ان المؤرخين جميعا يعتبرون انتصار المماليك في حروبهم انتصارا عالميا, فقد عجزت الدولتين الخوارزمية والعباسية عن مقاومة المغول لقد كانت معركة عين جالوت اول صدمة في الشرق الاوسط للمغول.فقد عرفت مصر و الشام والعراق واجزاء من الجزيرة العربية,حكم نوعين من المماليك البرجية والبحرية لاكثر من قرنين(1250-1517)حكموا ولم ياخذوا بمبدا الوراثة في الحكم,فالطريق مفتوح لكل من ابدى شجاعة ومقدرة, هذه هي المؤهلات في دولة المماليك التي قامت على انقاض الدولة الايوبية,فقاتلوا الصليبيين والمغول ودافعوا عن الاسلام, الى ان بدوا في اخر عهدهم بالاستبداد وفرض الجبايات وقتل العباد واسترقاقهم, فتمرد الناس عليهم حتى سقطت دولتهم على يد العثمانيين وهذا حال كل دولة مستبدة ,فعندما يكثر الاستبداد والقمع تظهر مؤشرات الافول وفي الشام ,سوريا بالتحديد حكمت المماليك الاسدية نسبة الى ال الاسد(1970-2011) فالنظام في سوريا الان يحاول ان يمسك بالسلطة على حساب الشعب السوري ومستقبله, فهو يقف عاجزا على التعامل ولا يرى ولا يسمع فقط يتكلم ويعطي الاوامر بالقتل, لانه يتلقى اوامره من رميم عظام المماليك الذين ماتوا منذقرون فالثورة تاخرت هناك,لان الشعب تردد لحين معرفة ما ستنتهي اليه الثورة التونسية والمصرية والليبية واليمنية,رغم ان لكل ثورة بيئتها وشروطها وزمانها ودوافعها, وما تاخرهم الا بسبب طغيان واستبداد النظام السياسي الجاثم على صدورهم ومثلما حدث في بلدان عربية اخرى, فان المطالب تبدا بسقف اقل مثل الحرية والعدالة والمراهنة على امكانية التطور والاصلاح من خلال النظام نفسه واستجابته للمطالب, ثم تبدا في التطور عندما ترد السلطات بالقمع والرصاص. وعندما يسيل الدم يفقد الناس الاحساس بالخوف ويستعملون التحدي ورفع سقف مطالبهم الى اسقاط النظام حدث هذا في تونس ومصر بنجاح , لان المؤسستين العسكريتين هناك رفضتا اطلاق النار على شعبيهما, وتعثر في ليبيا وتحول الى صراع مسلح. ويبدوا انه في سوريا سيتعثر هو الاخر مما يفتح الباب امام سيناريوهات قد يكون احدهما مشابه للسيناريو الليبي, فمشهد الدبابات على شاشة التلفزيون وهي تدخل مدينة درعا السورية التي اشعلت شرارة الاحتجاجات المطالبة بالديموقراطية ,يعني ان السلطات في دمشق اتخذت قرارا باللجوء الى القوة لفرض ارادتها واخماد صوت الانتفاضة لكن ما الفرق بين ما كان يقوم به المماليك والاحتلال الفرنسي والايطالي والانجليزي في مصر وسوريا وليبيا واليمن والبحرين وتونس, من اعتقال للمعارضة ونفي لها وتعذيب وشنق لزعمائها.وما تفعله الان انظمة مملوكة للغرب وامريكا, انظمة القذافي والاسد وصالح وحمد ,اثرت السلطة وتدمر الدولة من اجل بقائها, وتطلق الوعود الكاذبة والمتواصلة, كنوع من المسكنات كمن يعالج السرطان بالاسبرين.وقد قال انشتاين اثنان لا حدود لهما الكون الواسع والغباء الانساني, وما اكثره لدى الانظمة العربية المستبدة فالمماليك الجدد يظنون ان استعمال القوة في وجه الناس سيخضعهم, فالقوة لها حدود فلا يوجد حكم يسيطر على الناس بالدبابات خاصة اذا استطاعت حركة الاحتجاج ان تحشد الشارع بكثافة. كما ان القوة تغير حتى معادلات الحكم لان صاحب الدبابة يعرف ان رقبة الحاكم في يده, مثلما تخيف الدبابات والرصاص الناس فان لها مخاطر ايضا فهي تدفع الطرف الاخر الى اللجوء الى السلاح هو الاخر كما يحدث في ليبيا من الصعب التكهن بالسيناريو المحتمل فالتضييق الاعلامي في سوريا يعرقل التعرف على الصورة الحقيقية, لكن اكيد انه كلما كان الاستبداد كثيرا كلما كان السقوط سريعا لمياء ابن احساين