الأغلبية الحكومية متفقة على مواجهة الأزمة وفق مقاربة شمولية تسير في اتجاه بعث الروح في الاقتصاد الوطني والتحكم في النفقات العمومية التقدم والاشتراكية حزب يساري بامتياز ومن غير المقبول وضع جميع الأحزاب السياسية في سلة واحدة نفى محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، أن تكون الحكومة قد فكرت في الرفع من الأسعار أو التخفيض في الأجور، مشددا على أن كل مكونات الأغلبية الحكومية الحالية متفقة على رفض الإقدام على مثل هذه الإجراءات التي لم يسبق لها أن تداولت فيها أصلا. ولفت الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في لقاء مع مجموعة من الصحافيين بمقر الحزب بالرباط مساء أول أمس، الانتباه إلى أن «الحكومة الحالية لم تجد أصلا أن هناك فائضا في ميزان الأداءات وفائضا في الميزان التجاري وقامت بتبذيره في ظرف سنة واحدة، بل وجدت نفسها أمام عجز للميزانية وصل إلى نسبة 6%، ومجموعة من المؤشرات الأخرى والالتزامات التي ورثتها عن الحكومة السابقة وكان عليها الالتزام بتنفيذها». وأوضح نبيل بنعبد الله أن الوضعية الاقتصادية الحالية التي وصفها ب «الصعبة»، لم تكن وليدة اللحظة بل هي نتاج تراكمات الحكومة السابقة التي «كان حزب التقدم والاشتراكية، بالإضافة إلى مكونيين من الأغلبية، وآخرين من المعارضة الحالية، جزء منها، فيما لم يشارك فيها حزب العدالة والتنمية». وأقر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية بجزء من مسؤولية الحكومة في تدبير الوضعية الصعبة الحالية بعد أن مر على تسييرها للشأن العام الوطني قرابة السنة والنصف، لكنه استعرض، في الوقت ذاته، الأسباب الموضوعية لهذه الوضعية الاقتصادية الصعبة المرتبطة، بحسبه، بما يقع في الجوار الأوروبي الذي يعد الشريك الأساسي للمغرب، والذي يعرف أزمة مالية واقتصادية خانقة أثرت على الاقتصاد الوطني، خاصة في الجوانب المتعلقة بتراجع حجم الصادرات وتراجع تحويلات المغاربة العاملين بالخارج وكذا تراجع المداخل السياحية. وكشف نبيل بنعبد الله عن وجود اتفاق حاصل داخل الأغلبية الحكومية لمواجهة هذا الوضع، وفق مقاربة شمولية تسير في اتجاه بعث الروح في الاقتصاد الوطني والتحكم في النفقات العمومية مع مواصلة المجهودات لإدماج أقصى ما يمكن من فئات الشعب المغربي للاستفادة من خيرات البلاد. وعلى هذا الأساس، يقول الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، «نريد أن يكون هناك تضامن حقيقي بين مختلف فئات المجتمع المغربي، لأنه من غير المعقول أن تستفيد فئة محظوظة وقت الرخاء وأن تتضرر فئات عريضة وضعيفة في أوقات الشدة»، داعيا الصحافة الوطنية والفاعلين السياسيين إلى الانتباه للطريقة التي يتم بها تسويق صورة البلاد، سواء للرأي العام الوطني أو للخارج. ورفض نبيل بنعبد الله التعليق على مواقف وتصريحات لزعماء أحزاب سياسية مشاركة في الحكومة، رغم إلحاح صحفيين على ذلك، وقال «لا تنتظروا مني مواجهة مع حزب الاستقلال. فهذا الأخير يعتبره حزب التقدم والاشتراكية حليفا استراتيجيا وحليفا حكوميا»، مؤكدا على أنه من الطبيعي أن يكون لكل واحد داخل الأغلبية الحكومية مرجعيته وحساسيته النقدية وأن يكون له الحق في التعبير عن رأيه حتى لا يقال «إننا نريد أن نمنع هذا أو ذاك من حقه في التعبير عن رأيه، لكن شتان بين ذلك وبين عدم الامتثال لحد أدنى من الالتزام ومن المسؤولية المشتركة ومن التماسك». في هذا السياق، أوضح بنعبد الله أن حزب التقدم والاشتراكية «يلتزم بهذا الحد الأدنى، وكل ذلك موثق في تقارير لجنه المركزية وتصريحات قيادييه، وأنه كلما دعت الضرورة لتوجيه ملاحظات ومقترحات يفعل ذلك دون تطبيل أو رغبة في أي تفرد سياسي، خدمة لمصلحة البلاد». وعلى مستوى الوضع السياسي العام في البلاد، اعتبر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن الصراع اليوم ليس، كما يحاول البعض الترويج له، بين حكومة تعبر عن تيار محافظ وبين معارضة ترفع يافطة الحداثة، واصفا هذه القراءة ب «السطحية» و»المتسرعة»، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية هي نتاج لصناديق الاقتراع ولمسلسل عرفته البلاد سنة 2011 الذي أطرته شعارات من قبيل الحرية والكرامة والديمقراطية، وأن هذه الحكومة تشكلت على أساس هذه الرغبة الشعبية التي تريد الذهاب قدما في مسلسل الإصلاح وتحسين الحكامة. وحرص الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على التوضيح أن الحكومة الحالية منذ تشكيلها لم تتخذ أي قرار أو توجه أو حتى دورية أو منشور يعاكس انفتاح المغرب أو يسير ضد الحريات الجماعية والفردية أو ضد المساواة، وأن البرنامج الحكومي لا شيء فيه يشير إلى أي توجه محافظ، وأن المرجعية المشتركة لأحزاب الأغلبية الحكومية هو الدستور الذي أقره المغاربة بشبه إجماع. وأضاف بنعبد الله أن السياق المغربي تغير عما كان عليه الواقع في سبعينيات القرن الماضي «عندما كانت هناك، من جهة، حكومات غير شرعية ومزورة، ومن جهة أخرى، معارضة لها مشروعية تاريخية». فاليوم، يقول المتحدث، «نحن أمام حكومة شرعية منبثقة من صناديق الاقتراع وبإرادة شعبية، على الجميع أن يعي ذلك، وأن يعي أن هناك مؤسسات ديمقراطية يتعين على الجميع احترامها»، مضيفا أن على هذه الحكومة أن «تظل منفتحة على المعارضة في القضايا الكبرى شريطة أن يكون هذا التعامل مقبولا من طرف الآخر». وفي المقابل لم يفت المسؤول الحزبي التذكير بالهوية التاريخية المتميزة لحزب التقدم والاشتراكية طيلة مساره الذي يزيد عن سبعة عقود، مصرحا «أننا حزب يساري كنا، وحزب يساري لا زلنا» ومؤكدا على أنه من غير المقبول أن نضع جميع الأحزاب السياسية في سلة واحدة، منها من لا زال يهضم تاريخ نشأته ومنها من يعتبر نفسه يساريا وقد كان بالأمس ضمن تحالف الثمانية، بل هناك من يقول الآن بضرورة إحياء الكتلة الديمقراطية وبالأمس كان يقول انتهى زمن الكتلة، وأيضا هناك من قال في ظروف مغايرة لما كان عليه الأمر سنة 2011 بالتحالف مع العدالة والتنمية». وأضاف نبيل بنعبد الله الذي كان مرفوقا بأعضاء الديوان السياسي محمد الأمين الصبيحي ورشيد روكبان وعبد الآحد الفاسي الفهري، «نحن في حزب التقدم والاشتراكية لم نصل صلاة الجنازة على الكتلة الديمقراطية، وعملنا قدر المستطاع منذ سنة 2008 وقبلها على بعث الروح فيها، ونتمنى اليوم أن تنضج الظروف لتعود في يوم ما إلى حيويتها السابقة»، مشيرا إلى أن دخول حزب التقدم والاشتراكية، في هذه المرحلة، ضمن هذا التحالف المرحلي، «أملاه السياق التاريخي للبلاد والرغبة الأكيدة في مواصلة مسلسل الإصلاح لما فيه مصلحة الشعب والوطن».