«الوقاية خير من العلاج»، أصبح هذا شعار بعض متصفحي الأنترنت، الذين ارتكبوا خطأ واحدا هو عرض تفاصيل حياتهم الخاصة في صفحات «فايس بوك» أو في مواقع مماثلة، مع أن كل ما أرادوه هو التواصل مع الأصدقاء والأقارب أو توسيع شبكة معارفهم... «قناصو الشبكة العنكبوية» عبارة تمخضت عن العالم التكنولوجي. يتعلق الأمر بأولئك «الهاكرز»، الذين أصبحوا نقطة سوداء في حياة متصفحي الأنترنت الشباب، وخاصة من الجنس اللطيف. تجد هؤلاء «الهاكرز» مسلَّحين بجرأتهم وبكاميرات «ويب» وكاميرات الهواتف النقالة. أما ضحيتهم «المفضلة» فهي أي فتاة بعيدة المنال.. هكذا، يتحول عالم الأنترنت إلى كابوس حقيقي. أما السلطات المغربية فتكتفي، أمام هذا الواقع، بالخطابات الواعظة، عكس ما تجده في بعض البلدان الأخرى، حيث إن العقوبات القانونية التي تطال هذا النوع من السلوكيات تكون جد صارمة. شهادات الضحايا تقول أمنية: «أسوأ مكالمة استقبلتُها في حياتي كانت من عمي، حيث انهال علي بوابل من السب والشتم، بعد أن اكتشف صورة لي بقميص السباحة على موقع «يوتوب» التُقطت لي على الشاطئ أثناء عطلتي الصيفية، وقد تم إدراج هذه الصورة في فيديو معنون ب«عاهرات الرباط»... وقد تمت «فبركة» هذا الفيديو من طرف «قناص» للصور على الأنترنت»... اعتادت أمنية أن تعرض صور عطلها الصيفية في «فايس بوك»، لتتقاسم متعةَ مشاهدتها مع أصدقائها، لكنها اعتادت أيضا أن تضيف إلى صفحتها الخاصة أناسا لا تعرفهم. وتابعت أمينة شارحة ما وقع «مباشرة بعد أن أنهيت المكالمة، أرسلت لجميع أصدقائي ذلك الشريط وطلبت منهم أن يبلغوا عنه إدارة الموقع. وبالفعل، وبفضل مساعدتهم، أزال «يوتوب» ذلك الشريط، بعد أن عشتُ حالة من الذعر طالت لأيام.. من الآن فصاعدا، سأتخذ الحيطة والحذر من هذه المواقع الاجتماعية ولن أضيف إلى صفحتي إلا أصدقائي المقربين وبعض أقربائي». يبدو أن أمنية استوعبت الدرس، لكنها دفعت ثمن ذلك غاليا! والأكيد أنها كانت، مع ذلك، محظوظة، فهناك حالات أسوأ دفعت بأصحابها إلى حد الاكتئاب. لا لمهُووسي الأنترنت ! يتطور شذوذ بعض «القناصين» ليفضي إلى تحرش جنسي إلكتروني. وتبقى فتيات الإعداديات والثانويات الأكثرَ معاناة من هذا النوع من الابتزاز، بسبب سذاجتهن. تقول «م. م.» التي تدرس في إحدى ثانويات ابن سليمان والتي ما زالت ترتجف كلما تذكرت قصة «جلادها» «وصلني طلب أحدهم لأضيفه في برنامج «الشات» (msn)، وقد أضفت ذلك الشخص لمجرد الفضول لا غير، وفي نهاية المطاف، وجدت نفسي مع مهووس جنسي يريد استغلالي.. كان يهدد باغتصاب أختي إذا لم أخضع لنزواته، وعندما أطلعني على أسماء أخواتي وإخوتي وعنوان منزلي، علمت أنني سأعيش كابوسا مرعبا».. تضيف التلميذة قائلة: «أخبرت والداي بالأمر ونصحاني بأن أتجاهل أمره. وقد فكرت في أن أبلّغ عنه الشرطة، إلا أنه في حينا يعتبر الإبلاغ عن تحرش إلكتروني مجرد سخافة، بل شيئا غير مقبول»... تعاني النساء، باختلاف أعمارهن، من هؤلاء «القناصين» ويتضح ذلك من خلال الفيديوهات التي تملأ مواقع الأنترنت، والتي تهدف إلى تخريب سمعة المغربيات، بدون أي تمييز. أما الرجال فيعانون، بدورهم، إلا أن ذلك يقتصر على