قال وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي إنه حسم أمره وقرر تلبية طلب شعب مصر بشأن الترشح لمنصب رئاسة البلاد، بحسب ما جاء في حوار أجراه مع أحمد جار الله، رئيس تحرير صحيفة «السياسية» الكويتية، ونشرته الصحيفة في عدد اليوم الخميس. وفي رده على سؤال بشأن ترشحه للرئاسة، أضاف السيسي: «لقد حسم الأمر وليس أمامي إلا تلبية طلب شعب مصر، وهو أمر سمعه القاصي والداني، ولن أرفض طلبه، سأتقدم لهذا الشعب بتجديد الثقة عبر التصويت الحر». ويعد هذا أول تصريح منسوب للسيسي يتحدث فيه بوضوح عن اعتزامه الترشح في انتخابات الرئاسة المقبلة. ولم يصدر حتى فجر الخميس أي بيان عن الجيش يؤكد أو ينفي صحة ما نشرته صحيفة «السياسة» الكويتية منسوبا لوزير الدفاع المصري، لكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة (أعلى هيئة تنفيذية للجيش المصري)، قال، في بيان سابق، إنه يحق للسيسي أن «يتصرف وفق ضميره الوطنى ويتحمل مسؤولية الواجب الذى نودى إليه وخاصة وأن الحكم فيه هو صوت جماهير الشعب فى صناديق الاقتراع، وأن المجلس فى كل الأحوال يعتبر أن الإرادة العليا لجماهير الشعب هى الأمر المطاع والواجب النفاذ فى كل الظروف». وحول استعداده لهذا المنصب خاصة أنه يأتي في ظل تطلعات كبيرة للشعب المصري، قال السيسي في حواره مع أحمد جار الله: «لقد توكلت على الله، ولن أرفض رغبة أبناء بلدي، ولكنني سأطلب منهم العون، فمصر دولة متوعكة وتوعكها مزمن، وقد ازداد في السنوات الأخيرة، والشعب يدرك أن الأمانة ثقيلة، وهي تتطلب تعاون الجميع في حملها، ولذلك علينا أن نتشارك في هذا الحمل، ونعمل من أجل شفاء بلدنا من هذه الوعكة». واستطرد موضحا: «عندما أقول كلنا, أقصد القيادة والشعب, علينا حرث الأرض سوية وزرعها ببذور صالحة حتى تشفى أم الدنيا المحروسة التي عكر صفوها حكام حلموا بجعل حكمها انتفاعا وتمصلحا أنانيا وليس عملا وطنيا, إنها تحتاج للتخلص من إرث الماضي كله ومعالجة ما خلفه ذاك الإرث, بالإضافة إلى معالجة ما تسببت به المرحلة السابقة وأدى إلى تعثر مسيرتها. مصر الآن ستعيش مرحلة جيدة من السلوك المجتمعي والاقتصادي والكرامة الوطنية الصادقة». وقال إنه يحمل هم الثقة التي أولاها إياه الشعب المصري، قائلا: «كلي أمل أن يكون الانجاز على قدر الحلم»، مضيفا «لا أخفيك أن رغبات الناس وآمالهم باتت كبيرة جدا بعد الوعكة الاخيرة, وهي أحلام لا حدود لها, هذا أمر طبيعي, ولذا علينا أن نحققها جميعها, ونعمل كلنا بصدق, على تحقيقها سريعا, من الكبير إلى الصغير كل من موقعه». واعتبر أن «مصر بحاجة إلى من يسخر لها وقته كله, كما أنها بحاجة إلى جهود مشتركة ووعود صادقة, فنحن جميعنا, أي أنا ومن وثقوا بي, عانينا ممن عبثوا بمصر, ورأينا كيف حكموها ليستغلوا مقدراتها لأنفسهم, بل وعبثوا بأحلام شعبها وطموح شبابها». وبشأن ما سيقوله للشعب المصري عند أدائه قسم اليمين الدستورية كرئيس للجموهرية حال فوزه بالمنصب، قال السيسي: «سنصدق الناس القول, لن نتلاعب بأحلامهم, أو نقول لهم أن لدينا عصا سحرية, سأقول لهم: تعالوا إليَّ نشبك أيدينا بأيدي بعضنا بعضا, ونعمل سوية لبناء مصر بلد التسعين مليون نسمة»، لافتا إلى أن مصر تمتلك «امكانيات ضخمة لا تحتاج إلا إلى تسويق جيد, وبناء ثقة, ووضع خريطة طريق واضحة للاستفادة منها, زراعيا وسياحيا وصناعيا وتجاريا». وأضاف: «علينا تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار الوطني والأجنبي, سواء أكان عربيا أو أجنبيا»، معتبرا أن الوضع الأمني في مصر حاليا «أفضل مما كان عليه سابقا». وقال: «أقولها لك بكل صراحة, لن تعكر صفو حياتنا قنبلة هنا وأخرى هناك, أو تظاهرة أو اعتصام... قريبا, وقريبا جدا سنتوجه إلى العمل على تحقيق ما طالب به شعبنا, وسنضع خريطة طريق تنموية, ونعمل على ايجاد بيئة استثمار حسنة وجاذبة, وكل هذا سيكون من خلال قوانين متطورة جاذبة للاستثمار المصري والعربي والأجنبي, وسنعدل أيضا ما لدينا من قوانين ليتناسب مع ذلك». وتصاعدت شعبية السيسي في الشارع المصري إثر إعلانه في الثالث من شهر يوليو الماضي عزل الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين بعد مظاهرات احتجاج حاشدة على سياساته، وطالب سياسيون وحركات وأحزاب سياسية، وزير الدفاع المصري، بخوض انتخابات الرئاسة المقبلة. ولكي يتمكن من المضي قدما في خطوة الترشح للرئاسة يتعين على السيسي الاستقالة من منصب وزير الدفاع والإنتاج الحربي. وبشأن سياساته على المستوى العربي حال فوزه بمنصب الرئاسة، قال وزير الدفاع المصري في حواره مع صحيفة «السياسية» الكويتية إنه سيدعو إلى قيام اتحاد عربي «يقوم على تعاون مشترك بين الدول التي تعاني من الإرهاب, كي تكون الحرب عليه مشتركة», معربا عن اعتقاده بأن «دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية, ودول أخرى سترحب بهذا الاتحاد الذي ستكون غايته, كما قلت, القضاء على هذا الإرهاب الأسود». وردا على سؤال بشأن ما إذا كان منزعجا من موقف بعض الدول الكبرى إزاء ما يجري في مصر، قال: «نحن نثق بأنفسنا قبل أن نثق بغيرنا, وهذه الدول لها مصالحها في العديد من مناطق العالم, وطالما أن تلك المصالح لا تصطدم مع مصلحتنا الوطنية في العالم والإقليم, ولا تصطدم مع أمننا ومصالحنا الداخلية فهي لا تعنينا في شيء, نحن حاليا في مسار آخر, هو مسار إعادة بناء بلدنا وإيقاظه من كبوته والمحافظة على عزته والله هو الموفق». وأثار قرار إعلان السيسي ترشحه لانتخابات الرئاسة المقبلة عبر صحيفة غير مصرية انتقادات من بعض الإعلاميين في مصر. واعتبر عمرو أديب، في برنامج «القاهرة اليوم» الذي يذاع على قناة «اليوم» الخاصة، إن قرار السيسي الترشح للرئاسة عبر وسيلة إعلام غير مصرية «كان اختيارا خاطئا». وفي السياق ذاته، قال الإعلامي خيري رمضان إن كان مع الكثيرين ينتظرون إعلان السيسي نبأ ترشحه للرئاسة، لكنه كان لا يتمنى أن يقرأ الخبر على صحيفة أو تليفزيون غير مصري.