قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، نظرا لمخالفة بعض مواده للدستور والقانونين التنظيميين للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة. وصدر قرار المحكمة، بعد اطلاعها على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي أحاله إليها السيد الرئيس المنتدب لهذا المجلس رفقة كتابه المسجل بأمانتها العامة في 15 غشت 2017، وذلك للبت في مطابقته لأحكام الدستور ولمقتضيات القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة.
ومن خلال فحص مواد هذا النظام الداخلي، مادة مادة، تبين للمحكمة أنه ليس فيها ما يخالف الدستور والقانون التنظيمي المتعلق بالسلطة القضائية والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، باستثناء ما سيأتي بيانه بشأن المواد 5 و17 (الفقرتين الأولى والثانية) و47 و48 (الفقرة الأخيرة) و 49 و50 و51 و52 و54، مع مراعاة الملاحظة المتعلقة بالمادة 28 منه.
واعتبرت المحكمة أن عبارة "يعمل على إحاطة أعضاء المجلس علما بمضمونها"، الواردة في المادة الخامسة التي تنص على أنه ""تطبيقا للمادة 113 من القانون التنظيمي، يسهر الرئيس المنتدب على تتبع تنفيذ الاتفاقيات المبرمة مع المجلس، ويعمل على إحاطة أعضاء المجلس علما بمضمونها"، (اعتبرت المحكمة ان هذه العبارة) "غير دستورية بالنظر إلى أنه يستفاد منها أن أعضاء المجلس لا يطلعون على مضمون الاتفاقيات إلا بمناسبة تنفيذها أو تتبع تنفيذها، وهو ما يخالف ما نصت عليه المادة 113، التي تنص على أنه "يمكن للمجلس أن يقيم، في مجال اختصاصه، علاقات تعاون وشراكة مع المؤسسات الأجنبية المماثلة وكذا الهيئات الأجنبية المهتمة بقضايا العدالة من أجل تبادل المعارف والتجارب ونقل الخبرات".
ومن أبرز المواد المخالفة للدستور الواردة في النظام الداخلي، حسب قرار المحكمة الدستورية، الفقرتين الأولى والثانية من المادة 17 التي تنصان على أنه "يقوم المجلس بنشر نتائج أشغاله النهائية المتعلقة بتعيين المسؤولين بمختلف المحاكم وبتعيين القضاة في السلك القضائي فور موافقة الملك عليها، وتنشر باقي النتائج النهائية لأشغال كل دورة من دورات المجلس فور اتخاذها من طرف المجلس…".
وأكدت المحكمة الدستورية أن التمييز الذي أقرته الفقرتان المذكورتان، بخصوص طريقة نشر أشغال دورة المجلس، ليس له سند في القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وحيث إن نشر مقررات أشغال دورات المجلس مباشرة بعد اتخاذها، ودون اطلاع جلالة الملك عليها، لا يراعي ما قرره الدستور من أن الملك هو الذي يرأس المجلس الأعلى للسلطة القضائية (الفصل 56)، وأنه الضامن لاستقلال السلطة القضائية (الفصل 107)، مما تكون معه المادة 17 المذكورة غير مطابقة للدستور.
وسبق للمحكمة الدستورية التصريح بأن النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، المعروض على نظرها، يتعذر على الحال، البت في مطابقته للدستور وللقانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، بسبب عدم تضمينه الإجراءات الواجب التقيد بها أثناء وضعه وتعديله.