سرقة كلمة سر بريدهم الإلكتروني. ليس هناك أي حظ في أن يتم كشف هؤلاء «القناصين»، الذين يعرفون جيدا خبايا المعلوميات من طرف الضحايا. ودراية منهم بأن عناوين البروتوكول الإلكترونية يمكن أن تؤدي إلى إلقاء القبض عليهم، في حالة متابعتهم قانونيا، فإنهم يفضلون ارتياد مقاهي الأنترنت العمومية، لإطلاق العنان لهوسهم، في راحة تامة، إذ إن صاحب هذه المقاهي ليس لديهم مصالح في وضع الرقابة على زبنائهم. وإذا كانت المديرية العامة للأمن الوطني تبذل جهدا كبيرا لتعقُّب «الهاكرز» الذين يهددون الأمن الوطني والدولي، فإنها لا تأبه البتة بأولئك «القراصنة» الذين يتمادون في إلحاق الضرر المعنوي والنفسي بالفتيات. والواقع أن عدم الدراية بالقوانين المتعلقة بحقوق متصفحي الأنترنت يعطل جهود الدولة في هذا الاتجاه. «قناصون» من هنا وهناك!.. ليس كل «القناصين» مغاربة، فيكفي أن تسجل الدخول في موقع «يوتوب»، لكي تكتشف أن الخليجيين يركزون كل اهتمامهم على المغربيات. وبهذا، تجد أن مجرد محادثة عادية عن طريق كاميرا «الويب» لمغربية يمكن أن ينتهي بها الأمر على موقع «يوتوب»، بل أكثر من ذلك تجد هذه الفيديوهات التي لا شيء فيها مخل بالأخلاق مصحوبة بعناوين وبتعاليق فاضحة. وأشهر هؤلاء الخليجيين شخص يدعى «عزوز»، سعودي الأصل، والذي يقود حملة مضادة ضد المغربيات على موقع «يوتوب». طريقة عمله؟ «الاستماتة» في البحث عن إيميلات المغربيات وإضافتهن إلى «لائحته»، وبعد ركن التعارف وزرع «الثقة».. يمر «عزوز» إلى المرحلة الموالية وهي المحادثات باستعمال كاميرا «الويب» والتي يسجلها كلها، ليطلق بعدها سلسلة من الفيديوهات لفتيات عاديات ومحتشمات. إلا أن الخليجيين يدخلونهن في خانة «العاهرات»، لعدم ارتدائهن الحجاب!... والمؤسف أن هذا يساهم في انتشار تلك الكليشيهات عن المغربيات، والتي أتت من لا شيء وما زالت تتفاقم. ويظهر ذلك جليا من التعليقات التي تجدها مرفقة بهذه الفيديوهات. أما «عزوز» فهو مجرد «مدردش متسلسل» يعاني من أرق دائم يدفعه إلى تسجيل المحادثات عبر كاميرا «الويب»، بل وإلى قرصنة صناديق البريد الإلكتروني. والذي يقول فيديو على «يوتوب « و«دايلي موشن»، يقول بالضرورة فبركة. وبالفعل، فتلك الفيديوهات، والتي تكون في غالب الأحيان مفبركة وبشكل واضح، تنم عن بلادة بعض «القناصين»، لأنهم يحاولون جاهدين إثبات كونِهم قضوا ليلة مع إحداهن، بتصوير أنفسهم في وضعيات جنسية تبرز «فحولتهم» المتوهَّمة... فراغ قانوني مغربي؟ سواء كانت هذه الظاهرة قديمة أو حديثة، فإنها تقلق راحة تلك النساء اللواتي يرغبن في التواصل مع أقربائهن عبر الأنترنت، ما دامت وسيلة سهلة ومتاحة. وبالرغم من تزايد الخطابات الواعظة في هذا الشأن، فإن ترجمتها على أرض الواقع تكاد تكون شبهَ غائبة. فالقوانين تبقى جد محتشمة، مقارنة مع نظيراتها في بلدان عربية أخرى، كمصر وتونس، والدليل على ذلك هو أن المحامين الذين تم اللجوء إليهم للاستشارة في هذه المسألة وجدوا أنفسهم يعطون تفسيرات واهية لا علاقة لها بالقانون، مثلما هو حال محامٍ اكتفى بالقول إن الفتاة يجب أن تتفادى نشر صورها في الأنترنت لأي سبب كان ! وتؤكد محامية أخرى أن التحرش الإلكتروني لا يعدو أن يكون شيئا عرضيا من الناحية القانونية، وبالتالي لا يؤخذ بعين الاعتبار، لأنه عالم افتراضي». ومن ناحية أخرى، تجد بعضَ الناس يصنفون أغلب الفتيات اللواتي يستعملن هذه المواقع، سواء «فايس بوك» أو غيره، في خانة الباحثات عن شريك الحياة. الوضع في بلدان أخرى في لبنان، تعتبر عبارة «الحياة الإلكترونية الشخصية» شيئا متداوَلا، لأنها -بكل بساطة- تخضع لضوابط قانونية، فكل المعطيات الشخصية المتعلقة بالمتصفحين اللبنانيين محمية. أما «التحرش الإلكتروني» فليس بالعمل المشروع، وكمثال حي على ذلك، قصة تعود لبضع سنوات مضت، حيث ربحت لبنانية دعوى رفعتها ضد زميلها في الدراسة والتي نعتها ب«العاهرة» على صفحتها في «فايس بوك». أما في فرنسا، فقد تبنّت الحكومة قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بالتكنولوجيات الجديدة. وبالفعل، فقانون الأمن الإلكتروني يخول للشرطة تثبيت برامج مراقبة في الحواسيب، لمكافحة التحرش الإلكتروني. زد على هذا أنه في حالة ضبط شخص ما يمارس أعمالا إلكترونية غير مشروعة (قرصنة صناديق البريد الإلكتروني أو التحرش عن طريق الرسائل الهاتفية....) فهو يُعرِّض نفسه لعقوبة سنة واحدة سجنا، مع دفع غرامة مالية تقدر ب15000 أورو، أي ما يعادل 150000 درهم مغربية. ويبقى التحدي الوحيد الذي تواجهه الشرطة الفرنسية هو تعقُّب أولئك الذين يتخفَّوْن وراء أسماء ومعطيات مزورة ويمارسون أعمالهم من مقاهي الأنترنت أو من خارج فرنسا. أما في الولاياتالمتحدةالأمريكية، فالمسألة القانونية صارمة إلى درجة «تُرعب» المتحرشين. ففي بلاد العم سام، تزرع عبارة «التحرش الإلكتروني» الرعب في نفوس أصحاب النوايا السيئة. يكفي إرسال شكوى إلى محامٍ، مصحوبة بنص الرسالة المتحرشة، ليتم مباشرة البحث عن الشخص المسؤول ويتم اتخاذ نفس الإجراء القانوني في حقه، إذا أقدم على نشر أشياء مخلة تمس بالحياة الشخصية لأحدهم على الشبكة العنكبوتية... تقول الدراسات... «ثلثا متصفحي الأنترنت سبق لهم أن تعرضوا للقرصنة العنكبوتية»، هذا ما أكدته الدراسة الأخيرة التي أجرتها «سيمانتيك»، وهي شركة للأمن المعلومياتي، حيث إن 70000 شخص في 14 دولة عانوا من ويلات هذه القرصنة. وتأتي الصين في المرتبة الأولى، حيث إن 83% من المستجوبين أكدوا تعرضهم لمثل هذه المضايقات، وتليها في المرتبة الثانية كل من الهند والبرازيل، بنسبة 76%. وتأتي في المرتبة الثالثة الولاياتالمتحدةالأمريكية، بنسبة 73%. تقول «سيمانتيك» إن أغلب الفتيات لا يقدمن شكاوى في هذا الصدد، رغم انزعاجهن الحاد من هذه الظاهرة، اقتناعا منهن باستحالة إيجاد الأشخاص المسئولين عن هذه الأعمال.
في فخ الشبكة بدون حراك، يقبع علاء خلف حاسوبه المحمول في فراشه، دون أن يرفّ له جفن. يقول لنا، بسخرية، في محادثة على موقع «الشات»: «لا أعرف كيف كان أجدادنا يعيشون في عالم بدون أنترنت، يبدو لي هذا كما لو قلت إن العالم يعيش بدون براد (ثلاجة) أو فرن !»... ويضيف، لكن هذه المرة بدون تهريج: «أنا أفهم الآن لماذا يزخر العالم بالعديد من المواهب، عكس ما كان عليه الأمر في عهد أسلافنا. للأسف، كان العالم غارقا في ملَل قاتل، في غياب الهواتف والأنترنت وال«فايس بوك» وبدون معجزات «الحاج غوغل»... بدون هذه الأشياء ليس للحياة أي معنى!»، يقول هذا المراهق، الذي نسى بأن إنشتاين عاش في زمن كانت فيه هذه التكنولوجيا الحديثة ضربا من ضروب الخيال. وبدون شك، فهذا الجيل، الذي ابتلعه العالم الافتراضي، حيث يطلق الفرد العنان لشخصيته ويعبر عن مكنوناته دون أي حرج، جيل أصبح منطويا كليا وبعيدا كل البعد عن العالم الحقيقي. وبشكل يبعث على الفضول فهؤلاء الأشخاص، الذين وجدوا في هذا العالم المنزلي راحتهم النفسية، مستعدون لفعل أي شيء عدا الخروج من قوقعتهم الوهمية. وسبب هذه اللامبالاة؟ بكل بساطة، أصبح الكون بأكمله موجودا داخل منازلنا، بفضل أجهزة إلكترونية يبعث وجودها على الريبة والشك»... للأسف، فهؤلاء المدمنون، سواء على حواسيبهم أو على أجهزة التحكم عن بعد، يعيشون في عالم غريب يعد ضحاياه بالملايين. وأمام هذا الواقع، أصبح دق ناقوس الخطر شيئا لا مفر منه. وإذا كان هؤلاء الضحايا يعيشون في «عالم أليس العجيب»، فهذا بفضل الراحة النفسية التي يجدونها في الحاسوب أو «البلاي ستايشن» أو في واحدة من الأجهزة الإلكترونية الأخرى. ويوضح لنا بوشعيب كرومي، وهو طبيب نفسي للمراهقين، أن هذه الظاهرة غالبا ما تكون ناتجة عن معاناة ما: «إن هؤلاء المراهقين يهربون في الواقع من معاناة معينة، سواء بسبب ضعف مستواهم الدراسي أو بسبب انعدام الوسائل الترفيهية الموازية أو بسبب غياب المناخ المرِح في الوسط العائلي...» التكنولوجيا منذ نعومة الأظافر لقد ولى الزمن الذي كنت تجد غرفة الأطفال مليئة بالكتب والموسوعات، التي كانت كلها مسخَّرة لتثقيف أطفالنا. اليوم، نجد مواقع «فايس بوك» و»تويتر» و مواقع أخرى تكتسح غرف أطفالنا بل وعقولهم. وبهذا فالأمر، لم يعد مجرد برامج تمنع أطفالنا من التركيز على دراستهم. فحتى شاشات التلفزة أصبحت موصولة بالشبكة العنكبوتية! وبالفعل، فهذا التلفاز الجديد أصبح يُسوَّق كالخبز في كل أرجاء بلاد «العم سام». أما في اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا وفرنسا فقد أصبحت هذه التلفزيونات شيئا شائعا. ووعيا من المغرب بهذا التطور، نجده يتبع خطى فرنسا في هذا الصدد، وبهذا أصبحنا نعاين مغربا آخر، حيث يضع شبابنا كتبهم جانبا. أما برامج التلفزة فسيتم استبدالها بالمواقع الإلكترونية! من كان ليصدق هذا!؟ جاء هذا الاختراع لينضاف إلى أجهزة أخرى ك«البلاي ستياشن» المتنقل، ووحده العلي القدير يعرف ماذا يخبئه لنا هذا العالم العجيب، والخوف، كل الخوف، من اختراعات أخرى أكثر فتكا بعقول الناس وحياتهم الاجتماعية، إذ يكفي أن نرى كيف أثر جهاز «دي في دي» (DVD) على الكبير والصغير، إذ كان كافيا لقتل تلك الرغبة في الذهاب إلى قاعات السينما رفقة الأهل والرفاق. عندما تصبح الصحة على المحك يؤثر هذا الإدمان، الذي يشل حياة هؤلاء الأشخاص، بشكل سلبي على صحتهم، مؤديا بهم إلى حد الصرع، وفي بعض الحالات إلى اختلالات بصرية، والأكثر من ذلك، فمن وجهة نظر تحليلية، فأول هذه الأمراض وأخطرها تتطور عندما يفقد الفرد الإحساس بالفرق بين العالم الافتراضي وعالم