إن كون المغرب ودوقية لوكسمبورغ الكبرى شريكان من أجل المستقبل ليس فقط شعارا ولا بيان نوايا، بل إن ذلك يعد قناعة راسخة يراهن عليها منذ فترة طويلة مسؤولو البلدين على أعلى مستوى. وما البعثة الاقتصادية التي سيقوم بها ابتداء من اليوم الاثنين للمغرب وفد من رجال الأعمال من لوكسمبورغ، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير غيوم جان جوزيف ماري، ولي عهد دوقية لوكسمبورغ الكبرى، إلا تجسيد لهذه الإرادة المشتركة والصادقة لكلا البلدين في إعطاء دفعة جديدة لعلاقات التعاون والشراكة.
ويتألف وفد هذه البعثة الاقتصادية لهذا البلد الأوروبي من نحو أربعين من كبريات المقاولات المتخصصة، أساسا، في مجالات التمويل والتقنيات الجديدة. وستتيح هذه البعثة للفاعلين الاقتصاديين بهذه الدوقية الكبرى تحديد سبل جديدة للتعاون مع نظرائهم المغاربة وتطوير فرص الأعمال.
كما أن قيادة هذه البعثة من قبل نائب الوزير الأول، وزير الاقتصاد، إتيان شنايدر، وترؤسها من قبل ولي عهد دوقية لوكسمبورغ الكبرى، يعد، في حد ذاته، إشارة سياسية قوية على الاهتمام المتزايد الذي ما فتئت لوكسمبورغ توليه للمغرب وللإمكانيات التي يزخر بها. وقد استأثر المغرب، على الدوام، باهتمام الفاعلين الاقتصاديين بلوكسمبورغ.
وقد مهدت البعثة الاقتصادية الأولى التي قادها ولي عهد دوقية لوكسمبورغ الكبرى للمغرب سنة 1995، الطريق للعديد من مقاولات هذا البلد لمزاولة نشاطها بالمغرب. ويساهم لوكسمبورغ أيضا في تمويل العديد من مشاريع التعاون مع المغرب، لاسيما في مجالات الطب، والماء الصالح للشرب والتطهير والتهيئة القروية.
وفي سنة 2009، تجاوز حجم استثمار لوكسمبورغ في المملكة 53 مليون درهم. وحسب دراسة أجرتها سنة 2011 غرفة لوكسمبورغ التجارية فإن المغرب يعد من بين 15 دولة يمثلون مصلحة اقتصادية متنامية بالنسبة لمقاولات التصدير بهذا البلد. وعليه، فإن المقاولات التي توجد ضمن هذه البعثة الاقتصادية للمغرب، ستحل ببلد مألوف لديها، خصوصا وأنها اطلعت، مؤخرا خلال لقاء عقد في شهر مارس المنصرم مع سفير المغرب السيد سمير الظاهر، على فرص التجارة والأعمال الذي تزخر به المملكة.
وعلى خلفية التقدم الاقتصادي الذي أحرزته المملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، كان نائب الوزير الأول، وزير الاقتصاد صرح، قبيل زيارته للمغرب، أن قطاعات التكنولوجيا وتقنيات الإعلام والاتصال تعرف تطورا ملحوظا. وأوضح، في تصريحه، أن المغرب يعمل، على غرار دوقية لوكسمبورغ الكبرى، على تنويع اقتصاده، لاسيما عن طريق تطوير اقتصاده الرقمي، الذي يعد قطاعا تحظى فيه مقاولات لوكسمبورغ بمهارات ذات مستوى عالمي، معربا عن رغبة بلاده في تشجيع ونقل معارفها ومهاراتها إلى المغرب، واصفا إياه بأنه قطب بالنسبة للقارة الإفريقية.
وانطلاقا من هذا المعطى، يضيف وزير الاقتصاد لوكسمبورغ، فإن عددا كبيرا من المقاولات المشاركة في هذه البعثة الاقتصادية للمغرب، والمقدر عددها بنحو 43 مقاولة، تنشط في هذين القطاعين. إن هذا التصريح يوضح، بما لا يدع مجالا للشك، أن الهدف من هذه البعثة متعددة القطاعات يكمن، أساسا، في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين المغرب ولوكسمبورغ والارتقاء بها إلى مستوى التعاون السياسي والدبلوماسي القائم بين البلدين.
وتشير الإحصائيات إلى أن المبادلات التجارية بين المغرب ولوكسمبورغ تبقى متواضعة ولا تعكس تطلعات وإمكانيات البلدين. فخلال شهر نونبر 2014، لم تحقق الصادرات المغربية إلى لوكسمبورغ سوى 120 ألف أورو، والواردات 11 مليون أورو فقط. كما تشكل هذه البعثة فرصة لتعزيز التعاون الوثيق بين المركزين الماليين للوكسمبورغ والدار البيضاء، وتعميق التعاون الثنائي في القطاع المالي، باعتباره الدعامة الأساسية لاقتصاد هذه الدوقية الكبرى. وتجدر الإشارة إلى أن لوكسمبورغ، أغنى بلدان العالم بحيث يصل دخل الفرد السنوي في إلى 112 ألف أورو، يعد أيضا أول مركز لصناديق الاستثمار في أوروبا والثاني عالميا بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية. وهذه كلها إشارات ينبغي أخذها بعين الاعتبار.