قررت فرقد أسعد عدم الاحتفال بليلة عيد الميلاد هذا العام كغيرها من المسيحيين في العراق خشية تعرضهم لهجمات من تنظيم القاعدة الذي هددهم بالقتل ولأنها لاتزال حزينة اثر مذبحة كنيسة سيدة النجاة التي تنتمي إليها. وبعد أن أكدت أن «احتفال ليلة عيد الميلاد مناسبة كبيرة ومهمة بالنسبة لنا, كنا نحتفل بها كل عام نفرح بها مع الأقارب والأصدقاء ونحضر القداس فيه», قالت هذه الطبيبة لوكالة فرانس برس «هذا العام العيد سيختلف كثيرا». وأضافت «لا نستطيع أن نفرح مثل كل عام لأننا نخاف على أولادنا ولا نستطيع أن نأتي ونخرج على راحتنا في ظل التهديدات الموجودة فعليا». وتابعت إن ما أطقه تنظيم القاعدة «ليس تهديدات فقط إنما يتم تنفيذها ومن يهددوه يستطيعون الوصول إليه وقتله بكل سهولة». وألغى مجلس الكنائس في العراق الاحتفالات في جميع أنحاء البلاد واختصرها بقداس روحي وصلاة حزنا على مجزرة كنسية النجاة. وقال المطران شليمون وردوني بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في بغداد إن «مجلس كنائس العراق اجتمع قبل أسبوعين ودعا المؤمنين إلى إلغاء كافة الاحتفالات وجعلها تقتصر على احتفال روحي في الكنائس لأسباب احتياطية محزنة». من جهته, قال الأب مخلص قرياقوش الكاهن في كنسية سيدة النجاة التي شهدت مذبحة في 31 أكتوبر الماضي إن «مناسبة عيد الميلاد مختلفة اليوم مع الحزن الذي أصاب كنيستنا بفقدان أبنائنا». وأكد أن «المناسبة ستقتصر على القداس والشعائر الدينية بدون أي من مظاهر الاحتفال». وأضاف الأب مخلص أن «الكنيسة كانت تزين بشجرة الميلاد كل عام. لكن هذا العام لن نقيم أي شيء من هذه المظاهر من اجل حياتنا ووجودنا», مشددا على أن الاحتفال بالمناسبة «سيقتصر على القداس والصلاة والصيام». من جانبه, أكد يوسف محمد صاحب محل زهور «كنا نجهز بين مئتي و300 شجرة لعيد الميلاد كل عام لكنني لم أبع سوى 15 شجرة في هذا العام». وفي مدينة الموصل (370 كلم شمال بغداد) التي تضم عددا كبيرا من المسيحيين وشهدت الجزء الأكبر من الاعتداءات ضد المسيحيين, قالت مريم دانيل (57 عاما) بحزن «أين العيد للام التي فقدت ابنها بالقتل الوحشي الذي يمارسه أعداء هذا البلد؟». وأضافت هذه السيدة التي ابنها وهو في الثانية والعشرين من عمره والذي كان أبا لولدين أمام منزله بينما كان يهم للتوجه إلى الجامعة قبل ثلاثة أشهر «أي عيد وأنا أرى أحفادي يبكون على أبيهم ويتحسرون على من كان ياتيهم بشجرة الميلاد وملابس العيد؟». وتابعت «أين العيد وأرى زوجة ولدي في عينها دموع وكلمات تشكي من هم الوحدة التي خلفتها إياد ملطخة بدم الأبرياء وتتحسر على لمسة حنان من زوج يقول لها في أول يوم من العيد كل عام وأنت بخير؟». وفي البصرة ثاني اكبر مدن العراق, قال سعد متي عضو مجلس محافظة البصرة عن الأقليات مسيحي «أصدرنا بيان مجلس كنائس البصرة لإلغاء كل مراسم الاحتفالات بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة والاكتفاء فقط بإقامة القداس». وأوضح أن البيان تضمن «اعتذارا عن استقبال المهنئين بالمناسبة إكراما لشهدائنا الإبرار الذين سقطوا في مذبحة كنيسة سيدة النجاة في بغداد وكذلك لقدسية وحرمة شهر محرم لإخواننا المسلمين». ويحيي المسلمين الشيعة خلال هذه الأيام مراسيم مقتل الإمام الحسين ثالثة الأئمة بالمذهب الإثنى عشري. وكان مسلحون اقتحموا في 31 أكتوبر كنيسة سيدة النجاة في حي الكرادة وسط بغداد وقتلوا 44 من المصلين وكاهنين. وقضى أيضا في الاعتداء الذي أعلنت شبكة القاعدة مسؤوليتها عنه سبعة من عناصر الأمن. وهناك حاليا نصف مليون مسيحي في العراق مقابل 800 ألف إلى 2,1 مليون في 2003. وفي مدينة كركوك (255 كلم شمال بغداد) قال الدكتور لويس ساكو رئيس أساقفة كركوك للمسيح الكلدان إن «المسيحيين هذا العام لن يحتفلوا بأعياد رأس السنة لأسباب أمنية ولأنهم يشعرون بألم وحزن كبير». وأضاف أن «فاجعة سيدة النجاة وما شهدته الموصل وضحايا الشعب العراقي في عموم العراق يجعلنا نكتفي بالصلاة في يوم العيد بدون أن نستقبل المهنئين أو نحتفل بالأعياد لأننا نشعر بالحزن والأسى في الوضع الذي نعيشه ويعيشه الشعب العراقي». وكان ساكا أعلن الثلاثاء إلغاء الاحتفالات بعيد الميلاد هذا العام في المدينة والاكتفاء بالصلاة اثر تلقيه تهديدات من تنظيم القاعدة. وقال رجل الأعمال المسيحي صباح هندي (73 عاما) إن «جميع كنائس كركوك ستكتفي بالصلاة ولن نشهد أي احتفال أو مظاهر فرح هذا العام». وأكد أن «المسيحيين سيبقون في بيوتهم يستقبلون معارفهم وأصدقاءهم لان حزنهم كبير».