مع اقتراب عيد الميلاد، حقق الرئيس الأميركي باراك أوباما انتصارين تشريعيين من خلال إقرار مجلس الشيوخ يوم الأربعاء الماضي، معاهدة ستارت والتوقيع على قانون تاريخي يتيح لمثليي الجنس أداء الخدمة في الجيش الأميركي من دون إخفاء ميولهم. وبعد أسابيع من ممارسة البيت الأبيض ضغوطا كبيرة لكسب رأي الجمهوريين المترددين صدق مجلس الشيوخ المعاهدة بأغلبية 71 صوتا مقابل 26 صوتا. ويتعين إقرار المعاهدات الدولية بأغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ. ولذلك تعين حصول الديمقراطيين على تأييد العديد من الجمهوريين. وأنجزت المهمة الأربعاء مع تصويت 13 منهم لصالح المعاهدة. وعلى الإثر, رحب وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف باقرار المعاهدة, لكنه قال إن روسيا تحتاج لبعض الوقت لدراسة الوثائق الاميركية قبل التصديق عليها من جانبها. وفي مؤتمر صحافي قبل توجهه إلى هاواي لقضاء إجازة الميلاد ورأس السنة مع عائلته, قال أوباما مساء الأربعاء تصويت الكونغرس على المعاهدة وجه «رسالة قوية إلى العالم» بشأن وحدة المشرعين الأميركيين في ما يتعلق بمسائل الأمن القومي. وقال كذلك إن حصيلة الكونغرس الاميركي خلال الأسابيع الماضية شكلت «فترة تقدم» وكذب توقعات المعلقين بعد هزيمة حزبه الديموقراطي في الانتخابات التشريعية مطلع تشرين الثاني/نوفمبر. وقال أوباما إن «كثيرا من الناس في هذه المدينة (واشنطن) تكهنوا بعد انتخابات منتصف الولاية بان واشنطن ستتجه نحو المزيد من الانقسام بين الحزبين والى مزيد من العرقلة. ومع ذلك, كانت هذه فترة تقدم للأميركيين». ويشكل إقرار المعاهدة التي وقعها الرئيس الأميركي باراك أوباما في 8 أبريل 2010 مع نظيره الروسي ديمتري مدفيديف انتصارا مهما له على مستوى التشريعات والسياسة الخارجية. ويأتي هذا الانجاز بعد اقل من شهرين على «الضربة» التي تلقاها الديمقراطيون بحسب تعبير أوباما في الانتخابات التشريعية. وتنص اتفاقية تقليص عدد الأسلحة الإستراتيجية (ستارت) على تحديد حد أقصى من 1550 رأسا نوويا منشورا للبلدين أي ما يشكل تقليصا بنسبة 30% مقارنة بالعام 2002. كما تنص على استئناف عمليات التفتيش المتبادلة للترسانات النووية لدى القوتين العظميين التي توقفت في أواخر 2009. وفي إطار انجازه الثاني, وقع اوباما صباح الأربعاء خلال حفل كبير ضمن أجواء من البهجة في واشنطن على قانون يجيز لمثليي الجنس الإعلان عن ميولهم أثناء الخدمة في القوات المسلحة الأميركية بعد 17 عاما من المنع. وقال أوباما قبيل توقيعه نص القانون الذي اقره مجلس الشيوخ في نهاية الأسبوع الفائت بعد نقاشات طويلة, مخاطبا مثليي الجنس من مواطنيه إن «بلادكم تحتاج إليكم, بلادكم تناديكم, ويشرفنا أن نستقبلكم في صفوف أفضل جيش في العالم». وذكر أوباما في أثناء الحفل بتضحية الكثير من المثليين بحياتهم من اجل الولاياتالمتحدة من حرب الاستقلال إلى الحرب العالمية الثانية مشيرا إلى أن «أسماءهم مطبوعة على نصب قتلانا وتتوزع قبورهم في جميع أنحاء (المقبرة الوطنية في) أرلينغتن». وتبنى مجلس الشيوخ بغالبية 65 صوتا مقابل 31 السبت مشروع قرار إلغاء قانون «لا تسأل ولا تعلن» المثير للجدل الصادر عام 1993 الذي يمنع على الجنود المثليين في الجيش الإفصاح عن ميولهم الجنسية. وصوت ثمانية شيوخ جمهوريين لصالح المشروع بالرغم من معارضة أغلبية أعضاء كتلتهم. ولن يدخل القانون حيز التنفيذ قبل عدة أشهر, إلى حين إعداد القوات المسلحة لوجود جنود مثليين علنا في صفوفهم. وكان هذا الانجاز مرتقبا منذ فترة طويلة في الجناح اليساري في الحزب الديموقراطي. وبالإضافة إلى هذين الانتصارين التشريعين, حصل أوباما على إقرار التسوية الضريبية التي انتزعها من الجمهوريين لتمديد العمل بالإعفاءات الضريبية للأثرياء مقابل تمديد العمل بتعويضات البطالة, مستفيدا من الأيام الأخيرة من جلسات البرلمان قبل بدء الكونغرس الجديد مهامه في يناير. آنذاك ستحول الأكثرية الجمهورية في مجلس النواب وأقليتهم المعززة في مجلس الشيوخ مهمة أوباما أكثر صعوبة مما هي عليه حاليا. وقال أوباما يوم الأربعاء إن هذه الحصيلة تبرهن «إننا لسنا محكومين بحالة تعثر لا نهاية لها». وأكد أوباما أنه مصر على الدفاع عن مثله العليا وأنه لم يتخل عن هدفه في إصلاح سياسة الهجرة, رغم الفشل الأخير لقانون كان من شأنه أن يتيح للمهاجرين المتسللين إلى الولاياتالمتحدة وهم أطفال الحصول على المواطنة الأميركية بشروط. ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإقرار مجلس الشيوخ الأميركي معاهدة ستارت الجديدة, معتبرا أن ذلك «يوجه رسالة قوية وواضحة تدعم نزع السلاح النووي ومنع الانتشار النووي». كما رأت ألمانيا أن الولاياتالمتحدة تفتح بذلك الباب أمام «عقد من نزع التسلح».