الخلية الإرهابية التي تمكنت المصالح الأمنية من تفكيكها مؤخرا تطرح تحديا آخر يرتبط بالظرفية الزمنية وبالسياق الإقليمي والدولي، ذلك أن تنامي هذه العصابات الإجرامية التي تواصل استقطاب شبان مغاربة لفائدة شبكات إرهابية مسلحة ترتبط ب «القاعدة»، وتهجيرهم للقتال في مناطق مختلفة، وإعدادهم لتنفيذ مخططات إرهابية وتخريبية داخل المغرب، بقدر ما يثير تحديات أمام السلطات الأمنية، فهو كذلك يؤكد استمرار استهداف المملكة وأمنها واستقرارها. إن التحدي الأمني الذي يمثله تنامي أعداد الخلايا الإرهابية وتوسع جغرافية انتشارها داخل البلاد يتكثف هذه الأيام، اعتبارا لما يجري في مالي ومنطقة الساحل الإفريقي، وبالنظر أيضا لتواتر الخرجات الإعلامية التكفيرية مؤخرا لبعض رموز المتطرفين السلفيين، ثم لكون «القاعدة» صارت منذ فترة تحاول نقل عملها الإجرامي وتركيزها الاستقطابي والدعائي إلى شمال وغرب إفريقيا بعد أن جرى حصارها في مناطق أخرى من العالم، علاوة على أن المآلات التي انتهت إليها التحولات التي شهدتها بعض بلدان «الربيع الديمقراطي»، تزيد من إعداد الأرضية المناسبة للفكر المتطرف، وكل هذا يحتم اليوم رفع منسوب الانتباه في بلادنا إلى الخطر الإرهابي المتربص باستقرارنا وأمننا، وبأفقنا الديمقراطي المنفتح. بالفعل، إن السلطات الأمنية نجحت لحد الآن في مقاربتها الاستباقية الوقائية، وبالتالي، فإن تمكنها من تفكيك عديد خلايا إرهابية في الشهور الأخيرة يؤكد نجاعة الأسلوب، وهو ما يجعلنا نؤكد على ذلك، ونضيف أنه بقدر ما أن المقاربة الأمنية لوحدها تبقى غير كافية، فهي ضرورية، وتجسد مسؤولية الدولة تجاه مواطناتها ومواطنيها لحماية حقهم في الحياة وفي السلامة الجسدية والأمن والطمأنينة والاستقرار، وهذه كما يعلم الكل مبادئ حقوقية كونية معروفة، وننطلق منها للتسطير على الجهد المهم والأساسي للمصالح الأمنية في مواجهتها لخطر الإرهاب. وفي السياق نفسه، فإن مواصلة الإصلاحات الكبرى في بلادنا، والإصرار على التنمية الاقتصادية والاجتماعية لفائدة شعبنا، والاستمرار في تمتين دولة القانون والمواطنة والمؤسسات، وترسيخ الحرية والديمقراطية والمساواة والحداثة وحقوق الإنسان، هي كلها مداخل للرد المجتمعي المغربي على الإرهاب، فضلا على ضرورة تحصين المجتمع بتعزيز جبهة شعبية وثقافية ودينية وإعلامية للمواجهة وللدفاع عن أسس مشروعنا الحداثي الديمقراطي. اليوم، علينا كلنا أن نجدد التمعن في فرادة النموذج المغربي، وقراءته انطلاقا مما يجري في محيطنا الإقليمي، ومن ثم الإصرار على التشبث به، والدفاع عنه، أي الدفاع عن الاستقرار السياسي والمؤسساتي والاقتصادي والاجتماعي في بلادنا، والعمل الجماعي من أجل الانتصار على الإرهاب، ومن أجل التنمية والحرية والديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته