خلد المغرب أمس اليوم الوطني للمرأة، وفي التاريخ نفسه من عام 2003 كان جلالة الملك قد ألقى خطابا تاريخيا أمام البرلمان، أعلن خلاله عن مدونة الأسرة الجديدة، وقد بقي الموعد السنوي مناسبة للمغرب وللنساء المغربيات من أجل تقييم ما تحقق من مكاسب، وتجديد النضال والترافع من أجل المزيد. اليوم الوطني للمرأة المغربية، يحل هذه السنة في سياق سياسي ومجتمعي ومؤسساتي مختلف، وبعد ما تضمنه الدستور الجديد من تجليات تقدم على صعيد حقوق النساء، خصوصا من خلال الفصل 19 في الدستور، وأيضا من خلال التنصيص على إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، ومن ثم، فان المعركة اليوم يجب أن تنصب على ضرورة الإسراع في تفعيل هذه المقتضيات الدستورية، من حيث التشريع ووضع المنظومات الإجرائية والبرامجية، ومن حيث إحداث الآليات المؤسساتية... من المؤكد أن ضعف التواجد النسائي ضمن الفريق الوزاري الحالي يشكل نقطة ضعف كبيرة، ولا بد من تجاوز هذا الاختلال في أقرب وقت مناسب، لكن المطلوب كذلك اليوم هو الحرص على إعمال مقاربة شمولية تجاه تحدي المساواة، وتلبية المطالب الاجتماعية والتنموية للمرأة كذلك. السلطات العمومية مطالبة إذن ببعث إشارات قوية وواضحة بشأن استمرار التزام المملكة بكافة المكاسب ذات الصلة بالمساواة وحقوق المرأة، والعمل على تطوير عدد من القوانين بما في ذلك مدونة الأسرة، قانون الشغل، قانون الجنسية، القانون الجنائي، الحالة المدنية، الإجهاض، محاربة العنف وغيرها، وإعداد قوانين أخرى لتمتين الإطار التشريعي والتنظيمي القادر على تكريس المساواة والمناصفة وحماية حقوق النساء على أرض الواقع، علاوة على ضرورة استكمال انخراط المملكة في كامل المنظومة الحقوقية الكونية المتعلقة بحقوق النساء والمساواة. من جهة ثانية، إن كسب الرهان يقتضي أيضا الحرص الصارم على تطبيق القوانين، وتقوية التكوين لدى الجسم القضائي ووسط مختلف الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون، وتعزيز ثقافة المساواة وسط المجتمع، وتسريع مسلسلات القضاء على الأمية ومحاربة الفقر وسط النساء، وتطوير آليات حماية المرأة من العنف بكل أشكاله، وبذلك، فإن المهمة منوطة بمختلف القطاعات الحكومية، في شراكة وتواصل مع منظمات المجتمع المدني والحركة النسائية الجادة، من أجل النجاح في إعمال وتنفيذ محاور أجندة المساواة. في المجمل، إن الرهان يتمثل اليوم في تطوير حقيقي للمنظومة التشريعية والمؤسساتية، والانخراط الواضح في منظومة حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا، بالإضافة إلى تقوية إشعاع المساواة وسط المجتمع، واعتماد مقاربة شمولية في كل ذلك. إن المخطط التشريعي يجب أن يجعل حقوق المرأة والمساواة من ضمن أولوياته الرئيسية، كما أن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة يجب أن تمثل مناسبة للإقدام على خطوات قانونية وتنظيمية وسياسية ملموسة لتقوية سيرنا المجتمعي نحو المناصفة، ونحو تقوية التمثيلية السياسية للنساء. الحداثة بلا مساواة هي بلا معنى أصلا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته