أكد مدير منظمة البحث عن أرضية مشتركة-المغرب، نوفل عبود، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن المملكة، بفضل موروثها الإسلامي واستلهامها من التجارب الدولية الناجعة في مجال حل النزاعات، تعطي الدليل على أن تحقيق الانسجام بين المقاربات العصرية والإسلامية في حل النزاع أمر ممكن. وأوضح عبود، في كلمة بمناسبة افتتاح مناظرة وطنية حول دمج الطرق البديلة لحل النزاعات على مستوى الآليات الإسلامية والمعاصرة نظمتها منظمة البحث عن أرضية مشتركة بشراكة مع الرابطة المحمدية للعلماء وبدعم من سفارة النرويج، أنه بالنظر للأسس الدينية الاجتماعية والسياسية التي تميز المجتمع المغربي، تمكنت المملكة من وضع ترسانة قانونية ودستورية هامة تتسم بالأصالة والحداثة تجلت على الخصوص من خلال المصادقة على الدستور الجديد، وتحديث ديوان المظالم الذي أصبح حاليا يسمى مؤسسة الوسيط، فضلا عن مؤسسات وتشريعات أخرى ذات الصلة.
وأضاف أن هذه الإصلاحات المؤسساتية والدستورية التي باشرها المغرب خلال السنوات الماضية تؤشر كذلك على أنه يسير في اتجاه المزيد من التعددية السياسية وحقوق الإنسان والحوار بين مختلف الفاعلين في المجال الاجتماعي والسياسي.
وأوضح أن مسلسل الانتقال السياسي في المغرب ،الذي انطلق مع هيئة الانصاف والمصالحة ،أسس لقاعدة التغيير والتصالح مع تاريخ البلاد، وذلك من خلال اعتماد طرق بناءة لحل الصراعات المرتبطة بماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، معتبرا أنه بفضل هذه المقاربة أصبح المغرب بلدا واعدا وذا خصوصية متميزة على مستوى منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
وفي السياق ذاته، أشار عبود إلى أن إقرار المغرب لمدونة أسرة تستمد مرجعيتها بالأساس من المبادئ العامة لحقوق الإنسان، كما هو معترف بها عالميا، ومقتضيات الشريعة الإسلامية، التي لها تأثير مباشر على الأفراد والجماعات، كرس أكثر الوضع الاعتباري المتميز الذي تحظى به المملكة مقارنة بالعديد من البلدان الأخرى.
وأضاف أن منظمته تسعى، على صعيد المغرب، إلى إشاعة ثقافة الحل البناء للصراعات وفق مقاربات بديلة تعتمد على السواء أسسا عصرية وإسلامية، معربا عن الأمل في أن تتم مأسسة آليات الطرق البديلة لحل النزاعات عن طريق الوساطة.
من جهته، يرى نائب الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أحمد السنوني أن هذه الندوة الوطنية تشكل مقاربة جديدة لتوظيف كل من المنهج الإسلامي والمنهج الحداثي في محاولة حل النزاعات داخل المجتمعات.
وأكد أن قيمة هذه المقاربة تندرج أيضا في إطار المساعي الهادفة إلى تحقيق نوع من الانسجام بين منهجين يقتسمان حيزا هاما من النفوذ داخل المجتمعات، معتبرا أن "بقاء هذين المنهجين متنافرين لا يخدم مصلحة أحد".
وأشاد في هذا السياق بمنهجية منظمة البحث عن أرضية مشتركة- المغرب في حل النزاع عن طريق الوساطة والحوار واعتماد تقنيات جديدة تتيحها وسائل الإعلام بغية خلق علاقات شراكة تعود بالنفع على مختلف الأطراف المعنية بالنزاعات.
يشار إلى أن أشغال هذه المناظرة ستتواصل طيلة هذا اليوم من خلال تقديم خمسة محاور تتمثل في " الوساطة في المغرب المعاصر: ما بعد المصالحة الوطنية 2001" و"دور الدولة في إضفاء الطابع المؤسساتي على الطرق البديلة لحل النزاعات : الوساطة في المغرب المعاصر" و"الطرق البديلة لحل النزاعات وممارستها في المغرب: الواقع والتحديات" و"الطرق البديلة لحل النزاعات في الإسلام : التحكيم، التراضي، الصلح والوساطة" و"الوساطة في الإسلام : المفاهيم والآليات".