طرح الرئيس السوري بشار الأسد أمس الأحد، بنود حل سياسي يقوم على أن تدعو الحكومة إلى عقد مؤتمر للحوار الوطني بعد وقف العمليات العسكرية في البلاد، وذلك في كلمة ألقاها في دار الأسد للثقافة والفنون في دمشق. وتعد هذه الكلمة الأولى للأسد منذ الثالث من يونيو 2012 عندما تحدث لأكثر من ساعة أمام مجلس الشعب السوري الذي انتخب في ماي من العام نفسه. وقال الأسد في هذه الكلمة التي نقلها التلفزيون السوري مباشرة، إن «الحل السياسي» للنزاع يقوم على التزام «الدول المعنية بوقف تمويل وتسليح وإيواء المسلحين ووقف العمليات الإرهابية بما يسهل عودة النازحين»، ومباشرة وقف العمليات العسكرية من قبل قواتنا التي تحتفظ بحق الرد، وضبط الحدود، ثم «عقد مؤتمر للحوار الوطني تشارك فيه كل الأطياف». وأضاف أن أي مرحلة انتقالية لخروج البلاد من الأزمة التي تغرق فيها منذ 21 شهرا، «يجب أن تستند إلى الرؤية السيادية وأي مبادرة هي مبادرة مساعدة لما سيقوم به السوريون ولا تحل محلها»، مؤكدا أن «أي انتقال يجب أن يكون عبر الوسائل الدستورية». وأشار الأسد إلى أن الحكومة السورية ستبلور خلال الأيام المقبلة هذه الأفكار وتطرحها، وأن أي مبادرة «سوف تستند إلى هذه الأفكار (...) ولا داعي لنضيع وقتنا بأفكار تخرج عن هذا السياق». واعتبر الأسد في كلمته أن النزاع السوري ليس بين حكم ومعارضة وإنما بين الوطن وأعدائه، قائلا «الكثيرون سقطوا في فخ صور لهم بأنه صراع بين حكم ومعارضة، صراع على سلطة وكرسي ومنصب، من واجبنا أن نعيد توجيه الرؤية باتجاه البوصلة الحقيقية (...) وقبل الخطاب بساعات قليلة، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» في خبر مقتضب: «يلقي السيد الرئيس بشار الأسد قبل ظهر الأحد كلمة يتناول فيها آخر المستجدات في سوريا والمنطقة». وهي المرة الأولى التي يلقي فيها الأسد كلمة منذ الثالث من حزيران/يونيو 2012 عندما تحدث لأكثر من ساعة أمام مجلس الشعب السوري الذي انتخب في مايو من العام نفسه. وتأتي الكلمة التي سيلقيها الرئيس السوري وسط أزمة تعصف بالبلاد منذ 21 شهرا، وأدت إلى مقتل أكثر من 60 ألف شخص بحسب أرقام الأممالمتحدة. وكانت صحيفة «الأخبار» اللبنانية المقربة من دمشق وطهران، أوردت في عددها الصادر يوم السبت أن الأسد سيلقي كلمة ستكون بمثابة «خطاب الحل»، ويقدم خلالها رؤيته لحل الأزمة في البلاد، بشرط ألا يتم الاعتراض على ترشحه للانتخابات الرئاسية «مع مرشحين آخرين» لدى انتهاء ولايته الحالية في العام 2014. وأشارت إلى أن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد نقل خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو موافقة الأسد على «خارطة الحل المصطلح على تسميتها جنيف-2، وبنودها التالية: وقف إطلاق النار، حضور مراقبين دوليين إلى سوريا للإشراف على تطبيقه، إنشاء لجنة تأسيسية لتعديل الدستور، تأليف حكومة وطنية، انتخاب مجلس نواب عبر انتخابات حرة بمراقبة دولية». وكان الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي قال بعد زيارته دمشقوموسكو نهاية الشهر الماضي، إن لديه «مقترحا يمكن أن يتبناه المجتمع الدولي» لإنهاء الأزمة ويستند إلى إعلان جنيف في 30 يونيو الماضي. وأوضح الإبراهيمي أن مقترحه يقوم على تأليف حكومة كاملة الصلاحية وخطوات تؤدي إلى انتخابات رئاسية أو برلمانية. ونصت الخطة الانتقالية لمعالجة الأزمة السورية التي أقرتها مجموعة العمل حول سوريا «الدول الخمس الكبرى وتركيا ودول من الجامعة العربية» في حزيران/يونيو الماضي والتي عرفت باسم خطة جنيف، على تشكيل حكومة انتقالية تملك كامل الصلاحيات التنفيذية، وإمكانية البدء بمراجعة للدستور، على أن تخضع هذه المراجعة لموافقة الشعب، وتتبعها انتخابات حرة ومفتوحة أمام جميع الأحزاب. ولم يتطرق اتفاق