مع اقتراب ختام كل موسم دراسي ، تنفجر جملة من التساؤلات لدى التلميذ حول مساره العلمي والمعرفي : من أين يبدأ ؟ وكيف يسوق مشروعه المستقبلي ؟ وأين يتوجه ؟ ومن يوجهه وينير دربه وخططه وتحركاته نحو تحقيق ما يصبو إليه من أهداف ومتمنيات ؟ ولا شك أن الكثير من التلاميذ تختلف وضعياتهم وتصوراتهم ، فمنهم من أفلح ومنهم من قضى نحبه ، ومنهم من لا زال يتخبط تائها عن كل معالم الطريق . هنا وهناك ، ورفقة معايشة يومية لكل مشاكل التلاميذ الوطيئة والشاسعة الأطراف ، وانحسار مسدود لكل ما قد يفيدهم في معرفة أسهل طريق نحو خيارتهم المعرفية والمهنية في المستقبل . إنها أزمة بنيوية تعبر عن درجة متقدمة من العطب والإختلال ، يعسر معها محاولة التلميذ لتبني أفق يتسم بالفاعلية والطموح . إن هذا الواقع هو المهد الذي ترعرعت فيه فكرة تنظيم ملتقى توجيهي يرنوا إلى فسح السبل وتحقيق التفاعل المعرفي والوقوف عند أهم العراقيل التي تحول دون فهم التلميذ كيفية بلوغ أهدافه في مختلف مناحي وحقول النسق المعرفي والمهني . وفي هذا الصدد ، تمكنت جمعية الوحدة للتنمية والثقافة بسيدي قاسم ، من تنظيم ملتقى توجيهي تكويني ولأول مرة على صعيد الجهة تحت شعار " لنصنع مستقبل بلدنا " . الذي دام ثلاثة أيام (7و8و9 أبريل 2013م) لفائدة تلاميذ السلك إعدادي – ثانوي . سعت جمعية الوحدة من خلال هذا الملتقى إلى القطع مع كل ماهو مؤلوف ومتجاوز ، لذلك عملت على التخطيط لبرنامج يطمح إلى المزاوجة العملية بين ماهو معرفي ومهني وترفيهي ، بطريقة شبابية تقترب وبكيفية منهجية من كل المتطلبات التي تضطلع إليها هذه الفئة من التلاميذ . فالبناء الفعلي لأجيال الغد يتطلب منهجا مواتيا وتقنيات ملائمة كفيلة في النهاية بإنتاج الأسلوب الأكثر فعالية لتقوية مدارك هذا الجيل الصاعد . إندلق هذا المخيم التوجيهي الممنهج وبشكل متناغم بتمكين التلاميذ بالقيام بجملة من اللقاءات مع المهنيين والطلبة تباينت مشاربهم العلمية والمهنية ، فمنهم مهنيين وطلبة في التجارة والتسيير ، وأخرين في الميدان الصحي ، بالإضافة إلى مهنيين وطلبة في مجال التقنيات الحديثة والصناعة ، فضلا عن أساتذة وطلبة تدفقوا في هذا المخيم من مختلف الجامعات المغربية . وقد تخلل هذا التناغم المثمر جملة من الورشات الهادفة - بالإعتماد على مختصين في مجال التنمية البشرية - كورشة :"الرؤية ، الرسالة والقيم" التي إهتدت إلى تحسيس التلميذ بأهمية صياغته هدف أو مجموعة من الأهداف للحياة ، وعرفته بأنواعها وأليات بلوغها .ليزرع بذور الحماس والإشراق المستقبلي، فضلا عن إشعاره بمسؤولية الرسالة العلمية التي يحملها، وبأهمية إنضوائها على قيم إنسانية بفحوى خدمة الإنسان والمجتمع ، وقبلا إبتغاء رضى الله عز وجل . كما كانت هناك ورشة "التواصل والإلقاء" وورشة "التفوق" . فلبلوغ التلميذ إلى بر الأمان يتوجب عليه إختبار أكثر من طريق وتجريب أكثر من خطاطة . ما يساعدهم (المقصود التلاميذ) على تنظيم حياتهم ومجالهم الخارجي ويضفون بها معاني ودلالات على محيطهم . وما يطلق أيضا العنان وإضفاء ضفاف الأمل المشرق والجميل للتمسك بكل الأفاق المراد تحقيقها . وجذير بالذكر أن هذا الملتقى التوجيهي كان فضاءا للتبادلات والتفاعلات مع التلاميذ ، وفق منهجية دقيقة وأسلوب مرن محكم الأليات . كما لم يخلوا من من لحظات الترفيه والمتعة ، مادام أن هذه الأيام هي بمتابة عرس معرفي ينشد بأجيال سيتوجها التاريخ مستقبلا . وقد شكل هذا التنوع غنا حقيقيا، يستهدف إقامة نظام معرفي شامل ومتكامل ، يتماشى وفق نوعية التلاميذ ومواقفهم وقناعتهم ومشاريعهم المستقبلية وأشكال ممرساتهم وتفاعلاتهم الإجتماعية . وفي ختام هذا الملتقى ، وبحضور الأستاذ عبد الرحيم الزهراوي رئيس جمعية الوحدة . تم توزيع شواهد تقديرية لفائدة المشاركين ، تحفيزا على العمل المستمر ، ودعوة أكيدة للحضور الدائم لهكذا أنشطة وإحتفاءات هادفة وممنهجة ، تأكيدا على أهمية الإنخراط المجتمعي في عملية البناء الحضاري وإنجاح نهضة مغربية إسلامية رائدة ..