لكل داء دواء.. والدواء لا يجب أن نحصره فقط في قائمة من الأودية التي يحددها الأطباء المختصون لأمراض معينة، بل إن القائمة في مفهومنا للشفاء يجب أن تتوسع ولا تسقط هذه التوجيهات الطبية المختصة والعقاقير، ولكنها يجب أن تضيف إليها شريانا حيويا آخرا.. ألا وهو الحالة الاجتماعية. فالحالة الاجتماعية التي قد لا ترد في بال العديدين على أنها مصدر حماية ورعاية صحية من عدة أمراض، هي في الحقيقة صمام أمان ودفاع صحي هام، وهذا بناء على حقائق علمية ترجمتها التجارب وكشفت عنها الأرقام.
فقد وجد باحثون بريطانيون، ومن خلال متابعة بيانات أكثر من مليوني بالغ من دول مختلفة، أن الزواج يحمي من تطور أمراض القلب ويبعد خطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
وانتهى هؤلاء الباحثون إلى أن الزواج السعيد يسهم في وقاية مريض القلب من الوفاة، بسبب عوامل متعددة أبرزها سرعة استجابة الشريك للمشكلات الصحية، والتذكير بمواعيد الدواء، والأمن المالي إضافة إلى بناء الصداقات وتعزيز أواصر العلاقات الاجتماعية، وهي عوامل إيجابية جدا وفعالة ومساعدة في حياة مريض القلب والمرض ككل بحسب الباحثين.
وعلى نقيض هذه التجارب الإيجابية والمبشرة والمتعلقة بقيمة الحياة الاجتماعية والزواج في خلق بيئة وقائية وعلاجية فعالة للمرضى، فإن دراسة قد انتهت إلى أن الأرامل والمطلقين والأشخاص الوحيدين أو المنعزلين، ترتفع لديهم معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة قد تصل ل43%.
فالطلاق مثلا كان مرتبطا بزيادة نوبات القلب عند الرجال والنساء بنحو 35%،في حين أن الأرامل ارتفعت لديهم معدلات الإصابة بالسكتة الدماغية بنحو 16%.
ومع أن 80% من أمراض القلب الوعائية تعزى لعوامل معروفة مثل الجنس، العمر وضغط الدم وارتفاع معدل الدهون والكوليسترول إضافة للتدخين والسكري، إلا أن الحالة الاجتماعية، تعتبر عاملا حيويا في تمتع الإنسان بصحة جديدة أم لا، وهو يوسع من مفهومنا لسبل التداوي ويضيء على قيمة الحياة الاجتماعية في معادلتنا الصحية، فالعزلة مثلا قد تكون الشرارة الأولى لمرض ما كان ليلم بنا لو كنا في محيط أسري إيجابي ملؤه المحبة والاستقرار.