اتفقت البلدان المشاركة في مؤتمر الأممالمتحدة الثالث لتمويل التنمية، المنعقد في أديس أبابا أمس على سلسلة من التدابير الجريئة لإصلاح الممارسات المالية العالمية وخلق استثمارات لمواجهة مجموعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وسيوفر اتفاق "جدول أعمال أديس أبابا" أساساً لتنفيذ جدول أعمال التنمية المستدامة العالمية الذي من المتوقع أن يعتمده زعماء العالم في شهر شتنبر المقبل. وقد توصلت 193 دولة عضوا في الأممالمتحدة، والتي حضرت المؤتمر، إلى هذا الاتفاق بعد مفاوضات بقيادة وزير الخارجية الإثيوبي تيدروس أدهانوم غيبريسوس. ويمثل الاتفاق، الذي تم اعتماده بعد أشهر من المفاوضات بين البلدان، علامة بارزة في إقامة شراكة عالمية تهدف إلى تعزيز الازدهار الاقتصادي وتحسين رفاهية السكان مع حماية البيئة في الوقت نفسه. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن "هذا الاتفاق يعد خطوة حاسمة إلى الأمام في بناء مستقبل مستدام للجميع، ويوفر إطار عمل عالمي لتمويل التنمية المستدامة"، مضيفا أن نتائج مؤتمر أديس أبابا تعطينا الأساس لتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة التي تشمل الجميع. يشار إلى أن هذا المؤتمر هو الأول من بين ثلاثة أحداث هامة يشهدها العام الحالي، من شأنها أن تضع العالم على مسار غير مسبوق نحو مستقبل مزدهر ومستدام. وتوفر نتائج هذا المؤتمر أساسا قويا للدول لتمويل واعتماد جدول أعمال التنمية المستدامة المقترح في نيويورك في شتنبر، والتوصل إلى اتفاق ملزم في مفاوضات الأممالمتحدة حول المناخ في باريس في دجنبر يهدف إلى تقليص انبعاثات الكربون العالمية. ويعتبر التمويل أساسيا لنجاح جدول أعمال التنمية المستدامة الجديد الذي سيكون مدفوعاً من خلال تنفيذ 17 هدفا للتنمية المستدامة. ومن المقرر أن يعتمد ما يقرب من 150 من قادة العالم أهدافاً جديدة في قمة التنمية المستدامة في نيويورك في شتنبر، وستعالج هذه الأهداف الأولويات العالمية، بما في ذلك القضاء على الفقر والجوع، والتقليل من عدم المساواة الاجتماعية، ومعالجة تغير المناخ، والحفاظ على الموارد الطبيعية لكوكب الأرض. ولدعم تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، يتضمن جدول أعمال أديس أبابا أكثر من 100 خطوة ملموسة تعالج جميع مصادر التمويل وتغطي التعاون فيما يتعلق بمجموعة من القضايا، بما في ذلك التكنولوجيا والعلوم والابتكار والتجارة وبناء القدرات. وقال وو هونغبو، الأمين العام للمؤتمر إن "هذا الاتفاق التاريخي يمثل نقطة تحول في التعاون الدولي، ستسفر عن الاستثمارات اللازمة لأهداف التنمية المستدامة التحويلية الجديدة، والتي من شأنها أن تعمل على تحسين حياة الناس في كل مكان". وتؤكد الوثيقة الختامية أيضاً على أهمية مواءمة الاستثمار الخاص والتنمية المستدامة، جنباً إلى جنب مع السياسات العامة والأطر التنظيمية لوضع مجموعة من الحوافز المناسبة، وخلق آلية جديدة من شأنها أن تسهل تمويل تكنولوجيات جديدة للبلدان النامية. ويشمل جدول أعمال مؤتمر أديس أبابا التزامات هامة في السياسات والإنجازات الرئيسية في المجالات الحيوية للتنمية المستدامة، بما في ذلك البنية التحتية والحماية الاجتماعية والتكنولوجيا. يشار أيضا إلى أن هناك اتفاقات أخرى بشان التعاون الدولي لتمويل مجالات محددة مثل الطاقة والنقل والمياه والصرف الصحي، وغيرها من المجالات للمساعدة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة المقترحة. كما ينص الاتفاق الذي توصل إليه المجتمعون في أديس أبابا على أن كل بلد يتحمل المسؤولية الرئيسية عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية الخاصة به، مع عدم المبالغة في دور السياسات والاستراتيجيات الإنمائية الوطنية. ومما يجدر ذكره أن جدول أعمال مؤتمر أديس أبابا يقوم على أساس مؤتمري تمويل التنمية السابقين الذين عقدا في كل من مونتيري بالمكسيك، وفي العاصمة القطرية الدوحة.