من تنظيم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية, انطلقت يومي 23 و24 شتنبر الجاري بمدينة تارودانت, ندوة دولية حول موضوع «إكودار (المخازن الجماعية) : تثمين التراث الثقافي», وذلك باعتبارها تراثا يتعين تثمينه بالمغرب وبالبلدان المغاربية الأخرى. وجاء في وثقية تقديمية لهذه الندوة أن هذا التراث الثقافي القروي, الذي يعد إرثا تاريخيا وحاملا للتقاليد, ظل لزمن طويل مهملا, ولم يحظ بالبحث اللازم من قبل المشرفين على التهيئة وذووي القرار. وحسب المنظمين, فإن المخازن الجماعية, باعتبارها أحد الرموز الجمالية للتراث القروي, استقطبت اهتمام السلطات الاستعمارية الكبير واهتمام علماء تلك المرحلة المرموقين. وشكلت الهندسة المعمارية المتميزة لهذه البنايات وطابعها كفضاء للتضامن والنضال والتلاحم الجماعي, محور أبحاث رصينة بالمغرب. وقد انبهر الباحثون, على الخصوص, بالسمات المعمارية لهذه المباني وكذا بالطابع السوسيو-ثقافي لهذه المؤسسات. وأفاد المصدر ذاته أن المؤلفين القلائل الذين كتبوا عن هذه المآثر عكفوا بالأساس, على الوصف التقني (الموقع والمورفولوجيا والمعمار ومواد البناء والتخزين والقانون العرفي ودورها الدفاعي..), مؤكدا أن قلائل هم الذين استرعى اهتمامهم التسيير والغنى السوسيو-ثقافي المنسجم لهذه المؤسسات. ولم يولي المؤرخون والسيوسيولوجيون والأنتربولوجيون وعلماء الجغرافيا إلا نزرا من اهتمامهم لهذه البنايات, على الرغم من طابعها السيويو-كوني البنيوي. وتعاني هذه المآثر المحتضرة والمدمرة كليا أو التي توجد في مرحلة متدهورة متقدمة, من العديد من العلل التي تتمثل في ضياع وظيفتها (التخزين والدفاع) وغياب صيانة الأسقف والأسوار والجدران والملحقات وتفكك الجماعة التي كانت تتكفل فيما قبل بتدبير هذ المؤسسات. ووعيا بفداحة الخسارة التي يشكلها اختفاء هذه المآثر, تعبأت فرق من الباحثين المغاربة والألمان والسويديين وأعضاء من المجتمع المدني وقطاعات إدارية وشخصيات من أجل دق ناقوس الخطر حول حالة هذا الإرث.وتروم هذه الحملة الإنذارية مزيدا من التعرف والتعريف والمحافظة وتثمين «إيكودار» التي تعد جزء من الذاكرة والثقافة القروية, خاصة منها الأمازيغية. وعلاوة على هذا البعد المحلي, تعالت أصوات تطالب أن يجد هذا التراث طريقه نحو اعتراف دولي من طرف منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو). وستهم النقاشات, من جهة أخرى, التدبير الجماعي والحمولة الثقافية لإكودار على المستوى المغاربي (المغرب والجزائر وتونس وليبيا) , وكذا المؤهلات والأشكال الجديدة لتثمين هذه الفضاءات.