كشف استهداف سلاح الجو السعودي منزل الرئيس السابق علي عبدالله صالح في صنعاء درجة العداء التي تكنّها المملكة العربية السعودية للرجل الذي باتت تعتبره "رأس الأفعى" في اليمن، على حدّ تعبير شخصية عربية مرموقة مطلعة على تفكير القيادة السعودية. وأوضحت هذه الشخصية أن ما دفع القيادة السعودية إلى التركيز على علي عبدالله صالح في الفترة الأخيرة القناعة التي تكوّنت لديها بأنّه فتح خطّا مباشرا مع إيران. وفسّرت هذه الشخصية حدّة العداء الذي تكنّه السعودية لعلي عبدالله صالح برفضه النصائح التي وجّهت إليه في الماضي بضرورة مغادرة اليمن وتفضيله البقاء لاعبا سياسيا وعسكريا في البلد. وقالت إنّ السعودية باتت مقتنعة كلّيا بأنه لم يكن في استطاعة الحوثيين "أنصار الله" المدعومين من إيران تحقيق أي تقدم في الجنوب، خصوصا في اتجاه السيطرة على عدن دون دعم الوحدات العسكرية التي لا تزال موالية لصالح. ووافق الحوثيون الذين عانوا خلال الفترة الماضية تحت قصف التحالف العربي المكثف، أول أمس على هدنة إنسانية مدتها خمسة أيام اقترحتها السعودية. وكانت السعودية أعلنت يوم الجمعة أن الهدنة قد تبدأ غدا إذا وافق الحوثيون عليها والتي ستسمح بوصول الإمدادات الغذائية والطبية التي يحتاجها اليمن بشكل كبير. وقال العقيد الركن شرف غالب لقمان المتحدث باسم الجيش اليمني المتحالف مع الحوثيين إن القوات اليمنية وافقت على الهدنة ولكنها سترد على أي هجمات من الموالين للرئيس عبدربه منصور هادي في ساحة المعركة في ما بدا تنسيقا بين الحوثيين وعلي عبدالله صالح وصل إلى حد تشابه كبير في التصريحات. وتدهور علاقات صالح مع القيادة السعودية ليس وليد اللحظة لكنه مر بمراحل منذ غادر الرياض في سبتمبر 2011 بعدما أمضى فيها نحو ثلاثة أشهر يعالج من حروق وجروح خطيرة أصيب بها في أنحاء مختلفة من جسده. وأكّد مصدر يمني وقتذاك أن صالح عاد إلى صنعاء دون تنسيق مع السلطات السعودية التي استضافته منذ يونيو إثر تعرّضه لمحاولة اغتيال. وكانت الطريقة التي عاد بها إلى صنعاء، دون أخذ إذن بالعودة، مؤشرا على أن الرجل "خارج السيطرة" على حد تعبير الشخصية العربية المطلعة على تفكير القيادة السعودية. واعتبرت هذه الشخصية أن السعودية، بقصفها مقرّ إقامة علي عبدالله صالح في صنعاء، في محاولة واضحة لتصفيته جسديا، قطعت الطريق على أي مصالحة معه وباتت تعتبره العدوّ الأوّل في اليمن والعقبة في طريق نجاحها في إعادة "أنصار الله" إلى حجمهم الحقيقي. وخلصت هذه الشخصية إلى القول إن ردّ صالح على محاولة اغتياله، بتأكيده التحالف مع الحوثيين، يشير إلى أن الرجل صار مقتنعا أكثر من أي وقت بأنه سيكون عليه الذهاب بعيدا في المواجهة مع السعودية التي باتت تعتبره جزءا لا يتجزّأ من المعادلة الإيرانية في اليمن، بل الحلقة الأساسية فيها. لكن السعودية وحلفاءها مازالوا مصرين على إحكام الحصار على اليمن منعا لوصول أي إمدادات للحوثيين. ورغم ذلك أعلن برنامج الأغذية العالمي أمس أن قوات التحالف العربي سمحت نهاية الأسبوع بوصول سفينة تابعة للأمم المتحدة محملة بالوقود إلى اليمن بعد توقف توزيع الأغذية في بعض مناطق البلاد التي تشهد حربا، بسبب نفاد الوقود. ورست السفينة المحملة ب300 ألف لتر من الوقود والمعدات السبت في ميناء الحديدة غرب اليمن وكان من المفترض أن تصل سفينة ثانية مساء أمس كما قال البرنامج في بيان. وكان البرنامج أعلن في 30 أبريل أن النقص في الوقود سيرغمه على وقف تدريجي لعمليات توزيع الأغذية في حين أن الوضع الإنساني يتفاقم.