سكان الجبال في مواجهة العطش يدعون المسؤولين للتدخل لإنقاذهم لعل أكبر هاجس يؤرق بال المواطنين القاطنين بالمناطق الجبلية التابعة لعمالة أكادير إداوتنان، هو مشكل الماء سواء الصالح للشرب أو الذي يوجه لإغراض أخرى. فعلى غرار السنوات العجاف التي تشح فيها السماء على الأرض وتقل فيها المياه الجوفية، تجد ساكنة هذه المناطق ذات الطبيعة الجبلية الصعبة كما هو الحال بالنسبة للجماعات القروية التابعة لإداوتنان ومسكينة وحاحا (أزيد من عشر جماعات) نفسها أمام معضلة تراجع الفرشة المائية ونفاذ مخزون «المطفيات»والغدران التي يصطلح عليها محليا ب»إفراضن»، وبالتالي التفكير في السبل الكفيلة للحصول على هذه المادة الحيوية الضرورية لاستقرار هؤلاء المستضعفين وإطفاء ضمأهم وضمأ ماشيتهم. الظاهرة هذه السنة لبست حلة الاستعجالية بالنظر إلى الخصاص الحاد، والذي جاء على غير العادة في السنوات التي تتمرد فيها الطبيعة على الإنسان، مبكرا، مما يستدعي تدخلا عاجلا من المسؤولين والسلطات المعنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل فوات الأوان، وحتى لا يتكرر ما حدث قبل خمس سنوات حينما حطمت الهجرة القروية من هذه المناطق «العطشانة»نحو الأحياء الهامشية بمدينتي إنزكان وأكاد ير والمناطق المجاورة لها، كل الأرقام القياسية في تاريخ الفترات التي تعيش فيها هذه المناطق ظاهرة الجفاف. لكن وإلى حدود هذا اليوم، اتضح لنا من خلال الاتصال بمجموعة من المسئولين،أن هذا الموضوع، ورغم خطورة عواقبه، لم تعط له بعد الأهمية اللائقة به وأن الدواليب المسؤولة لازالت لم تحرك أي ساكن في هذا الاتجاه . ولتسليط الضوء أكثر على هذا الموضوع اتصلت «بيان اليوم»بكل من أحمد أمهري والحسن بزكرى على التوالي، رئيسا الجماعتين القرويتين لكل من «تيقي» و»تدرارت»باعتبارهما الجماعتين الأكثر تضررا. فالأول عبر بمرارة عن الوضع المزري الذي آلت إليه حالة المخزونات المائية التي نفذ معظمها، والبقية القليلة في طريقها إلى النفاذ، مما ينذر حسب نفس المسؤول ب»كارثة « غير محمودة العواقب، مشيرا في معرض رده، إلى الصعوبات الجمة التي تعترضهم، بداية بالبحث عن مصادر التزود من منابع وآبار، على قلتها، مرورا بحالة الوسائل الخاصة بالشحن والتوزيع، وحالة المضختين اللتين في حوزة الجماعة،التي لا تطمئن إضافة إلى عدم قدرة شاحنتي الجماعة على تلبية كل حاجيات الساكنة، وصولا إلى مصاريف التوزيع، خاصة منها ما يتعلق بالوقود. فالميزانية التي رصدتها الجماعة لهذه المادة،يضيف أمهري، تستهلك بالكاد في النقل المدرسي اليومي لتلاميذ الثانوية الإعدادية عقبة بن نافع. رئيس جماعة تدرارت القروية، تحدث كذلك عن مشكل الصهاريج البلاستيكية المملوكة للجماعة والتي تم الاستيلاء عليها من قبل أعيان الجماعة ومن طرف أشخاص ينتمون إلى صف رئيس الجماعة السابق،وقد راسلت الجماعة جميع السلطات المعنية حول هذا المشكل دون جدوى، يؤكد المسؤول الجماعي. أما الرئيس الثاني فكاد بدوره أن يتحدث نفس لغة المتحدث الأول مادامت جماعته تعيش هي الأخرى نفس الإكراهات ونفس المشاكل، خاصة في دواوير تاملالت وبيفيخشو وتاتلت وتامكونسي، فبزكرى يشكو أكثر من غياب شاحنات التوزيع، بحيث لا تتوفر جماعته إلا على شاحنة واحدة بحمولة 3 أطنان وهي لا تكفي حسب الرئيس حتى لسد حاجيات الوحدات المدرسية الإثني وعشرين المنتشرة عبر تراب الجماعة. وأضاف أنه ينتظر التفاتة من المسؤولين على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لتزويدهم بشاحنة بحمولة أكبر. وعن سؤال حول مصادر الماء التي يتم توزيعها على الساكنة، قال رئيس جماعة تيقي القروية بأنه يؤدي مبلغ 60 درهما عن كل صهريج للجمعيات التي يتعامل معها في هذا الإطار ما عدا ذلك،فليست هناك أية مصادر أخرى. جدير ذكره أن فلاحي بعض الدواوير التابعة للجماعة القروية للتامري انتفضوا بدورهم، مؤخرا، على السلطات المحلية بعدما أقدمت هذه الأخيرة على منعهم من استغلال مياه السد التلي مولاي عبد الله لأغراضهم الفلاحية،مما ينذر بصيف ساخن في المنطقة خاصة وأن أطرافا أخرى لها مآرب سياسوية ضيقة أقحمت نفسها في الملف ونصبتها محامية على المتضررين، في الوقت الذي تشبثت فيه السلطات المحلية بقرار منعها لهذا الاستغلال العشوائي غير المنظم وغير المقنن.