شعب بريس- متابعة جنحة الجرح الخطأ الناتج عن عدم الاحتياط والإهمال، وجنحة عن علم إقرار يتضمن وقائع غير صحيحة واستعماله ترسانة من التهم، تحاصر أحد الأطباء بمراكش، الذي يتابع أمام هيئة الحكم بابتدائية المدينة.
ومما يزيد الموقف إحراجا، هو أن الضحية طفل صغير مازال يتلمس أولى خطواته في درب الحياة المليء بالتعثرات والأشواك.
لم يحضر الطبيب لمواجهة التهم المذكورة خلال جلسة 8 من شتنبر الجاري، ليتقرر إعادة دعوته للمثول أمام الهيئة، 24 نونبر القادم، حيث سيكون خصمه الطفل ياسر العبوشي، الذي مازال، وقد أشرف على ربيعه التاسع، غير قادر على التحكم في قضاء حاجته الطبيعية، ليبقى « الحفاظ» ملازما لجسده، وهو المصير الذي سيجبر على معايشته طيلة مشوار حياته.
بدأت مأساة الطفل، وهو لم يتجاوز بعد شهره الرابع، حين انتبه الوالدان لمعاناته من أثر قبض طارئ، ليسرعوا بنقله صوب إحدى المصحات، حيث طمأنهم الطبيب المعالج بكون الحالة لا تدعو للقلق، وأن المشكل ناتج عن حالة التواء بسيطة في أحد الأمعاء، لا يتطلب معالجتها سوى عملية جراحية بسيطة "تادار بتغماض العينين".
العملية البسيطة تحولت إلى ثلاث عمليات جراحية معقدة، اعتبر الوالدان أن بعضها قد أجري في سرية تامة وبعيدا عن أعينهما واستشارتهما، في محاولة لتغطية عن خطأ فادح، جعل الطفل مجبرا على عيش إكراهات صحية مدى الحياة.
طبيب جراح مختص ومحلف، أكدت شهادته الطبية بأن الطفل «لا يظهر عليه أي انسداد معوي» وأن الطبيب المعالج قد قدم هذا التشخيص بهدف تبرير عملية جراحية استعجالية، مع تسجيل مجموعة من الانتقادات على طريقة التعامل مع الوضعية الصحية للرضيع، تنطلق من عدم استنفاد وسائل التشخيص، قبل ركوب مطية إجراء العملية، وانعدام الدقة في الفحوص بالأشعة، وصولا إلى النقص في وسائل العلاج المستعملة، مع عدم «القضاء على الأنتان الدموي خلال 14 ساعة» كما تقضي الأعراف الطبية.
الخبرة ذاتها كشفت عن اختلال جديد، حيث تم التأكيد على أن العملية الجراحية الثانية قد أجريت للرضيع بالرغم من كون درجة حرارته كانت تبلغ 39 درجة، مع إعطائه مضادا للحمى لإخفاء تلك الحمى، ما جعل وضعية الرضيع ترجع للبداية، بعد أن تم إحداث ثقب في جانبه الأيمن لتمكينه من قضاء حاجته.
العملية الثالثة تؤكد الخبرة، أنها قد انعدمت فيها الفحوص الإشعاعية الواجبة، ما حتم إخضاع الرضيع مرة رابعة لعملية جراحية على يد طبيب آخر لإيقاف تدهور وضعه الصحي.
جملة من الاختلالات التي سجلتها خبرة الطبيب المحلف، بعد أن تم تحويل جسد الرضيع إلى فأر تجارب، لإجراء عمليات جراحية متواصلة، دون استنفاد كل الإجراءات الاحتياطية، التي تمكن من الكشف بشكل واضح عن حقيقة الأعراض التي كان يعاني منها، ما جعله بالتالي يعيش وضعا صحيا متأزما، صاحبه منذ شهره الرابع إلى اليوم وقد أشرف على سنته التاسعة، وبذلك تبقى كلمة الفصل للقضاء، الذي شرع وبعد مشوار شكايات ماراطوني لتحريك مسطرة المتابعة في حق الطبيب المسؤول عن هذه الوضعية.