الواقع، الشيء الذي يجعل الفرد يعاني من مشاكل نفسية إزاء تأقلمه مع الواقع. وعكس النظرية الأمريكية التي تقول إن هذا العالم الافتراضي وخباياه يختفي عند إقفال جهاز الحاسوب، وتأتي هذه التصريحات على لسان البروفيسور عبد الكريم بلحاج، الذي لا يستثني الانفصال التام عن المجتمع. وبالفعل، فكل الأطباء وأخصائيي التربية في الغرب يجمعون على أن الأمراض الأكثر شيوعا بين مدمني الحواسيب هي الأمراض البصرية والعصبية التي يتسبب فيها هذا الإدمان، إضافة إلى الخمول النفسي والجسدي. يقول الدكتور بنجلون: «إن الحل الأنسب هو تربية أبنائنا بشكل جيد وتحذيرهم من مخاطر التكنولوجيا الحديثة».. مع العلم أن مرض الصرع الذي تحدثنا عنه سابقا يتسبب فيه الجلوس المفرط أمام أي شاشة، سواء كان شاشة حاسوب أو تلفاز أو «بلاي ستايشن». حان وقت التغيير يقول الدكتور بن جلون: «عندما يسقط هؤلاء المراهقون فريسة للشباك العنكبوتية، يتعين على الآباء أن يكونوا السباقين إلى مد يد المساعدة لهم، ولو تطلب الأمر تدخل الآباء في «حياة» أبنائهم الإلكترونية، لمعرفة ما يجري».. وبالفعل، فهذا ما تقوم به بعض الأمهات. تقول «راضية»، وهي سيدة في الأربعينات من عمرها، مصرفية، لديها ابنان في سن المراهقة، إنها وجدت الحل المناسب لهذه الآفة والتي كانت في البداية تسيطر على حياة أبنائها: «يملك أبنائي آخر صيحات العالم التكنولوجي، ولكن لا مجال لأنْ أترك هذا العالم الافتراضي يسير حياتهم، فأنا أكتفي بالتواصل معهم بطريقة لينة، وإذا لزم الأمر، أهدّد بحرمانهم من المصروف اليومي، وبهذا تصبح الأمور أكثر جدية»... لكنْ، قبل أن نتكلم عن الجدية، يجب أن نعترف بأن الآباء ما زال أمامهم الكثير ليجنبوا أبنائهم مخاطر عالم العجائب والغرائب، فيكفي مثلا أن يقوم الآباء بفتح جسور للتواصل مع أبنائهم وتهيئ المناخ المناسب للتفاهم وإحياء تلك العادات القديمة، حيث تجد الآباء ينظمون خرجات ورحلات بمعية أبنائهم، في محاولة لإقناع المراهقين بأن عالم الواقع أجمل وأمتع بكثير من عالم الخيال. كما يتعين على الآباء مراقبة دراسة أبنائهم، وفي الوقت الذي نجد أن بعض الآباء يعتمدون الدبلوماسية في تربية أبنائهم، نجد البعض الآخر يكتفي بالقول إن الشباب يجب أن «يواكبوا العصر»... المغرب «الملعون» عكس ما يبدو، فالمغرب هو الابن البار لكل ما أتت به التكنولوجيا الحديثة، وعلى أي حال، فهذه الآفة لا تستحوذ على عقول مراهقينا فحسب. وبما أن أحلاهما مر، فقد أصبحت هوايات الغرب المفضلة هي تحميل الألعاب الالكترونية والمسلسلات عبر الأنترنت. أما في فرنسا، فكثرة الشركات المسوقة لهذا العالم الافتراضي جعلت هذه القضية تُتداوَل حتى في مجلس الشيوخ! وتبقى بلاد «العم سام» هي الضحية الكبرى، إذ إنها تحاول جاهدة هزم شبح هذه الثورة التكنولوجية. كما أن أولئك المهووسين بمقاهي الأنترنت يشكلون معظم زبائن أطباء الأطفال، ولا عجب في ذلك، فكيمبرلي يونغ الأمريكية كانت أول من تحدثت عن مفهوم إدمان الأنترنت. أمام هذا الكم الهائل من الوسائل الترفيهية، أتبث الجيل الجديد للبشرية أجمع أن العالم ليس فقط صغيرا، بل إنه يتجول عبر المنازل ليخرب كل واحد على