كان الملك يبيع البلد بيع التصفية كان محمد خير الدين في الرابعة والعشرين وقت أن أصدر روايته الأولى «أكادير»، التي نركب ههنا مغامرة ترجمتها لقراء العربية. رواية تحكي قصة موظف ترسله مؤسسة الضمان الاجتماعي إلى المدينة المنكوبة بزلزال 1960 ليجمع ملفات بالسكان المنكوبين. لكن تلك القصة فيها لا تعدو أن تكون مجرد ذريعة لبناء كتابة شذَرية متمردة على أعراف الكتابة السردية، فإذا «أكادير» قد جاءت نصاً مفرداً بصيغة الجمع؛ فهو يهز هزاً بنية السرد الروائي، بل يطيح بها ولا يبقي لها على قائمة، حتى أن إدموند عمران المالح عَدًّ هذه الرواية بأنها «لا تنبئ بميلاد روائي مبدع باللغة الفرنسية فحسب، بل تنبئ كذلك عن ميلاد استثنائي لشاعر كبير بأنفاس شعرية وأسطورية كبيرة». وقد توجت رواية «أكادير» بجائزة فريدة كذلك هي «Les enfants terribles» لمؤسسها جون كوكتو. وهي لذلك كله وغيره – استعادة صاحبها إلى مهاده اللغوي مثلاً – تستحق هذه المحاولة في الترجمة ضمن مشروع لنقل أدب خير الدين إلى العربية قطعنا فيه أربع ترجمات، والبقية تأتي. - 4 - المفسد: آه، أسناني، كبدي، سيدي (يصر على أسنانه)، إنا ثمل أن أعرف أنك قائدنا. إن قبيلتنا كانت على مر التاريخ شعباً. وأنت تتمتع بدعم جيش التحرير. يدخل قائد جيش التحرير. سيدي، الأمازيغي مند أن كانت المشيمة وقبل أن تكون قطرة المني أمازيغي من غير فروسية ومن غير كرنيب عن طريق العاصفة والقمم الجبلية عن طريق شعر السعتر وعن طريق البلدة التي في رأسي أمازيعي هذه الكلمة عملة الجنة من غير رنة الكمبري ومن غير لوتار ومن غير طبل ولا أقوال وزير السياحة والفنون الجميلة ومن غير حفل التمور التي بدونها لا يكون أمازيغي ولا خرج من تجاعيد الرمل المتحرك أنا أنت سيدي إيماني أعتبرك شاهداً قضيتنا هي قضية إنسان يتنكر لجذوره الفاسدة بالفضيحة والرعب ينبغي أن نكف عن عبادة الله وأن نخلق شهادتنا الرب النبي الحضور : أيها النبي جد لنا إلهاً حقيقياً أنا : إن إلهتكم الجنوبية المتوهجة قطعوا الدخلاء وستنبتون عقيدتكم في العشب العنيف للزمن لكن ستكونون شعباً مقاتلاً الطباخ : سأدعو أبي ليأتي الشاوش : سأدعو أمي لتأتي القايد : إن أرضي هناك تئن من النسيان ومن الزوابع وابنتي هناك تموت تحت أعقاب البنادق والطلقات الهمجية من البنادق والمسدسات الخليفة : إنني أبغض مبادئ الملكية أمقت أوروبا وإن تكن قوانينها أوضح من الدستور الذي يتسكع لدينا في الشوارع والأودية والأفواه والأسوت الحضور : نمقت مبادئ الملكية أنا : الجنوبي سكني الحقيقي شيطاني وإلهي الطيب الجنوبي مثل الذي سيقول أمي أرضي حياتي كالذي سيسافر عبر الخزامى والسرخس في القمم التي تلوح من البعيد وقد اكتست بالشمس أيها الجنوبي يا وطني وسيموني ناهباً من ذاكرتي الشك القدري ومن ظلي دعابة الأبراج أيها الجنوبي الدفاق قطفة تخربش عليها مغامرتي فجراً تاريخياً جديداً تعرفون أننا تحررنا بفعل الكارثة من الملكيات البدائية وتعرفون أن نقيصة الملكيات هي الحلول محل كل واحد وهي الحلول محل الجميع الشاوش : هي الحلول محل الجميع الحشد : أن نغير الله القايد : أيتها الأرض التي لطالما تُهجيت تحت أنظار الكارثة أرض أجفلت بفعل أنياب الذئب والكلب المسعور أرض سامة لكن منيعة منذ أن كانت الأسطورة المضحكة ومنذ أن كانت نزهات موريتانيا ونزهات جنوب قوس قزح المنتصب أيتها الأرض الشرعية حيث لا يمكن أن يرتسم طيف ولا تاج إنني أسلم بقوتك أنا : أيتها الأنهار التي يتنصت إليها بقايا أوخامنا الرقيقة المبصوقة من فم مر فليكن. إنني أستولي على هذه السلطة وأوقع على جوعي من برد وحمادة وبحر وضباب يمزج جزيرات الجريمة الفلاح : فليستمعوا إلى متاهتي. في قديم كانت تتصاعد من أفخاذ رائحة قديمة الأزمة المجنونة الحانقة فتطرد جبالنا وتطرد حنطتنا قبل الصيف قبل زهرة اللوز المتوردة قبل كلامي كان الملك يريد ملح الدم كان الملك يأكل الحمى الصفراء من أحداقنا كان الملك يزين عبيده بألقاب تراتبية كان الملك يبيع البلد بيع التصفية الخليفة : الملك الضريح المفتوح المنبطح على الأرض