سيطر الجيش الليبي أول أمس الأحد على معبر رأس جدير على الحدود مع تونس، في وقت تصعد فيه الحكومة المعترف بها دوليا من حدة المواجهة مع الجماعات المتشددة استعدادا لشن حملة عسكرية موسعة لاستعادة العاصمة طرابلس من جهة الغرب. وأكد وزير الداخلية الليبي عمر السنكي، سيطرة الجيش الوطني على المعبر. وقال السنكي "إن معظم العسكريين التابعين لفجر ليبيا استسلموا لقوات الجيش، وإنَّ بعضهم فر إلى مدينة زوارة". وأضاف أنه يجري التنسيق لإعادة فتح المعبر وتنظيم العمل به، كما تستعد القوات للتقدُّم باتجاه مدينة زوارة ورقدالين، وأنَّها لن تتوقف حتى تحرر طرابلس. من جهته، أكد العقيد أحمد المسماري الناطق باسم رئاسة الأركان العامة للجيش الوطني الليبي، تمكن قواته من السيطرة على المعبر الاستراتيجي، فيما نشرت الوحدات العسكرية التونسية المزيد من الدبابات قرب حدودها مع ليبيا تحسبا لأي طارئ. وقال المسماري، إن قوات الجيش الليبي استطاعت السيطرة بالكامل على المناطق الواقعة جنوب وغرب وشرق معبر "رأس جدير" في عملية نوعية استهدفت دحر الميليشيات الإرهابية التابعة ل"فجر ليبيا" الموالية لجماعة الإخوان. وتعكس عملية السيطرة على المعبر، سعي الجيش للاقتراب من العاصمة طرابلس، التي تسيطر عليها جماعة فجر ليبيا التابعة للإخوان المسلمين، من جهة الغرب. وتتخذ الجماعة المتشددة من مدينة مصراتة مركزا لتحركاتها، وتقع المدينة على بعد 200 كلم غربي العاصمة، وهو ما يفسر حرص قيادة الجيش على عدم إطلاق عملية تحرير طرابلس من الشرق خشية تعرضه للحصار من جهتين، طرابلس من الغرب ومصراتة من الشرق. وقال المسماري أن منطقة "أبو كماش" الليبية الواقعة على بعد نحو 3 كيلومترات من المعبر الحدودي "رأس جدير"، تحت سيطرة قوات الجيش الليبي الذي بدأ عملية تمشيط واسعة "للقضاء على جيوب الإرهابيين الذين فروا تحت حدة القصف الجوي، وتقدم قواتنا على طول الطريق الساحلي". وشهدت المنطقة الساحلية الليبية في ساعات الصباح الأولى من يوم أول أمس الأحد، معارك عنيفة بين قوات الجيش الوطني الليبي، والميليشيات الإرهابية الموالية لجماعة الإخوان والتنظيمات المُتطرفة والتكفيرية، شارك فيها سلاح الجو الليبي الذي سدد ضربات قاصمة للإرهابيين. وبحسب العقيد أحمد المسماري، فإن الجيش الوطني الليبي ألحق خسائر بشرية ومادية فادحة في صفوف الإرهابيين، حيث تم إحصاء أكثر من 30 قتيلا، إلى جانب تدمير أكثر من 10 آليات حربية، وعدد من مستودعات تخزين السلاح والذخائر الحربية. وقال، إن العملية التي نفذها الجيش الليبي أمس التي شملت أيضا منطقة بني جواد التي استهدف سلاح الجو العديد من مواقع الإرهابيين فيها، تندرج في إطار محاربة الإرهاب، والحيلولة دون تمكن المُتطرفين من داعش والقاعدة وغيرها من التنظيمات التكفيرية الاستيطان في ليبيا. واعترفت الميليشيات الإرهابية بنجاح العملية العسكرية التي نفذها الجيش الوطني الليبي، حيث نقلت تقارير إعلامية عن المدعو الشارف بوقصيعة أحد القادة الميدانيين لميليشيات "فجر ليبيا" قوله إن "قواتنا تقهقرت أمام تقدم قوات الجيش الليبي، ولكنه زعم أن ذلك يندرج في سياق تكتيكات عسكرية مؤقتة"، على حد تعبيره. ووصف شهود المعارك التي دارت أمس بين الجيش الوطني الليبي والميليشيات الإرهابية بأنها الأعنف، وقد انتهت بالسيطرة على المنطقة الممتدة من بلدة "بوكماش" (100 كلم غرب العاصمة الليبية) إلى المعبر الحدودي المشترك مع تونس "رأس جدير". ودفعت هذه المعارك السلطات العسكرية التونسية إلى تعزيز مواقعها على طول حدودها مع ليبيا، حيث أكد الناشط السياسي حسين الزرقي، أن الجيش التونسي دفع بعدد من الدبابات إلى محيط معبر "رأس جدير"، إلى جانب تكثيف الدوريات المسلحة. واعتبر أن تحرك الدبابات التونسية يندرج في سياق التعزيزات العسكرية التي شرعت تونس منذ مدة في الدفع بها نحو حدودها مع ليبيا تحسبا لأي طارئ بالنظر إلى الانفلات الأمني الذي تشهده الساحة الليبية.