جلالة الملك يخاطب المغاربة مساء اليوم بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء    أغناج ل" رسالة 24 ": نعيب على الحكومة ووزير العدل الاستقواء بالأغلبية الأتوماتيكية    اليماني يرد على وزيرة الإنتقال الطاقي بخصوص الطاقة الأحفورية    حماس: فوز ترامب يختبر وعده بوقف الحرب خلال ساعات    مستشارون ينتقدون تدبير النفايات الخضراء بمدينة الرياط    ابتسام بطمة ترد على شائعات العفو الملكي    مكتب الفوسفاط و"إنجي" الفرنسية يتجهان لإنشاء مصنع ضخم للهيدروجين الأخضر في الصحراء    "إنرجين" تصدم المغرب بخصوص كمية الغاز المكتشفة وتقرر الانسحاب    بعد فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة..تراجع أسعار الذهب    عودة ترامب إلى رئاسة أمريكا .. ارتياح في المغرب ومخاوف بالشرق الأوسط    نتنياهو: ترامب يحقق "عودة تاريخية"    "الشيوخ الجمهوريون" أغلبية في أمريكا    في خطاب النصر.. ترامب يتعهد بوقف الحروب وعودة العصر الذهبي لأمريكا    قطر تعلن إقرار التعديلات الدستورية    "الاشتراكي الموحد": تطوير العلاقات مع فرنسا ينبغي أن لا يكون على حساب ثروات المغرب واستقلاليته    اتحاد طنجة يرفض طلب الوداد … !        العرائش: تدشين مشاريع تنموية بإلإقليم بمناسبة تخليد ذكرى المسيرة الخضراء    أمن الرباط يستعمل الصعق والرصاص    الجديدة: جزارو مولاي يخرجون للاحتجاج أمام مقر الجماعة    بعد احتفاء ترامب بالفوز في الانتخابات .. صعود الدولار يخفض أسعار النفط    الناظور تطلق مهرجان "سينما الذاكرة"    "مهرجان سينما الذاكرة" يناقش الدبلوماسية الموازية في زمن الذكاء الاصطناعي    برنامج يخلد المسيرة الخضراء بمونتريال    في آخر فرصة لهم.. وسيط المملكة يقترح على طلبة الطب حلين لإنهاء الأزمة    "فيفا" يلزم الوداد والأندية بالمشاركة بأقوى اللوائح في "موندياليتو 2025"    استئنافية البيضاء تحدد أولى جلسات محاكمة القاضية المتقاعدة    الرابطة البيضاوية تعزي في وفاة والدة هشام سهيل    بسبب تراجع مستواه … صابر بوغرين تتراجع قيمته السوقية    وزارة الصحة تكشف خريطة بناء مستشفيات جديدة بقدرة استيعابية تتجاوز 5000 سرير    الجديدة : لقاء تواصلي حول برنامج GO SIYAHA بحضور فاعلين في مجال السياحة    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    لحماية القطيع.. وزير الفلاحة يمنع ذ بح الإناث القادرة على التكاثر    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا.. تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    أبطال أوروبا: هزيمة مفاجئة للريال في البيرنابيو وسيتي يسقط بالأربعة أمام سبورتينغ    اختتام فعاليات الدورة التدريبية لحكام النخبة (أ)    ترامب: حققت فوزا تاريخيا وسنغلق الحدود أمام المجرمين    طقس الأربعاء.. ارتفاع درجات الحرارة وتناثر حبات رملية بالاقاليم الجنوبية    كيوسك الأربعاء | مقترح جديد ينهي أزمة أطباء المستقبل    الانتخابات الأميركية.. ترامب يعزز تقدمه وآمال ضئيلة لهاريس    ذكرى المسيرة الخضراء.. الملحمة الخالدة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    29 برلمانيا بمجلس المستشارين يصادقون على مشروع قانون إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وثلاثة يمتنعون            مجموعة بريد المغرب تصدر طابعاً بريدياً تذكارياً بمناسبة الذكرى العاشرة لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر    مرحلة ما بعد حسم القضية..!    تحقيقات جديدة تهز كرة القدم التشيلية    حقيقة انضمام نعية إلياس إلى الجزء الثالث من "بنات للا منانة    أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)    خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن سؤال يتكرر حول من خلق الله ؟؟؟
نشر في نيوز24 يوم 09 - 05 - 2013


هو نفس السؤال يتكرر معي كل سنة ...
يعيدون طرحه مع كل موسم دراسي ، داخل قاعات التمدرس وخارجها ...
من خلق الله ؟؟؟
سؤال طرحه علي أحد التلاميذ الذين أدرسهم في إحدى الثانويات بالرباط ، لم يفاجئني السؤال كثيرا ، فقبل هذا السؤال طرح علي سؤال آخر فيه ما فيه من الجهل والأمية الدينية ، ووراءه ما وراءه من تقصير بشع تمارسه مع سبق الإصرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في حق مواطنين وجدوا الخناق مضيقا على علماء البلد ودعاته فما حاولوا ثني الوزارة المذكورة عن العدول عن تقصيرها وتفريطها في حقهم ، وتشاركها في هذا التقصير الآثم ووللأسف الشديد وزارة تعنى بالتربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي اهتمت بمخططات استعجالية فأرسلت التعليم بصفة عامة إلى المستعجلات وأدخلته بسياساتها إلى قاعات الإنعاش والموت السريري ، ... سؤال طرحه علي تلميذ وأنا أشرح لزملائه في الفصل درسا في رحاب التربية الإسلامية بعنوان " الاختلاف آدابه وتدبيره ، السؤال مفاده أن الله " يعبث " بالخلق !!! والدليل على ذلك هو أن الله عز وجل حرم زواج الأخ بأخته والابن بأمه والأب بابنته والعمة بابن أخيها والخال بابنة أخته ولم يحرم هكذا زواج لما أنزل آدم من الجنة إلى الأرض أوليس هذا " عبث " من قبل الله أو " تخربيق " إن صح التعبير ؟؟؟
قبل أن أجيب هذا التلميذ عن سؤاله تأملت مليا في وجوه زملائه فوجدت الحيرة والدهشة تملأ وجوههم عقب طرح هذا السؤال ، وقبل أن أحرك لساني بالرد المباشر على " المغالطة " التي تلقفها من غير إحساس بخطورتها أمثال هذا التلميذ ، نطق تلميذ آخر طالبا مني أن لا أرد على ما قاله زميله في حق الله عز وجل وألا أعيره اهتماما بدعوى أنه " مشرك كافر وأحمق " ، ولأننا في مادة التربية الإسلامية ندرس للتلاميذ قيم التواصل وضوابطه وأساليب الحوار في القرآن والسنة وبعض القواعد القانونية والشرعية لتدبير الاختلاف ، أشرت على التلميذ الذي دعاني لتجنب هكذا حوار بأن يستفيد مما نتعلمه من مقرر التربية الإسلامية ، وطلبت من التلميذ " المغرر به " أن يختار ما يرتضيه للنقاش ، إما النقل الأدلة الشرعية وإما العقل ، فاختار الأخير ، فبينت له بادئ الأمر أن العبث محال في حق الله عز وجل ، وأنه لما كان ذلك كذلك فإن هناك ما اصطلح على تسميته بالشرع وهناك اللاشرع ، فاللاشرع يقصد به أنه لما نزل آدم عليه السلام إلى الأرض بعد مخالفته لأوامر الواحد القهار في الجنة ، لم تكن هناك شريعة تحرم زواج الأخ بأخته وذلك لتحقيق غاية أساسية هي قوله عز وجل في سورة البقرة: إني جاعل في الأرض خليفة الآية 30 ، فلكي يخلف الإنسان الإنسان لا بد له من عملية تزاوج وتكاثر وتوالد ، وهذا التوالد لن يتأتي تحقيقه على أرض الواقع إلا عبر زواج الأخ بأخته ، وإذا كان الأمر محرما منذ البدء فمصير البشرية كان سيمضي إلى زوال وانقراض ، وحتى لا تكون النهاية هكذا ، وحتى لا يكون الله " عابثا " كان ما كان من جعل الزواج بين الإخوة حلالا ، فلما استقر أمر البشرية وتحقق لها التكاثر ، حرم هذا الأمر ، ومن المعلوم بالضرورة أن الحلال في شريعة ما قد يصبح محرما في شريعة أخرى ، فصناعة التماثيل على سبيل المثال كانت جائزة على عهد سليمان عليه السلام وحرمت في شريعة محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام ، أما لماذا اختار الله هذا الأمر ولماذا لم يختر خلقا كخلق آدم يهبط مع أبينا آدم عليه السلام من الجنان إلى الأرض ومن ثم يتزوجون فيما بينهم فالجواب عن ذلك هو أن الله عز وجل لا يسأل عما يفعل ويسأل الناس عما يفعلون ، فهو المجيد ذو العرش الفعال لما يريد ، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون .
هذا فيما يخص الجواب عن السؤال الثاني ، أما السؤال الأول فقبل أن أجيب من طرحه تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق اللهُ الخلقَ ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله " ، وبينت له أنه لا يجوز لمسلم عاقل أن يطرح مثل هذه الأسئلة ، ثم سألته عن الغاية من طرح مثل هكذا سؤال ، فإن كان حب المعرفة والوصول إلى الحقيقة هو الباعث الأول والأخير أجبت من غير لف أو دوران ، وإن كان الدافع غير ذلك ناقشنا الدوافع والأسباب ، فلما أدركت بعد جس النبض الفكري عنده أنه إنما طرح ما طرح لتشويش مس العقيدة عنده ، وأنه ما استفسر إلا تلهفا للحقيقة وشوقا لها ، قلت له ببسيط العبارة : الله عز وجل خالقُ خلق الخلق دون أن يحتاج لمن يخلقه ، فهو سبحانه وتعالى واحد فرد صمد لم يكن له كفؤ أحد ، ولو كان له كفؤ أو نظير لذهب كل إله بما خلق ، ولو كان خلق الخلق يحتكم إلى منطق القوة أو إلى منطق الحاجة الدائمة إلى خالق لدخلنا إلى متاهات لا نهاية لها ولولجنا عالم أسئلة متسلسلة لا حصر لها ولا إجابة لها إلا عن طريق التسليم التام بأن هناك موجد أوجد كل الأشياء وقادر على خلق وإيجاد كل ما يتصوره العقل وكل ما لا يخطر على بال دون أن يستعين في هذا الأمر بأحد من الخلق ، ودون أن يحتاج إلى موجِد يخرجه من حيز العدم إلى عالم الوجود ، ودون أن تعتريه في عمليتي الإيجاد والخلق ما يعتري باقي المخلوقات من تعب وعياء وضعف ووهن ومرض وعجز وجهل وبخل وكسل وغير ذلك مما لا يليق بمن أوجد نفسه بنفسه ، فهذا هو الله الذي كان حين لم يكن شيء وسيبقى حين لا يبقى شيء ، فهو الأول وهو الآخر وهو الظاهر وهو الباطن وهو الواجد الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ... وقلت له أن المعرفة عندنا نحن معشر المسلمين تتكون من مصدرين رئيسيين أولهما الوحي الإلهي قرآن كريم وسنة نبوية صحيحة وثانيهما الوجود الكوني المتمثل في عالم الشهادة المحيط بنا ، وبين الوحي " المسطور " والكون " المنظور " قصة تكامل وتشابه واتحاد ، فكلاهما ينطق بذات الحقائق ويتسم بنفس الخصائص ، والوحي فيه ما هو غيبي لا تدركه الأفهام وفيه ما يدرك عن طريق العقل الذي أمرنا باستخدامه للاستهداء عبر إعماله في التفكر فيما خلق الله في هذا الكون الفسيح بدءا من النفس البشرية ونهاية بالآفاق ، فإذا انطلقنا في بحثنا عن الحقيقة من الوحي قرآن وسنة وربطنا هذا الوحي بما هو موجود حولنا في هذا الكون فسنصل بلا شك للمبتغى والمراد ألا وهو أن الله هو الخالق الماجد الواجد الموجد الواحد ، وإذا ما زغنا عن هذا الطريق فسنضل ونشقى دون أن نحقق من البحث شيئا .
اقتنع التلميذ " المسكين " بما قلته له وبما سقت من آيات وأحاديث يستدل بها في هذا المجال ، لكن حينما وجدت هذا السؤال يتكرر عند مجموعة من التلاميذ وفي مختلف المستويات أيقنت بما لا يدع مجالا لشك عارض أن هنالك تيار يعمل في الخفاء ، يهدف إلى زعزعة فطرة وعقيدة الفتيان والفتيات والشباب بهذا البلد ، مستغلا بذلك غياب وزارة الأوقاف عن الميدان ، وتقزيم مقررات التربية الإسلامية وتحقير دورها وعدم الاهتمام الكافي بها في مختلف أطوار التدريس ، وإن لم يكن ذلك صحيحا وهذا ما أتمناه من أعماق نفسي فما معنى أن تتواتر هذه الأسئلة من هذا النوع على لسان فئة عمرية يرجى منها الفلاح والصلاح في المستقبل ؟ وما معنى أن تظل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في بلد مسلم غائبة عن ممارسة التوجيه الديني للتلامذة والطلبة في المدارس والجامعات ؟ وما سر إصرار وزارة التربية الوطنية على منح ساعتين فقط لمادة التربية الإسلامية مقارنة مع مواد أخرى ؟ ولماذا هذا التهميش الموجه ضد هذه المادة ؟ ولماذا دروس هذه المادة لا تمت إلى الواقع وإلى حاجيات ومتطلبات التلامذة والطلبة بصلة ؟؟؟
أسئلة وأخرى مثيلاتها وجدتني أطرحها على نفسي وأوجهها بحثا عن جواب يشفي الغليل إلى كل مسؤول ووزير في بلد يجعل دستوره من الشريعة الإسلامية دينا رسميا للمواطنين ، لكنه ويا للحسرة بلد لا يدافع المسؤولون فيه عن أمنه الروحي والديني إلا في حالات نادرة جدا ، ولا يستخدمون الدين فيه إلا لتحقيق أغراض ذاتية ومصالح شخصية ومآرب أخرى تجرد الدين من كنهه السامي لتجعله مجرد طقس يتبرك به في المواسم والمناسبات فقط .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.