حدة... لا «للمدردشين المتسلسلين» لم يعد العالم الافتراضي ملجأ الأطفال والمراهقين فقط، بل حتى بعض البالغين وقعوا في شباك هذا العنكبوت السام! وحتما، سمعتم يوما ما بذلك الرجل الذي يترك زوجته ليجلس لساعات طويلة أمام الحاسوب، في بحث يائس عن تلك العشيقة الضائعة. وهناك من يختار أن يعتمدون طرقا أكثر خبثا، بتخفيهم وراء هويات وأسماء مزورة، لكي يمحوا آثار أفعالهم ويطلقوا العنان لمكنوناتهم. وكانت «المفاجأة» ونحن نتجول بين مواقع الشات، أن نكتشف أن هناك رجالا متزوجين يذهبون إلى حد الاعتراف بأنهم لا يبحثون عن حبيبة، بل هم يبحثون عن فتاة ل«تُرفِّهَ» عنهم لليلة واحدة أو ربما «لويكاند»، على حد تعبيرهم... وفي بلدان أخرى، يؤكد الأطباء النفسانيون أن «المدردشين المتسلسلين» هم أشباه «المغتصبين أو القتلة بالتسلسل»، فالمغازلة تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، إذا ما تطورت إلى تحرش جنسي. يفتح هذا الواقع الطريق أمام الجريمة الإلكترونية، والتي تمارس في المغرب، دون حسيب أو رقيب. أما المتزوجون فتلك الخواتم في أياديهم اليسرى لا تكبح جماح رغباتهم، وعلى أي حال، فهذه القصص، والتي غالبا ما تكون مملة، تحبك أحداثها في مجتمعنا! وغالبا ما تبتدئ بمشاجرات طفيفة، لكي تتطور إلى دعاوى في المحاكم، حسب الشهادات المستقاة، ونفس الشيء بالنسبة إلى أولئك الأزواج الذين يعانون من ويلات هذا العالم الافتراضي، فهم لا ينتبهون إلى الضرر الذي يتسببون فيه لأبنائهم...يقول البروفسور عبد الكريم بلحاج إن تكنولوجيات التواصل الحديثة تسببت في حالات الطلاق، «الأسوأ من الإخفاق الدراسي لدى العديد من الأطفال والمراهقين، والذي أصبح الشغلَ الشاغل للعديد من الأسر، هو ذلك الانفصام الذي يصاب به المراهقون جراء الإدمان على الأنترنت». كما أكد البروفسور أن «هذا الإخفاق الاجتماعي، وحتى الزوجي، يتطور بتطور وسائل الاتصال الإلكترونية. وتجدر الإشارة إلى أن البالغين يعانون من إخفاق اجتماعي، بكل المقاييسه، إذا لم نقل من حالة من الانزواء التام!»... مصطلحات عنكبوتية «هاكر» مصطلح إنجليزي شائع، وعكس مخربي المواقع، الذين يُعرَفون ب»كراكرز»، فإن الهاكرز» لا يبحثون عن تخريب المواقع، بقدر ما يبحثون عن إشباع فضولهم، بقرصنة موقع إلكتروني ما. أما «ويب سنيبور»، أي قنّاصو الأنترنت، فهو للدلالة على «المُدرْدشين المتسلسلين»، وفي بعض الأحيان، يكونون «هاكرز» ركزوا اهتمامهم على فتاة لم يستطيعوا الوصول إليها في العالم الحقيقي.
«فيشينغ» مصطلح إنجليزي يعني القنص ويستعمَل للدلالة على محاولة الاحتيال على شخص ما، باستعمال هوية مزورة للولوج إلى معلوماته الخاصة وإلى صوره. «كييك» كلمة إنجليزية تدل على أولئك المهووسين بمجال ما. ويستعمل هذا المصطلح اليوم للدلالة على «مهووسي الأنترنت»، أي مهندسي المعلوميات. جرائم إليكترونية مفهوم واسع يشمل العديد من المخالفات الجنائية المرتكَبة على الأنترنت، ومنها قرصنة البطاقات البنكية أو الأعمال الإباحية أو التحريض على الإرهاب أو تأجيج الميز العنصري. ويستعمل هذا المصطلح كذلك -ولو نادرا- للحديث عن القرصنة أو عن «قناصي» الأنترنت.