نبيل بنعبد الله: يجدر بنا، جميعا، أن نقف له ونوفيه التبجيلا جرى، مساء الجمعة الماضي بالدار البيضاء، تكريم محمد البريني، مدير نشر صحيفة الأحداث المغربية، من طرف الفدرالية المغربية لناشري الصحف. واعتبرت الكلمات التي تم تقديمها في هذا الحفل أن تجربة لبريني شكلت علامة فارقة في المشهد الصحفي الوطني، وكان لها إسهامها في وضع لبنات مدرسة صحفية حقيقية تحترم قيم المواطنة الحقة، وتعمل من أجل نهضة بلدها وتطوير مهنتها. كما تم التوقف عند إسهامات لبريني الذي آثر دوما العمل في الخفاء والابتعاد عن الأضواء، وأصر أن يشتغل بصمت، رغم أنه راكم تجربة وخبرة امتدت لأزيد من أربعة عقود أهلته ليكون أحد رواد المشهد الإعلامي بالمغرب. وتميز الحفل بكلمة محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ووزير السكنى وسياسة المدينة التي ننشر نصها الكامل فيما يلي. وقد ألقاها نيابة عنه محمد بن الصديق عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية ومستشار في ديوان الوزير. إلى ذ.نور الدين مفتاح رئيس الفدرالية المغربية لناشري الصحف تحية طيبة، وبعد، كم كان بودي أن أشارككم، على نحو مباشر، التكريم المستحق، الذي أبت « الفدرالية المغربية لناشري الصحف» إلا أن تنظمه للأستاذ محمد البريني، عقب مغادرته، الطوعية، لإدارة نشر صحيفة « الأحداث المغربية «،لولا أن ظروفا طارئة تحول، للأسف، دون ذلك. ولذا أستميحكم عذرا في أن أتقاسم معكم، من خلال هذه الكلمة المتواضعة، بدل الحضور شخصيا، لحظات من هذا التكريم، الذي يأتي في محله وأوانه، لرجل ليس من المبالغة في شيء القول بأن مساره المهني المتميز، والحافل، كان له إسهام وافر في تطوير الصحافة المغربية، سواء في إطارها الحزبي أو، بعد ذلك، في مجال المقاولات الصحفية الخاصة. لقد تهيأ لي أن أتتبع، عن كثب، المسار المهني المتألق لسي محمد البريني، وهو يدير جريدة حزبية حققت، في عهده، انتشارا واسعا وأرقام توزيعية غير مسبوقة، في ظل حرصهالشديد على خدمة مصالح الوطن وقضايا المواطنين، وعمله من أجل تكريس قيم المواطنة الحقة، وترسيخ مبادئ الديموقراطية الفعلية، وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا، مما جعل منه، بحق، رائدا من رواد المشهد الإعلامي المغربي. ولما قاده هذا المسار، وحيثيات مرتبطة بمشواره النضالي، إلى التأسيس لتجربة متفردة في مجال المقاولات الصحفية الخاصة، ولا أقول المستقلة، لأن سي محمد، الذي ولج عالم الصحافة من بوابة النضال السياسي والالتزام الحزبي، من موقع يساري، حرص على أن تكون هذه التجربة تقدمية التوجه ومنفتحة على فعاليات المجتمع وقواه الحية، مواصلا بذلك السير على الدرب نفسه: منحازا لمستلزمات النهوض بالبلاد، على مختلف الصعد، ومنتصرا، دائما، للاختيار الديموقراطي، الذي أضحى بفضلكفاح مرير أفضى، ضمن مكتسبات ديموقراطية أخرى، إلى دستور جديد ومتقدم من الثوابت الجامعة للأمة المغربية جمعاء. ويهمني، بالخصوص، في معرض الحديث عن إسهامات سي محمد في الارتقاء بمهنة الصحافة، وتطوير الحقل الإعلامي عموما، أن أستذكر الفترة التي توليت فيها الإشراف على وزارة الاتصال، وخاصة خلال الاشتغال، مع كل من النقابة الوطنية للصحافة المغربية والفدرالية المغربية لناشري الصحف، على تطوير المنظومة القانونية المؤطرة لمجال الصحافة والإعلام، وكذا على إنجاز ورش العقد برنامج المتعلق بتحديث قطاع الصحافة المكتوبة وتأهيله، حيث أدى سي محمد دورا بارزا لما عرف به، وعهدناه فيه، من حكمة واتزان وجرأة. وليس صدفة أن تكون الفترة ذاتها شهدت تتويج سي محمد، في الدورة الرابعة للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة سنة 2006، بالجائزة التكريمية، بعد أن استقر إجماع لجنة تحكيم وازنة، ترأسها الكاتب والشاعر والسياسي عبد الرفيع الجواهري، على تسليمها له، باعتباره شخصية إعلامية وطنية أسهمت، إسهاما متميزا، في تطوير الإعلام الوطني، وترسيخ المبادئ النبيلة للمهنة. لقد عمل سي محمد، بلا كلل ولا ملل، على ترسيخ المبادئ النبيلة لمهنة المتاعب ليس فحسب من خلال ممارسته الصحفية، بل أيضا، وهو القادم إلى هذه المهنة من قطاع التعليم، عبر تحويل هذه الممارسة إلى مدرسة حقيقية تخرج منها صحفيون كثر، صار لهم شأن في منابر إعلامية شتى، ولاشك أن الحفل التكريمي هذا، الذي لا أتصوره إلا بهيجا، يحتضن عددا منهم جاؤوا عرفانا بجميل هذا المعلم الكبير، الذي يجدر بنا، جميعا، أن نقف له ونوفيه التبجيلا، والذي، لحسن حظنا كافة، أنه إن كان قد آثر مغادرة إدارة نشر صحيفة « الأحداث المغربية» الغراء، فلا نخاله، وهو رجل المبادئ والصدق والأمانة، إلا وفيا لعهده بأن يطل علينا، كل يوم اثنين، « بصراحة». سي محمد ..» تبارك الله عليك»، مع أصدق المتمنيات وكامل المودة.