سلطت الانتقادات التي وجهها نائب الرئيس السوري فاروق الشرع مؤخرا الى نهج الرئيس بشار الأسد في مواجهة النزاع في بلاده، الضوء على اختلاف بين «حرس قديم» يميل الى تسوية، ومستشارين من «جيل جديد» يحيطون بالأسد ويحبذون القتال حتى النهاية. ويقول كريم إميل بيطار، الباحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية «ايريس» في باريس، إن السلطة في سوريا «تتركز أكثر فأكثر بين أيدي عدد قليل من الأشخاص يحيطون بالأسد، وهم معزولون بشكل متزايد عن محيطهم ويبدو أنهم اختاروا الهروب إلى الامام». وبحسب محلل فضل عدم كشف هويته، تضم هذه الحلقة أشخاصا من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، إضافة إلى آخرين من السنة والدروز. ويشير هذا المحلل إلى أن المحيطين بالرئيس السوري هم شقيقه العقيد ماهر الأسد (44 عاما) الذي يتولى قيادة الفرقة الرابعة في الجيش السوري المسؤولة عن حماية العاصمة، وأسماء الأسد قرينة بشار، وخاله محمد مخلوف (80 عاما) ونجله رامي (43 عاما) وهما رجلا أعمال يتمتعان بسمعة سيئة، ونجله الثاني حافظ مخلوف (41 عاما)، احد قادة الأجهزة الأمنية في دمشق. وينتمي كل أفراد هذه المجموعة إلى الطائفة العلوية باستثناء أسماء السنية. كذلك، تضم هذه الحلقة شخصيتين درزيتين هما منصور عزام (52 عاما) وزير شؤون رئاسة الجمهورية منذ 2009 والمذيعة السابقة في قناة «الجزيرة» القطرية لونا الشبل. كما يضاف إلى هؤلاء العميد العلوي حسام سكر، وهو المستشار الرئاسي للشؤون الأمنية، وضابطان سنيان امضيا أعواما طويلة في أجهزة الاستخبارات: اللواء علي مملوك (66 عاما) رئيس مكتب الأمن الوطني، ورئيس جهاز الأمن السياسي اللواء رستم غزالة (59 عاما) الذي تولى سابقا رئاسة جهاز الأمن والاستطلاع التابع للجيش السوري في لبنان قبل الانسحاب منه العام 2005. ويقول المحلل نفسه أن هذه المجموعة «هي التي تتخذ القرارات، وبشار هو بمثابة قائد الاوركسترا، ولا يستمع إلا لهؤلاء الأشخاص الذين يدينون له في شكل كبير بصعودهم» إلى المناصب العليا. ويقول بيطار انه «في الجهة الأخرى، هناك الموظفون الكبار في الدولة، وجزء من هيئة الأركان العسكرية، وهم يدركون مثلهم مثل الشرع, أن أيا من النظام أو المقاتلين المعارضين غير قادر على الحسم (العسكري) في شكل كامل. لذا يأملون بتسوية متفاوض عليها، يتفادون من خلالها إزاحتهم في حال سقوط الأسد». وفي مقابلة قبل نحو عشرة أيام أجرتها معه في دمشق صحيفة «الأخبار» اللبنانية المقربة من سوريا وإيران، قال الشرع (73 عاما) الذي شغل منصب وزير الخارجية مدة 22 عاما، أن الأسد «لا يخفي رغبته بحسم الأمور عسكريا حتى تحقيق النصر النهائي»، وحينها «يصبح الحوار السياسي ممكنا على ارض الواقع». وأوضح الرجل الذي يشغل منصب نائب الرئيس منذ العام ,2006 أن الأسد «يملك في يديه كل مقاليد الأمور في البلاد»، دون أن يمنع ذلك وجود «آراء ووجهات نظر» داخل القيادة السورية، لكنها لم تصل إلى نقطة يمكن معها «الحديث عن تيارات أو عن خلافات عميقة». وبحسب الخبراء، يضم «معسكر» الشرع، وهو سني امرأتين. الأولى هي بثينة شعبان (59 عاما) العلوية المقربة من الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي عينها مترجمته الخاصة، قبل أن تصبح وزيرة للمغتربين في العام 2008 ولاحقا مستشارة للرئيس. أما المرأة الثانية فهي نجاح العطار (79 عاما)، وهي سنية شغلت منصب وزيرة الثقافة بين العامين 1976 و,2000 وعينت لاحقا (2006) نائبة لرئيس الجمهورية. وقال وزير سوري سابق ابتعد عن النظام بعد بدء الاحتجاجات المطالبة بإسقاطه منتصف مارس ،2011 أن مجموعة الشرع وشعبان والعطار «تبدو مبعدة في شكل كامل عن اتخاذ القرارات، لاقتناعها بوجوب انتهاء الحرب بلا غالب أو مغلوب، ولذا يتهمهم الآخرون بضعف الشكيمة». وكان الصحافي الذي أجرى مقابلة «الأخبار» مع الشرع كتب أن الرجل «في الحدث، ولكن ليس في دائرة صنع القرار. اتصالاته قائمة مع بعض المسؤولين في البلاد، يتواصل مع الرئيس بين الحين والآخر». وقلل وزير الإعلام السوري عمران الزعبي الأحد من أهمية تصريحات الشرع، معتبرا أن رأيه «هو رأي من آراء 23 مليون سوري، وسوريا دولة تحكمها مؤسسات وقيادات والرأي النهائي لها». حتى في أوساط الطائفة العلوية التي تقود البلاد منذ أربعة عقود، خرجت بعض الاختلافات إلى دائرة الضوء، لا سيما جراء سقوط العديد من أبنائها في القتال. ومن هؤلاء اللواء علي حيدر مؤسس القوات الخاصة السورية، والذي وضع في الإقامة الجبرية وأرغم على التقاعد في التسعينات من القرن الماضي لانتقاده توريث السلطة في سوريا، بعد اختيار الرئيس الراحل حافظ الأسد نجله بشار كخلفه المستقبلي اثر وفاة نجله الأكبر باسل في فبراير 1994. وبحسب نص يتم تداوله على مواقع الكترونية عدة، انتقد هذا الضابط إرسال الشبان للموت. وقال «لو ثمة هدف واضح (للنزاع الدائر) لما كان لدي تعليق، لكن لماذا تريدون أن يموت الشباب؟». المرصد السوري لحقوق الإنسان: أزيد من 45 ألف قتيل خلال 21 شهرا من النزاع في سورية أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الأربعاء، بأن حصيلة القتلى في النزاع السوري المستمر منذ 21 شهرا ارتفع إلى أكثر من 45 ألف شخص.ونقلت مصادر إعلامية عن مدير المرصد رامي عبد الرحمن قوله إن 45 ألفا و48 شخصا قتلوا منذ منتصف مارس 2011، تاريخ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. ومن بين هؤلاء القتلى 31 ألفا و544 مدنيا. ويدرج المرصد ضمن المدنيين من حملوا السلاح إلى جانب الجنود المنشقين عن الجيش السوري. كما قتل 1511 جنديا منشقا و11 ألفا و217 عنصرا من القوات النظامية، إضافة إلى 776 قتيلا مجهولي الهوية حسب المرصد الذي يعتمد في الحصول على معلوماته على شبكة من الناشطين والمندوبين في كل أنحاء سورية وعلى مصادر طبية مدنية وعسكرية.وأضاف مدير المرصد أن هذه الأعداد «هي التي تمكنا من توثيقها، والأكيد أن الأرقام الفعلية أعلى بسبب عدم معرفتنا بمصير الآلاف من المفقودين داخل المعتقلات السورية من مدنيين وعسكريين»، مشيرا إلى أن «أعداد القتلى في صفوف القوات النظامية والمقاتلين المعارضين هي الأعلى بسبب تكتم الطرفين على خسائرهما الحقيقية للحفاظ على معنويات أفرادهما».ويسقط العشرات يوميا في سورية ضمنهم مدنيون ومقاتلون معارضون وجنود نظاميون جراء عمليات القصف والاشتباكات في مناطق واسعة من البلاد.