اليوم أصبحنا نعيش وضعا يبدوا فيه أن الصحوة المجتمعية، بدأت تطل من نافذة طالما كانت مقفلة ، فلا يمكن الحديث عما نحن فيه في المغرب من أوضاع مجتمعية أقل ما يمكن وصفها بالمريرة ، دون الكشف عن أسباب هذا السرطان التدبيري، المفعم برائحة الريع التي زكمت الأنوف ، ولم يعد الجميع له القدرة على المزيد من الصبر لمقاومة التصريحات التهديدية الصادرة عن آكلي النعمة وناكري الذمة،ومتابعة أزلياتهم لألف ليلة وليلة وكذبة أبريل ، الراقصون على الجروح ،ممن يلقبون بممثلي الأمة. اليوم وبما أننا نكشف عن أسباب هذه الأعطاب السريرية ، المتفشية ،سواء في مجال الصحة والتعليم والقضاء ، وأزمة التشغيل ، التي تبقى الطامة الكبرى في البلد ،يحق لنا التذكير ، بل و نتحدث عن أزمة الضوء الأحمر ، التي وصل إليها صندوق التقاعد ،و نستحضر معها جانب محسوس من المعاشات الهزيلة، التي يحصل عليها من قدموا حقيقة خدمات جليلة للوطن، ولقوا نحبهم وتركوا زوجاتهم بمبلغ (20)درهم في الشهر ، ومناسبة نستحضر من خلالها جملة من حملة السلاح ،من جيوشنا الشجعان ،والظروف الصعبة التي يشتغلون فيها بين مخاطر الثعابين والزواحف وسطوة العدو ،تاركين أبناءهم وزوجاتهم بين أنياب القضاء ، بمبالغ تجد سبيلها نهاية كل شهر إلى وكالات القروض ، ونقيسها مقارنة بالدور البرلماني المريح والإمتيازات السائبة، ومعها نستحضر تلك الخطابات الرنانة التي طالما حفظناها عن ظهر قلب ، المحسوب منها على الدين ، تلك المصطلحات المحشوة بعامل الجشع ،كيف رسمت لنفسها مسارا، نحو ممارسة السلطة والتعتيم والتنعم بإمتيازاتها، التي كانوا يرونها آنفاً وفي عقيدتهم المكرية ، ويصفونها جملة وتفصيلاً بالريع والسياسي. وهنا يحق لنا كإعلاميين بل وكمواطنيين الذين يحملون هم لقمة العيش ، وثمن فاتورة الماء والكهرباء والكراء، مع هذه شطحاتكم المليونية ، أن نستحضر الحكمة التي تقول تأكيداً ، أنه ما بني على باطل فهو باطل ، وهنا خونا الوزير والبرلماني سابقاً وعمدة مدينة فاس صاحب المشاريع الكبرى بالعاصمة العلمية وغيرها ،كيف أصبحت علاقته بالكعكة كعلاقة الطفل بثدي أمه ، وهو لا يتيق أن يرى شخصاً يدين هذا النوع من الريع الذي يحلب الدولة ويكلفها الكثير ، ويبدوا أن خرجته الإعلامية الأخيرة ، التي يدافع فيها عن الريع،بعبارة منخدموش بيليكي نسي معها أو تجاهل قصداً ، أن موقع صفة البرلماني أو وزير ، هي مهمة لها مدة صلاحية محددة ، تستوجب فقط بعض التعويضات عن التنقلات، نظير المهام الملقاة داخل المدة الإنتدابية، وتمتد وتنتهي بإنتهاء مدة صلاحية الصفة، وأنها ليست كمهنة للكسب الدائم، كباقي المهن المعروفة ، لكن يبدوا أن السادة الوزراء والبرلمانيون ، نسوا مع كثرة الإمتيازات والتعويضات وحليوة البرلمان ،والنعيم الخاص بالجمع بين المهام ، وما يرافق ذلك من تعويضات تكلف خزينة الدولة الملايير ، ونحن بلدنا يعاني في الحضيض ويحتاج إلى مبادرة ممن يسمون أنفسهم ممثلي الأمة ،وهم في هذا لا يمثلون عدا حساباتهم البنكية ومشاريعهم داخل المغرب وخارجه، مبادرة يترفعون غيرة احتراماً لما يعانيه الوطن من أزمات وقروض دولية ، وما يعانيه بالبلد في قضاياه الكبرى مما سلف ذكره ، ووما ترتقي به الأمم إلى الأعالي من صحةو علم ومعرفةوعدل سليم. وهنا الشعب يحق له التنديد ،لأنه هو من يستخلصون منه وهو من يحلب ليؤدى لكل برلماني ووزير ،ثمن نومه العميق ، وهو من يؤدى من جيبه ليخرج اليوم عدو البيليكي متوعدا بإخراس لسانه ، ونسي السي مول البيليكي، أن هذا الذي تستفزه هو من أجلسك على هذا الكنز التدبيري ، تتلقى معه زهاء كل شهر راتباً سمينا ،يتوزع حسب المقام والتمتيلية الحزبية والوزارية والبرلمانية ، دون الحديث عن أخرى ، فيما هو الأخير ساعياً وراء تيهكم ووعودكم ، منتظراً متى تستفيقون من سباتكم الذي طال فوق الكراسي الحمراء تحت قبة التشريع بالبرلمان ، وبمجلسكم الموقر مجلس النوام. وسبق لتقرير للمديرية العامة للجماعات المحلية أن كشف أرقاماً صادمة، وذلك عن المستوى التعليمي لأعضاء مجالس الجماعات الترابية، إذ من أصل 30 ألفا و663 مستشار يدبرون شؤون الجماعات المحلية البالغ عددها 1503 جماعات، 4739 منهم لم يلجوا مقاعد الدراسة. وأكدت الأرقام الرسمية لوزارة الداخلية حول مستوى التعليم في الجماعات المحلية ارتفاع نسبة الأمية، إذ أن 53 مستشارا على مستوى مجالس الأقاليم والعمالات أميون، في حين تجاوز عدد الأميين بالجهات سبعة من بين 678 مستشارا. وأشارت المعطيات إلى أن عدد المستشارين الذين لك يتجاوز مستواهم الدراسي الابتدائي يبلغ 8792 مستشارا في الجماعات، و212 في العمالات والأقاليم، و44 في مجالس الجهات، أما الذين تمكنوا من مواصلة دراستهم والحصول على شهادة التعليم العالي، فلا يتعدى عددهم 7871 مستشارا بالجماعات، و637 بالعمالات والأقاليم، و460 على مستوى الجهات. ولنا نظرة عما حققتموه للشعب إن لم نقل ظواهر من الفقر والهشاشة الإجتماعية ، وما حققتموه لأنفسكم وذويكم من عيش رغيد ، هو عربون جعل اليوم من عرف وكذا مفهوم السياسة الحقيقي من إدارة في فن التدبير والتسيير المعقلن ، إلى عزوف تام عن المشاركة السياسية ، وأنتم ومثلكم سببا في تبخيس من قيمة الأطر والكفاءات ، وأنتم في هذا كآلة تطرب على المآسي لحنا يطربكم بصوت الجوعى ، والمرضى والمعلولون من أبناء جلدتكم العاملون دائماً وأبدا بمنطلق (البيليكي) المحرم اليوم كما قلتم في مبدأ شريعتكم النكراء ، ناهيكم عن ما تواجهون به مما جادت به قريحتكم من كلمات الوعيد ،كل من ينتقد إمتيازاتكم السمينة ، التي تتلقونها قبل ومع وبعد نهاية ولايتكم البرلمانية والوزارية ظلما وعدوانا، فيما آخرون من حماة الوطن في الطوابير، ينتظرون بتقاسيم وجوههم الشاحبة دراهم بخسة ،وهم معها مرضى ومعلولون دون إمتيازات تذكر ، تصبح على خير يا وطني.