كشف تقرير لمؤسسة آنا ليند ومركز غالوب حول العلاقات بين الثقافية في بلدان المنطقة الأورو متوسطية، أن شعوب هذه البلدان تتوقع أن يعود مشروع الاتحاد من أجل المتوسط بنتائج إيجابية على مجتمعاتهم في المستقبل. وأكد أندري أزولاي، مستشار جلالة الملك ورئيس مؤسسة «آنا ليند»، أن التقرير عبارة عن خارطة طريق، فيما شدد سفير الاتحاد الأوربي بالرباط، إينيكو لوندابورو، على أن نتائج التقرير تظهر أن ما يجمع شعوب هذه المنطقة أكثر مما يفرقها، وبالتالي فإن المسؤولية تقع على قادة هذه البلدان لجعل المنطقة فضاء للحوار والتعايش. وكشف التقرير الذي شارك في إعداده ما يقرب من 50 خبيرا في شتى المجالات المعرفية، وينتمون إلى 22 بلدا هي مجموع دول البحر الأبيض المتوسط والاتحاد الأوربي، أن العامل الديني أساسي في تعزيز القيم المشتركة، وسد الفجوة في الإدراك المتبادل بين شعوب ضفتي المتوسط. وقال أزولاي خلال تقديم التقرير أمس بالرباط، «إن نتائج استطلاع الرأي تمكن من الإسهام في رصد مختلف توجهات الرأي العام في البلدان المعنية، والوقوف عند القواسم المشتركة بين شعوب ضفتي المتوسط، من خلال التأكيد على أهمية الحوار والتعايش الثقافي». ووصف مستشار جلالة الملك تقرير مؤسسة «آنا ليند» التي يتولى رئاستها، ب»غير المسبوق ومشترك المسؤولية»، لأنه لم يقتصر فقط على نظرة خبراء دول شمال المتوسط وأحكامهم على المجتمعات الأخرى، ولا على رؤية نظرائهم بالجنوب وطريقة تعاملهم مع شعوب الشمال، وإنما يجمع بين توجهات الشمال والجنوب. وأضاف أن التقرير «استطاع ملامسة الأسئلة المحرجة وحاول إيجاد الأجوبة الضرورية». واعتبر أزولاي أن التقرير، باعتباره وثيقة مرجعية مهمة ووسيلة لمواكبة ما تعرفه المجتمعات في الضفتين، لا يترك المجال لقادة الدول للتذرع بالقول إنهم لم يكونوا يعرفون شيئا عن هذه التوجهات التي تعرفها مجتمعاتهم. وشدد أزولاي على أن التقرير كشف بأن المغاربة، وهم من بين أكثر الشعوب المستجوبة في استطلاع الرأي، لا يشعرون بأي عقدة للقول بأن مستقبلهم مرتبط مع أوروبا. ودعا في هذا السياق، إلى استغلال نتائج التقرير للاستجابة لانتظارات شعوب ضفتي البحر الأبيض المتوسط وتحقيقها على أرض الواقع، وجعل الاتحاد من أجل المتوسط مشروعا طموحا يغذي هذه الانتظارات، مشيرا إلى أن الكرة الآن في مرمى الدول التي عليها أن تشتغل على تلك النتائج ذات المصداقية، لتحقيق طموحات شعوبها. واعتبر سفير الاتحاد الأوربي بالمغرب أن التقرير يرصد آفاق التعاون الأورو متوسطي، ويخلص إلى وجود معرفة متبادلة بين شعوب بلدان المتوسط والاتحاد الأوربي. وهو تقرير مجدد لأنه ولأول مرة، يعطي الكلمة لمواطني دول المنطقة للتعبير عن آرائهم. فضلا عن أنه لم يقتصر فقط على التشخيص، وإنما يتضمن كذ لك توصيات تمثل خارطة طريق للدول للاستجابة لانتظارات الرأي العام. ودعا إينيكو لوندابورو دول المنطقة الأورمتوسطية إلى العمل على خلق ظروف الحوار ليس فقط بين بعضها البعض، ولكن من داخل البلدان نفسها. وكشف التقرير الذي شارك فيه 13 ألف مستجوب من ثلاث عشرة دولة، أن أبرز جوانب اختلاف القيم بين الدول الأوربية ودول جنوب المتوسط، تتمثل في الأهمية التي تضعها شعوب كل منطقة على حدة، على المعتقدات الدينية. ويولي مواطنو دول الجنوب أهمية بالغة للدين، حيث يأتي في المرتبة الأولى أو الثانية في استطلاع الرأي، وهي القيمة التي يحرصون على نقلها لأبنائهم، بينما يرى مواطنو الدول الأوربية أن القيم الدينية أقل قيمة من القيم الأخرى التي يحرصون على نقلها لأبنائهم. ويوصي التقرير في هذا الاتجاه، بالأخذ بعين الاعتبار بهذا المعطى في سياق بناء مشروع مشترك، واستغلال هذه القيمة، خصوصا من طرف الدول الأوربية، للمساعدة على فهم أهمية الدين بالنسبة لسكان دول جنوب شرق المتوسط.