واي" مصر.
أما بخصوص الاقصاء الذي شملها خلال تقديم طلبات العروض في السعودية، فإن ذلك راجع إلى أن اقتراحها المالي والتقني كان اقل من الاقتراح الذي تقدمت به الشركة الاسبانية الفائزة بالصفقة.
وبالتالي، يقول الوزير، "لا اعتقد ان هناك أي شخص سيزايد علينا، فالمغاربة ضد التطبيع ومع القضية الفلسطينية، لكن لا نريد ان نكون ضحية صراع بين شركات دولية وان يكون المغرب هو حلبة ومطية للدخول في هذه الصراعات.."
واكّد رباح استعداد الحكومة للنقاش والمحاسبة إذا كان للراي العام وللمجتمع المدني ملاحظات حول تدبير هذه المشاريع، وإذا لوحظ أن ليس هناك تنافس شريف او ان الصفقات غير نزيهة او أن هناك امورا خارج القانون...موضحا ان المسار العام للبلاد يسير إجمالا في الاتجاه الايجابي، وأن 60% من هذا المشروع ستبقى في البلد لفائدة الشركات الوطنية.
وكشف أنه اتخذ قرارا، لما عين على راس الوزارة، يقضي بنهج ما يصطلح عليه ب la préférence nationale ، حيث انه إذا تساوت شركة وطنية مع شركة اجنبية فإن الافضلية تكون للشركة الوطنية ولو كان الفرق 15%. واردف الوزير "نحن في الاتجاه الذي يكون فيه ما يسمى بالأفضلية للشركات الوطنية، ولكن اكثر من ذلك ما يسمى بالتعويض او المقابل الصناعي، لا نريد فقط ان يقوم هؤلاء بمشاريع في بلادنا ثم يذهبون، نريد ان نطور بعض الخدمات التي لها قيمة مضافة les services à valeur ajoutée لأننا نريد ان تكون بلادنا قاعدة وأرضية للخدمات في المجال البحري و السكك الحديدية والطيران ونحن نشتغل في هذا المجال وسننجح فيه وسنكسب هذا الرهان".