قاضي التحقيق يستمع اليوم للمتورطين في أحداث الشغب والعنف بالعيون شككت المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان «هيومن رايتس ووتش» في عدد الوفيات التي أعلن عنها «البوليساريو» بخصوص أحداث العيون، مؤكدة الأرقام المقدمة من قبل السلطات المغربية. وكشفت المنظمة، عقب أول تحقيق مستقل حول أحداث العيون قامت به على مدى خمسة أيام،صحة عدد الوفيات التي أعلنت عنها السلطات المغربية (11 من قوات الأمن المغربية واثنان من المدنيين)، مشيرة إلى غياب أي مؤشر «يدعم الأرقام التي أعلن عنها «البوليساريو». فقد أكد بيتر بوكايرت، مدير المنظمة المكلف بحالات الطوارئ، في تصريحات لصحيفة «إيل باييس» ولوكالة الأنباء «إفي» وللقناة التلفزية الإسبانية العمومية، أول أمس، غياب أي دليل على أن عدد الوفيات مرتفع كما تدعي (البوليساريو) «التي لا نعرف من أين استقت معطياتها». وأوضح مدير «هيومن رايتس ووتش» أن قوات الأمن المغربية «لم تكن تحمل السلاح» أثناء تفكيك مخيم كديم إيزيك، الذي كانت مطالب ساكنته ذات طابع اجتماعي»، مفندا بذلك مزاعم بعض الجمعيات الموالية للبوليساريو، التي ادعت أنه تم «فرض حصار» على مدينة العيون. وأكد بيتر بوكايرت، بخصوص مخيم (كديم إزيك), أن السلطات المغربية «واصلت مفاوضات موسعة» مع تنسيقية المخيم من أجل التوصل إلى اتفاق», مشيرا إلى أن هذه الأخيرة رفضت اتفاقا مبدئيا كان الطرفان قد توصلا إليه، وأن «الشائعات الكاذبة حول وفاة عدد كبير من الأشخاص خلال تفكيك المخيم كانت وراء اندلاع الاضطرابات التي راح ضحيتها عدد من أفراد الأمن الذين تم إخراجهم من سياراتهم قبل أن يتم قتلهم من طرف مثيري الشغب. إذاك لم يعد ممكنا السيطرة على الوضع. فتم إحراق بنايات عمومية, وهاجمت الحشود أفراد قوات الأمن الذين لم يكن بحوزتهم السلاح وأخرجتهم من سياراتهم قبل أن تعمد إلى قتلهم». في هذا السياق أوضح ممثل منظمة «هيومن رايتس ووتش», التي ستصدر، قريبا تقريرها عن أحداث العيون، أن تفكيك المخيم اتسم ب»العنف. ولكن بدون استخدام الأسلحة النارية. مما تسبب في سقوط أكبر عدد من الضحايا في صفوف قوات الأمن، وليس في صفوف المتظاهرين». وهو ما خلص إليه مجلس الأمن الذي تمكن، حسب تقرير اللقاء الإخباري الذي انعقد بموجب قراره رقم 1920، من تقدير حجم الأحداث، وتحديد المسؤولين عن الأعمال المشينة التي ارتكبها ذوو السوابق, وعناصر موجهة ومؤطرة من طرف البوليساريو والجزائر، التي ارتكبت اغتيالات بدم بارد على مرأى ومسمع من الجميع. وقد شكلت خلاصات هذا اللقاء صفعة قوية للجزائر وللبوليساريو.هاته الأخيرة أصدرت بيانا وزع بالجزائر، علقت فيه هزيمتها المدوية على المشجب الفرنسي، وأعربت من خلاله عن «أسفها الشديد لأن فرنسا، العضو الدائم في مجلس الأمن والتي تتمتع بحق الفيتو، عارضت بشدة إرادة واضحة أعرب عنها أعضاء آخرون في المجلس لإرسال لجنة تحقيق دولية سريعاً». وقد سارع وزير الخارجية الطيب الفاسي الفهري، أول أمس، إلى تعليق ندد فيه، عبر قناة «فرانس بريس»، «باستمرار لجوء جبهة بوليساريو إلى التضليل الإعلامي» في شأن أعمال العنف التي حدثت عند تفكيك المخيم، وإلى «بحثها عن كبش فداء لإلصاق إخفاقها الذريع بأطراف أخرى». في السياق ذاته، قال محمد لوليشكي السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة, في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء, أول أمس، أن إحباط الجزائر و(البوليساريو) واندحارهما عقب اللقاء الإخباري لمجلس الأمن, لا يعادلهما إلا الثقة التي كانت تحذوهما, هذه المرة, لتضليل هذا الجهاز الأممي، مشيرا إلى أن «هذين الطرفين هددا قبل اللقاء الإخباري كلا من الأممالمتحدة ومجلس الأمن بالعودة إلى حمل السلاح أو الانسحاب من مسلسل المفاوضات. وبعد ذلك هاجما أعضاء مجلس الأمن, وخاصة فرنسا, لعدم مباركتهم للاتجاه الذي كانا ينويان السير فيه بمسلسل المفاوضات». من جانب آخر، وردا على ما جاء في تصريحات مدير المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان, لوسائل الإعلام الإسبانية، من «أنه بلغ إلى علمه إصابة بعض الأشخاص بطلقات نارية خلال أحداث الشغب والعنف التي شهدتها مدينة العيون يوم 8 نونبر 2010»، أصدر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالعيون أمرا بفتح بحث قضائي في الموضوع، بداية من يومه الاثنين، بناء على ما ورد في هذه التصريحات. وعلمت بيان اليوم من مصادر أمنية بالعيون أن قاضي التحقيق سيستمع، في اليوم ذاته، لأربعة وثلاثين فردا مشتبه في تورطهم في الأحداث التي شهدتها مدينة العيون، بالإضافة إلى خمسة أشخاص، من بينهم ضابط في الجيش الجزائري، تم إلقاء القبض عليهم خلال حملة تمشيطية في منطقة واد الساقية الحمراء مزودين بأجهزة اتصال متطورة جدا، كانت تستعمل في التشويش على أجهزة الاتصال الخاصة برجال الأمن.