الصينيون لا يستهلكون إلا ما ينتجون... الحلقة5 عندما يستيقظ التنين يهتز العالم.. كذلك قال نابليون بونابارت، وكذلك اهتزت الأرض بعد استيقاظ تنين الصين. بيان اليوم تصطحبكم في رحلة طيلة شهر رمضان، عبر حيز ضيق من صفحاتها لا يتسع لبلد بحجم الصين، تضعكم في قلب مدنها وتتجول بكم في شوارعها، وتقربكم من أناسها. البداية ستكون بالعاصمة الروحية بيجين كما يتغنى بها الصينيون أو بكين كما وصلت العالم، والحكاية ستنتهي أيضا مع بيجين، لكن بين بيجين وبيجين هناك الكثير من المشاهد التي رصدتها بيان اليوم، بداية من مدينة البيفوانا مرورا بمدينة الماء والسماء، وصولا إلى عاصمة الصين قبل آلاف السنين ومركز الإسلام والمسلمين. الصينيون شعب ينام في دقيقة ويستيقظ في دقيقة، شعب يشتغل كثيرا ويأكل قليلا، يحسب خطواته، ويقيس حركاته.. ببساطة إنهم أناس ينافسون الحواسيب والهواتف الذكية في نظامها ودقتها ونجاعتها. بيان اليوم ترسم لكم صورة أخرى عن شعب تمكن من الجمع بين مجتمع محافظ ومتطور، عبر تمسكه بالهوية والتقاليد من جهة وانفتاحه على العلوم والمعرفة من جهة أخرى. هذه هي الصين.. بمحاسنها ومساوئها تبقى أول بلد في العالم اقتصاديا وبشريا وصناعيا. انتهى المقام ب"بيجين"، ولم تنتهي قصصها، فالمدينة تتجاوز سرعة الضوء في نموها، وتسابق الزمن للتربع على عرش أكبر مدن العالم. الدهشة التي تصيب ضيوف بيجين عند التجول في شوارعها، تقابلها أخرى عندما تهتم بتفاصيل السيارات التي تتحرك فوقها، فالعلامات الصينية قليلة، ومع ذلك أغلب السيارات بل نسبة 99 في المائة مصنعة محليا. يثير انتباهك منذ أول وهلة، جودة السيارات المتحركة في شوارع العاصمة الصينية بيجين، فالعلامات الأوروبية والأميركية الفاخرة تنتشر في جميع تفاصيل المدينة، بداية من العلامات الألمانية "فولسفاغن" "أودي" "بي إم" وسياراتها الفاخرة، مرورا بالعلامة الفرنسية "رونو" وبسياراتها الغالية، وصولا إلى العلامات الأميركية، والأهم من كل ذلك بصمتها الصينية. الصين، بلد يؤمن أناسه أن الاستهلاك يقابله إنتاج، فلذلك يشترطون على المجموعات العالمية تصنيع جميع منتجاتها محليا، وتضمن لهم فتح سوق يصل لمليار مستهلك تقريبا. ليس السيارات فقط، بل حتى الهواتف الذكية، فأكبر العلامات ك"آبل" وسامسونغ ... تصنع هواتفها الذكية وحواسيبها في الصين، وذلك شرط مهم لتسويق منجاتهم بالبلاد، وحتى المجموعات العالمية في الصناعات الغذائية والأكلات السريعة تخضع لشروط الصينيين، فيستحيل أن تجد "ماكدونالدز" لا يبيع مأكولات صينية محضة، وكذلك الشأن بالنسبة ل"kfc" و... في بيجين، حافلاتهم منها من يشتغل بالكهرباء ومنها بالمحروقات وأخرى غير ذلك، فحتى فضلات الإنسان يمكن أن تحرك حافلة في بيجين. للناس في بيجين مذاهب في أداء واجب التنقل عبر الحافلة، فالشباب يفضل الهواتف الذكية، عبر الاستعانة بنظام QR CODE، والشياب يفضلون الأداء نقدا، لكن في بعض الحافلات، فأسطول بيجين متقدم في نظمه. محطاتهم تعرفها فقط بالإشهار، فلا أرقام ولا لوحات تحدد خطوط الحافلة كما هو معمول به في المغرب، ولا كراسي للجلوس، ولا ازدحام فيها، مدينة بالملايين ولا ازدحام في محطات حافلاتها ولا في حافلاتها ولا في مراحيضها، ولا مطاعمها. يمكن لسيارة الأجرة الصغيرة في المغرب، أن تنقل شخصا وشخصين وثلاث، في نفس الرحلة، لكن في بيجين لا يمكن ذلك، فالسيارة تحترم راكبها، وتضع أمامه شاشة تفاعلية تحدد اسم السائق وهويته واللغات التي يجيد، وتوقيت الرحلة والمدة المتوقعة وحتى تفاصيل يصعب عليك تخيلها. أما محطة القطار، فالصورة تختلف أكثر، والقطارات فائقة السرعة تنتظرك في أكثر من 10 خطوط سككية، والانتظار لا يدوم طويلا. لا يمكنك السفر واقفا، أو عالقا في مرحاض القطار، فقطارات بيجين، تعفيك من ذلك، وبمجرد الحجز سواء عبر تطبيقات أو عبر الإنترنت أو عبر جميع الوسائل المتاحة، تجد تذكرتك تحمل اسمك ومقعدك، وحتى وجبة بسيطة تنتظرك. محطة بيجين، أكبر من مطار محمد الخامس الدولي، وأكبر من أصغر مدينة في المغرب، فعندما تفكر في ولوجه تحتاج الإسراء نحو سماء المحطة ثم المعراج نحو خطوطها السككية. وحتى المراحيض، فيستحيل أن تجد مرحاضا "روميا" في أكبر المنشآت كالمطارات والمحطات والشوارع...، فالصينيون يعتبرونها غير صحية. في بيجين كما فيما باقي الصين، سمك يباع حيا، تجده يسبح في حوض صغير في ضواحي مدينة بيجين، ولا يمكن لأي صيني شراء السمك ميتا، فذلك ضرب من المستحيل، وما أكثر المستحيلات في الصين.