استعادة أحداث تاريخية ممزوجة بالخيال والتشويق رواية «ذاكرة بقلب مفتوح» للأستاذ عمر الصديقي، التي صدرت مؤخرا عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر. شكلت بداية ورش روائي مغربي بمبادرة من أدباء شباب، لفائدة الذاكرة الجماعية التاريخية. وتقع الرواية في عدة فصول مترابطة ومعنونة خاضعة لهيكلة بنيوية بأسلوب سردي تاريخي يلامس في العمق مشاهد من الذاكرة الوطنية المرتبطة بجملة الوقائع والأحداث والملاحم البطولية المتصلة بمرحلة الكفاح الوطني ضد الاستعمار الفرنسي. وتتناول الرواية في الظاهر علاقة حب بين شاب يدعى يوسف ابن أحد عملاء الاستعمار والمدعو الباشا حمو وفتاته دينا ابنة الحاج مجاهد أحد رموز المقاومة بمنطقة الريف. وتعكس تفاصيل الرواية صراعا نفسيا وسياسيا واجتماعيا بين القطبين السالفي الذكر، بحكم تباين قناعاتهما واختلاف مرجعياتهما طوال فصول الرواية، غير أن تطور الأحداث وتعاقب المستجدات ستكشف عن تحول حاسم في المصائر والعلائق المضطربة للشخصيات، ويتمثل المعطى الجديد في كون الباشا الرجل الممقوت ليس بالأب الحقيقي ليوسف، وبذلك سيتم فتح النص الروائي من جديد على مساحات أخرى من السرد الوصفي والحجاجي التاريخي المفعم بالعواطف النبيلة التي تروم المصالحة مع الذات والمجتمع، قصد توحيد الاهتمامات وتوجيهها نحو أهداف مشتركة تمليها ضرورة التلاحم والانسجام والتسامح، من أجل صناعة المصير المشترك وتحقيق التحديات الراهنة المتمثلة في التنمية والديمقراطية والتحديث والحكامة الجيدة. وهكذا يتضح أن القصد من هذا الجنس الأدبي هو استعادة التاريخ والصياغة الروائية لأحداث تاريخية ممتزجة بالخيال والتشويق، مع الاستعانة بلعبة المرآة لتطهير الذات ومحاكمتها، والاستجابة لمنطق الإبداع الفني والإثارة النفسية والأدبية، فإن البناء الروائي داخل « ذاكرة بقلب مفتوح» اشتغل على خطين متوازيين متلازمين، أحدهما تاريخي صرف وأساسي والثاني عاطفي ثانوي، ساهم في جعل الرواية تسمو إلى درجة الكتابة السينمائية. الرواية قدمت يوم الأحد الماضي، في إطار فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته العشرين بالدار البيضاء، من خلال حفل توقيع بحضور فاعلين وباحثين ونقاد في حقل السينما، كذا إعلاميين وروائيين مغاربة وعرب. كما يرتقب البدء في الاشتغال على عمل درامي ضخم، سيكون مجاله هو مثلث الموت الشهير بما فيه تايناست، حيث قبيلة البرانس اين كانت معركة بين الصفوف الشهيرة ضد الاحتلال الفرنسي سنوات الحماية. وسيكون متن هذا العمل الدرامي ما تضمنته رواية ذاكرة بقلب مفتوح، من وقائع بإحالات هامة لمجريات ملحمية ارتبطت بزمن استقلال المغرب على ايقاع عمليات جيش التحرير، ما سيكون تدشينا حقيقيا لانفتاح الفن السابع على الذاكرة المغربية، كذا انفتاحه على الأعمال الأدبية الروائية الوظيفية، الخدومة للبلاد والتاريخ والتنشئة ومعها التربية على الوطنية والمواطنة. * صحافي متدرب