جنيف إلى مسألة بقاء الأسد في السلطة إلى حين إنتهاء ولايته، بينما قال الإبراهيمي إن الحكومة التي يقترح تأليفها تنتهي ولايتها بإجراء «انتخابات أما رئاسية أو برلمانية وأرجّح أن تكون برلمانية لأن السوريين سيرفضون النظام الرئاسي». واقترب مقاتلو المعارضة بشكل اكبر من دمشق بعد سيطرتهم على سلسلة من الضواحي على شكل قوس من الأطراف الشرقيةلدمشق حتى الشمال الغربي. وأطلقت قوات الأسد صواريخ على حي جوبر قرب وسط المدينة السبت في محاولة لطرد مقاتلي المعارضة وذلك بعد يوم واحد من قصف مناطق يسيطر عليها المعارضون في ضاحية داريا الشرقية. وقال ناشط اسمه حسام في اتصال من خلال خدمة سكايب للمحادثة عبر الإنترنت: «بدأ القصف في الساعات الأولى من الصباح واشتد منذ الساعة الحادية عشرة صباحا وأصبح الآن شديدا بالفعل. بالأمس كانت داريا واليوم جوبر من أشد المواقع سخونة في دمشق.» ومنذ آخر تصريحات علنية للأسد في نوفمبر عزز مقاتلو المعارضة سيطرتهم على مساحات من الأراضي عبر شمال سوريا وقاموا بشن هجوم في محافظة حمص بوسط سوريا وصمدوا أمام أسابيع من قصف قوات الأسد التي حاولت طردهم من الأحياء الخارجية لدمشق. وحصلت المعارضة السياسية السورية أيضا على اعتراف دولي واسع . ولكن الأسد استمر في الاعتماد على دعم روسيا والصين وإيران للبقاء صامدا واستخدم قوته الجوية للقضاء على مكاسب مقاتلي المعارضة على الأرض. ومع عدم ظهور أي علامة على تراجع القتال زار نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إيران السبت سعيا للحفاظ على تأييد الحليف الإقليمي الرئيسي للأسد. وقالت وكالة فارس للأنباء إن المقداد سيجتمع مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ومع مسؤولين إيرانيين آخرين. ولم تبد الدول الغربية إلى الآن أي رغبة في التدخل العسكري في سوريا على غرار التدخل الذي ساعد في الإطاحة بالعقيد الليبي معمر القذافي في عام 2011. لكن حلف شمال الأطلسي سيرسل قوات وبطاريات صواريخ باتريوت أرض-جو أميركية وأوروبية إلى الحدود التركية والسورية. وقال الجيش الأميركي إن عتادا وجنودا أميركيين بدأوا في الوصول إلى تركيا يوم الجمعة للانتشار. وسترسل ألمانيا وهولندا أيضا بطاريات صواريخ سيستغرق نشرها بالكامل أسابيع. وتقول تركيا وحلف الأطلسي إن الصواريخ لضمان حماية الحدود الجنوبية لتركيا من أي هجمات صاروخية سورية محتملة. وتقول سوريا وحليفتاها روسياوإيران إن نشر بطاريات الصواريخ قد ينذر بتحرك عسكري لاحق من جانب الحلف الغربي. وأثبتت الحرب في سوريا أنها أطول وأدمى الصراعات التي نجمت عن انتفاضات شعبية في دول عربية خلال العامين المنصرمين وأدت لسقوط أنظمة استبدادية في تونس ومصر وليبيا واليمن . وتدور هذه الحرب بين مقاتلين معظمهم من الأغلبية السنية والأسد الذي ينتمي إلى الأقلية العلوية وتحكم عائلته سوريا منذ استولى والده حافظ الأسد على السلطة في انقلاب عام 1970. وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء إن الصحفي سهيل العلي من قناة الدنيا التلفزيونية الحكومية توفي متأثرا بجراح أصيب بها في هجوم شنه «إرهابيون» وهو الوصف الذي تطلقه وسائل الإعلام الحكومية السورية على المعارضة المسلحة. واعتبرت سوريا البلد الأخطر بشدة على الصحفيين حيث قتل 28 صحفيا في العام الماضي. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان المرتبط بالمعارضة والذي يراقب الحرب من بريطانيا من خلال شبكة من النشطاء على الأرض إنه وقعت معارك وقصف في المناطق القريبة من دمشق وبلدة دير الزور الواقعة إلى الشرق من نهر الفرات وبالقرب من مدينة حماة بوسط سوريا. وآخر خطاب رسمي ألقاه الأسد أمام البرلمان قبل سبعة أشهر في بداية يونيو. وقال فيه «إذا عملنا معا فانني أؤكد ان نهاية هذا الوضع قريبة».