كانت مدينة نابل أيام الجمعة والسبت والأحد (25-27) من يناير،عاصمة للشعر العربي حيث انتظمت فعاليات الدورة الأولى لملتقى الشعراء العرب من إعداد وتنظيم المندوبية الجهوية للثقافة بنابل حيث كانت هناك مشاركات لشعراء من تونس وليبيا والمغرب ومصر والكويت وقطر والبحرين والسعودية والامارات وعمان.. هذه البادرة الثقافية تأتي ضمن تنوع الفعاليات الثقافية لمدينة الوطن القبلي حيث تعدد المسارات التي تشتغل على الاداب والفنون التشكيلية وغيرها من التعبيرات الفنية والثقافية والجمالية فبعد هذا الملتقى العربي للشعر يأتي مجال الاعداد لتظاهرة ضمن قطاع الفنون التشكيلية المتوسطية.الملتقى العربي للشعر شهد عددا من الفعاليات منها الأدبية ومنها السياحية مما أتاح للشعراء الضيوف العرب الاطلاع على الحياة التونسية وزيارة العاصمة والمدينة العتيقة الى جانب مدن الولاية على غرار قليبية وقرمبالية. كما دعا الشاعر نور الدين صمود عددا من الشعراء الضيوف الى بيته واهداهم عددا من دواوينه ومن أعمال أدبية لأدباء وشعراء تونسيين إلى جانب الاستقبال اللطيف الذي تمحور فيه الحديث حول حركة الشعر العربي الحديث ومميزات المشهد الشعري التونسي إلى جانب تاريخ تونس وحضارتها. وقد استحسن عدد من الأدباء هذه الحركة الثقافية التلقائية والنبيلة من قبل الشاعر الذي أهدى عديد الأعمال ومنها كتاب عن جان دارك وكتاب عن الشاعرة التونسية الراحلة زبيدة بشير. الملتقى افتتحه وزير الثقافة التونسي الدكتور المهدي مبروك وتوزعت فعالياته على عدد من الفضاءات الثقافية منها المركز الثقافي نيابوليس ودار الثقافة قرنبالية ودار الثقافة بقليبية التي واكب فيها الجمهور أمسية شعرية بمشاركة الشعراء عبد الله هدية من الامارات العربية المتحدة ومصطفى بدوي من المغرب وطلال من المملكة العربية السعودية وعفاف السمعلي ونورالدين صمود ومجدي بن عيسى وشمس الدين العوني من تونس. وقد حضر عدد من أدباء قليبية هذه الامسية الشعرية الرائقة ومنهم الناقد الدكتور فوزي الزمرلي والاديب الصادق عبد اللطيف والشاعر محمد بلحاج علي.. الامسية أدارها الشاعر مجدي بن عيسى. أمسية الافتتاح كانت بمشاركة الشعراء المنصف الوهايبي والبحري العرفاوي وجمال الصليعي وآدم فتحي وقد استمتع الحاضرون فيها بتنوع الأصوات والتجارب الشعرية التونسية..وقد نشط الجلسة الشعرية الشاعر المميز جميل عمامي. وتم تكريم المشاركين..كما تم افتتاح المعرض الفني (أشعار الشابي بين الكلمة واللون) الى جانب معرض (تجليات) للفنان ياسر الجرادي.. الناقد الدكتور سعد برغل ادار الجلسة الادبية الحوارية حول الشعر بين التفعيلة والحداثة والشعر وعالمية الشاعر والراهن العربي وقد كانت للمركز الثقافي الدولي بالحمامات مساهمة فاعلة في هذه الفعالية عبر الفضاء الرائق الذي احتضن الضيوف العرب كما حرص الفنان المبدع مدير المركز فتحي الهداوي على متابعة الامسيات الشعرية. الامسية الاخرى كانت بمركز نيابوليس ونشطها الشاعران جميل عمامي ولطفي الشايب وقد كانت مجالا للشعر شاسعا تواصلت لأكثر من ثلاث ساعات، قرأ خلالها كل الشعراء العرب حيث برزت نصوص الليبي محمد المغبوب الطريفة والهادئة ونصوص الاماراتي محمد هدية بسحر تفاصيلها كما أبدع الشاعر التونسي صابر العبسي من خلال قراءاته حيث سافر في عوالم الجنرال بنبرة شعرية ضاربة في تجليات الصورة الشعرية الباذخة وألق القول باللحظة وتفاصيلها وعناصرها. الشاعر المغربي مصطفى البكري قرأ قصائده بروائح الشجن ومنها قصيدة عائشة التي يقتفي فيها أثر المرحومة أمه عائشة وكان صوته الشعري أصيلا وعاليا..الشاعر انور اليزيدي أخذنا إلى كونه الشعري بكثير من المتعة والفتنة حيث كانت قصيدة عابر السبيل وعابر النهر بمثابة التجوال الحارق في مناطق الشعر الخالص..من حيث اللغة وابتكار المسارب الجديدة لهذا النمط من القول الشعري ..الشاعرة عفاف السماعلي قدمت قصائد فيها الكثير من التعاطي مع أحوال الوجد والشجن حيث الذات الشاعرة بين اكوان الحالة والآلة. الشاعر السعودي طلال الطويرقي قرأ قصائده التي تميزت بنفسها الحداثي وروحها المغامرة وهو الاسم الشعري البارز ضمن الحساسية الشعرية الجديدة بالمملكة العربية السعودية التي تشهد حركتها الادبية والشعرية بالخصوص افاقا جديدة ضمن التحديث وتنوع الانماط والابداع بصورة عامة وقد تألق طلال بالخصوص في قصائده القصيرة جدا على غرار الهايكو. الشاعر جميل عمامي تميزت قصائده بلغتها وعوالمها المفتوحة على التجريب حيث البساطة في تجلياتها العميقة المفعمة بسحر العناصر والأشياء والتفاصيل ويعد هذا الشاعر الى جانب اسماء اخرى ذكرنا بعضها من أبرز أصحاب التجارب الجديدة والواعدة ضمن سياق الكتابة المفتوحة..الحالم..و المغامرة ضمن درب الشعر التونسي الحديث والطويل. الشاعرة ميسون سويدان من الكويت والشاعرة سوسن دهنيم من البحرين شدتا جمهور الشعر بعمق وطرافة نصوصهما الشعرية التي تنم عن ذوق فني واشتغال شعي بينين. كما برز الشاعر المصري ايهاب البشيشي بقصائده المتميزة والطافحة بالشجن..و من ناحيته أمتع الشاعر السعودي ابراهيم زولي الحضور بقصائده الشعرية التي تذهب باتجاه البحث والتجريب ضمن النفس الشعري الجديد بالمملكة العربية السعودية..الشعراء سامح المحجوب من مصر ودنيا الشدادي من المغرب وحسن المطروشي من سلطنة عمان اثثوا الامسية بقصائدهم المفعمة بالوجد والحنين والشجن ضمن الوان شعرية مختلفة. الملتقى مناسبة اخرى للحوار الشعري العربي بعد فعاليات أخرى مميزة، حيث كانت نابل بستانا جميلا وفسيحا للشعر من ألوانه الباذخة. مرة أخرى تضرب نابلالتونسية موعدا مع الإبداع ومع القول الشعري العربي المبتكر تحديدا.