تعقد اللجنة التقنية المكلفة بدراسة ملف التقاعد، يومه الجمعة، اجتماعا اعتبره أحد أطر الصندوق المغربي للتقاعد، في تصريح لبيان اليوم، الأخير في عمر هذه اللجنة، وستتم خلاله صياغة التقرير الذي سيرفع إلى اللجنة الوطنية، التي ستقدم بدورها نهاية الشهر القادم، مشروعا تقترح فيه تأخير الإحالة على التقاعد سنتين، ليصبح في سن 62 بدل 60 عاما المعمول بها في النظام الحالي، ومعاودة النظر في احتساب سنوات الخدمة العملية، وزيادة نسب الاقتطاعات الشهرية للعاملين. ووفق مصدرنا، انتهت اللجنة التقنية إلى قناعة مفادها أن أزمة الصناديق قد تتفاقم في السنوات المقبلة، وستبدأ في الظهور عام 2013 في حال عدم التدخل لإنقاذها من شح مرتقب في السيولة النقدية وارتفاع أعداد المحالين على التقاعد، وهو ما يؤكد الخلاصات الأولى لمكتب الخبرة الفرنسي «أكتوريا» الذي أشار إلى وجود صعوبات قد تهدد الاستقرار المالي لصناديق التقاعد في المغرب قبل حلول عام 2020، مع عجز واضح في تمويلات صندوق القطاع العام قبل ذلك التاريخ، مقدرا رساميل صناديق التقاعد المغربية ب 550 مليار درهم، يوظف بعضها في استثمارات عامة وخاصة، لتحصيل عوائد تتراوح بين 6 و 10% في المتوسط . وحسب مصدرنا، فقد بيّنت الدراسات والقياسات التي قامت بها اللجنة التقنية طيلة السنتين المنصرمتين، أن ارتفاع عدد المتقاعدين في مقابل المستخدمين تراجع خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، وستصبح النسبة هي متقاعد واحد لكل أربعة مستخدمين، في وقت كان فيه المعدل قبل أبعين سنة هو متقاعد واحد لكل 11 أجيرا، أضف إلى ذلك تأثير زيادة معدل الحياة من 60 إلى سنة 72 سنة في العقدين الأخيرين. وبات من شبه المؤكد أن تحال مسودة مشروع رفع سن التقاعد إلى 62 سنة، حسب مصدرنا، على مجلس الحكومة بعد شهر ونصف من الآن، وهو ما أثار زوبعة داخل النقابات التي أجمعت، في تصريحات لقيادييها للجريدة، على رفض أي صيغة لتعديل سن التقاعد باعتباره ضربا لمكتسبات الطبقة العاملة بعد عقود من النضال المتواصل. وعلى هذا النحو، دعت المنظمة الديمقراطية للشغل مختلف المركزيات النقابية إلى خلق لجنة نقابية مشتركة لمتابعة تطورات هذا الملف ومواجهة كل الاحتمالات وجعل تاريخ 20 أكتوبر يوما وطنيا للاحتجاج والدعوة إلى خلق تضامن عمالي نقابي مغاربي لمواجهة التعديل المزمع إجراؤه في سن التقاعد. ومن جهتها، عبرت الفيدرالية الديمقراطية للشغل عن رفضها لقرارات الصندوق المغربي للتقاعد، المتجلية في رفع سن التقاعد إلى 62 سنة، والرفع من نسبة الانخرطات ب 4% على مرحلتين، واحتساب معدل أجر 8 سنوات الأخيرة من العمل في تحديد مبلغ المعاش، وأكدت أن هذه الإجراءات ستنعكس سلبا على الوضعية الاجتماعية والمعنوية للموظفين. وفي سياق مماثل، أعلنت الفيدرالية رفضها لخلاصات المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد التي «ستأتي على ما تبقى من أجور ومعاشات الموظفين الضعيفة أصلا في سياق اجتماعي يشهد زيادات مهولة في أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية، وفي ظل حوار اجتماعي متعثر عاجز عن تلبية المطالب الملحة للشغيلة المغربية. ومقابل ذلك، رفضت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التعليق على ما يمكن توقعه من شد وجذب بخصوص مسودة مشروع رفع سن التقاعد، مثله في ذلك مثل الاتحاد المغربي للشغل الذي اكتفى متحدث باسمه بالقول بأن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت والتفكير قبل الرد على ما ستقدمه اللجنة الوطنية المكلفة بملف التقاعد التي يترأسها الوزير الأول، علما أن اللجنة ذاتها تضم في عضويتها ممثلين عن المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا علاوة على مسؤولي الصناديق والوزارات المعنية بهذا الملف، والتي أنيطت بها مسؤولية إصلاح أنظمة التقاعد في شموليتها في إطار من التوافق يضمن الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وضمان ديمومة الصناديق. وفي ردود فعل شخصية لا تلزم نقاباتهم، ندد قياديون نقابيون بما سموه «الضغط والتشويش» الذي تعرضت له اللجنة التقنية «من أجل جرها إلى الانخراط في صيغة معينة» تجعل الصناديق الأخرى تحذو حذو الصندوق المغربي للتقاعد، وتضمن الضغط على اللجنة التقنية لتغليب جانب رفع سن التقاعد، بدل التفكير في السيناريوهات المقترحة التي تتضمن بالتأكيد مداخل إصلاح عديدة.