روس ينهي زيارته إلى المغرب من العيون غادر المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المغرب، بعد زوال أول أمس الاثنين، في ختام زيارته التي قام بها إلى المملكة، وسيتوجه بعدها إلى كل من الجزائر العاصمة ونواكشوط للقاء مسؤولي البلدين، في محاولة لإخراج ملف الصحراء المفتعل من حالة الجمود التي يعرفها، والاستماع إلى الأطراف المعنية بالنزاع قبل تقديم إحاطته إلى مجلس الأمن الشهر المقبل. وتمت زيارة كريستوفر روس هذه المرة للمغرب على مرحلتين، حيث قدم أولا إلى العاصمة الرباط، ثم توجه إلى الصحراء، قبل أن يقرر زيارة مخيمات تندوف، ليعود بعدها إلى الأقاليم الجنوبية، وذلك على خلاف زيارته السابقة التي لم يتوجه خلالها إلى مخيمات البوليساريو إلا بعد انتهاء زيارته للمغرب. وفي مستهل زيارته أجرى المبعوث الأممي مباحثات مع رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، ومع كل من رئيس مجلس النواب، كريم غلاب، ورئيس مجلس المستشارين، محمد الشيخ بيد الله. وبعد زيارته لمخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر، عاد المبعوث الأممي لاستكمال زيارته إلى المغرب، حيث توجه الجمعة الماضي إلى مدينة العيون، كبرى حواضر الصحراء، حيث أجرى لقاءات مع ممثلي السلطات المحلية والمنتخبين والأعيان وشيوخ القبائل الصحراوية، وممثلي الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، ومؤيدي البوليساريو، ومنظمات حقوق الإنسان. وتهدف الجولة الحالية لكريستوفر روس إلى الاستماع لمختلف وجهات نظر المعنيين بالنزاع الذي يقترب من دخول عقده الرابع، ومحاولة إخراج الملف من حالة الجمود التي دخلها منذ نحو أربع سنوات، وبعث مسلسل مفاوضات جديد يرمي إلى إيجاد حل سياسي متوافق بشأنه مقبول من جميع الأطراف، طبقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وضمت أجندة زيارة روس للمناطق الجنوبية للمغرب لقاءات مع كل من والي جهة العيون بوجدور، خليل الدخيل، والمنتخبين المحليين وممثلي الأقاليم بالبرلمان، تبادل فيها الطرفان وجهات نظرهما حول المقترح المغربي بمنح الأقاليم الجنوبية للمملكة حكما ذاتيا في إطار السيادة المغربية كمقترح يحظى بدعم قوي داخل الأممالمتحدة ومجلس الأمن، وتعارضه أصوات نشاز محسوبة على رؤوس الأصابع. كما شملت مباحثات كريستوفر روس لقاءات مع مؤيدي البوليساريو، أو ما بات يطلق عليهم «انفصاليو الداخل»، واستمع إلى انتقاداتهم وشكاواهم المزعومة ضد رجال القوات العمومية، ومزاعمهم بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان بالمنطقة. وقد خلفت هذه اللقاءات انتقادات صدرت عن العديد من الجمعيات المدنية بالأقاليم الجنوبية، وخصوصا بمدينة العيون، وصفت هذه الجلسات ب «المنحازة»، على اعتبار أن روس خصص حيزا زمنيا كبيرا لمؤيدي البوليساريو، حيث أمضى ساعات كثيرة في الاجتماع بنشطاء حقوق الإنسان في الصحراء، المعروفين بولائهم للبوليساريو وللجزائر، فيما لم يخصص سوى النزر اليسير من وقته لضحايا الانتهاكات الجسيمة للبوليساريو، واعتذر عن لقاء الصحراويين الوحدويين. وتساءلت العديد من الجهات عن الدافع وراء زيارة روس للمغرب على مرحلتين، وعما إذا كان الهدف من ورائها بعث رسائل واضحة بخصوص مستقبل الملف، الذي لم يعرف أي تقدم منذ توليه مهمته قبل أزيد من أربع سنوات. وفي محطته الثانية بالأقاليم الجنوبية للمملكة حل كريستوفر روس بمدينة السمارة، الأحد الماضي، حيث أجرى لقاءات مماثلة مع السلطات المحلية، وعقد اجتماعات مع المنتخبين وشيوخ وأعيان القبائل الصحراوية، والتقى فعاليات من المجتمع المدني. واستغلت مجموعة من الموالين للبوليساريو فرصة قدوم المبعوث الأممي إلى الصحراء لإثارة أعمال العنف والشغب، وتعمد استفزاز القوات العمومية، والدخول في مواجهات معها، لاستغلالها لأغراض دعائية معادية للوحدة الترابية للمغرب، حيث وقعت مواجهات عنيفة ليلة السبت والأحد بكل من العيونوالسمارة، خلفت إصابات كثيرة، من بينها إصابة 5 من أفراد قوات حفظ النظام نقلوا إلى المستشفى لتلقي العلاج. وأظهرت أشرطة نشرت على نطاق واسع، الاستفزازات والاعتداءات التي تعرضت لها دوريات لرجال القوات العمومية من طرف شبان ملثمين وأطفال ونساء مسخرين من طرف الجهات المعادية للمغرب، كانوا يرشقون سيارات الأمن بالحجارة وقنابل المولوتوف. وبعد أسبوع من مقامه بالمغرب، يتوقع أن يختتم المبعوث الأممي جولته الإقليمية من الجزائر العاصمة، التي سيلتقي خلالها بالمسؤولين الجزائريين، وقبلها سيزور موريتانيا، قبل أن يرفع تقريرا حول نتائج زيارته إلى الأمين العام للأمم المتحدة متم الشهر المقبل، على أن يقدم إحاطة شفوية أمام مجلس الأمن لإطلاع أعضائه على ملاحظاته بخصوص السبل الممكنة لاستئناف المفاوضات المباشرة بين أطراف النزاع لإيجاد تسوية سياسية لهذا النزاع الإقليمي.