الأغلبية تؤكد على أهمية تفعيل المادة 81 من الدستور في تنظيم العمل التشريعي ببلادنا من أجل بلورة طموح شعبنا في التنزيل الديمقراطي والسليم لمقتضيات الدستور واستكمال إقامة وتمثيلية المؤسسات المنتخبة بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، السيد الرئيس المحترم، السيد الوزير المحترم، السيدات والسادة النواب المحترمين، يشرفنا في فريق التقدم الديمقراطي، أن نتدخل باسم الأغلبية، في هذه الجلسة للمناقشة والمصادقة على مرسوم رقم 2.12.88 الصادر في 15 مارس 2012، والقاضي بتطبيق المادة 98 من القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين، وهو المرسوم الذي يدخل ضمن تفعيل المادة 81 من الدستور الجديد علما بأن الحكومة سبق لها أن أصدرت هذا المرسوم، في الفترة الفاصلة بين الدورتين، وعرض على البرلمان في الدورة الاستثنائية لشهر مارس الماضي، كما حظي بالمناقشة الغنية والموسعة من قبل فرق الأغلبية والمعارضة، وصودق عليه بالإجماع في لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة. إننا إذ نناقش اليوم هذا المرسوم، لسنا في حاجة إلى التذكير بأهميته في تنظيم العمل التشريعي ببلادنا، والرقي به إلى الأهداف المنشودة، خاصة وأنه يضع ضمن أهدافه الكبرى، اتخاذ الإجراءات التحضيرية الضرورية لتنظيم الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، والمتعلقة بانتخاب أعضاء مختلف الهيئات الناخبة المدعوة للمشاركة في انتخاب أعضاء مجلس المستشارين المقبل، وبالتالي تمكين الحكومة وكل الفاعلين السياسيين وغيرهم، في إطار الديمقراطية التشاركية، من اتخاذ كل التدابير التنظيمية وتفعيل النصوص التطبيقية الأخرى، المتعلقة بالاستحقاقات الانتخابية المقبلة في أحسن الظروف والآجال، وإفراز مؤسسات منتخبة قادرة على التجاوب مع انتظارات شعبنا، مما يقتضي بطبيعة الحال، تعاون الجميع بروح إيجابية، كآلية قبلية لتجديد المؤسسات وتعزيز البناء الديمقراطي، وتأهيل الفعل السياسي، في أفق تجديد ثقة المواطنين في المؤسسات. إن مناقشة هذا المرسوم، تأتي ضمن الفترة الانتقالية للسلطة التشريعية لمجلس البرلمان عموما، طبقا للدستور الجديد المتقدم في مقتضياته، وبالتالي فإن المناقشة والمصادقة على هذا المرسوم تسعى إلى بلورة طموح شعبنا في التنزيل الديمقراطي والسليم لمقتضيات استكمال إقامة وتمثيلية المؤسسات المنتخبة. وكما يعلم الجميع تم تنظيم الانتخابات السابقة لأوانها، فيما يتعلق بمجلس النواب، ملاءمة مع هذا الدستور، الذي رغم ما يعطيه من مرتبة متميزة ومكانة متقدمة لمجلس النواب من حيث الاختصاصات، إلا أن مجلس المستشارين يظل دعامة تشريعية أساسية، وركيزة ضرورية باعتباره غرفة ثانية بالبرلمان، تضطلع أيضا بأدوار ووظائف أساسية في الرقابة والتشريع، حددها الدستور الجديد في عدد من بنوده نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر، الفصل 78 الذي أكد أن «لرئيس الحكومة ولأعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين، تودع مشاريع القوانين بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب، غير أن مشاريع القوانين المتعلقة، على وجه الخصوص، بالجماعات الترابية وبالتنمية الجهوية، وبالقضايا الاجتماعية، تودع بالأسبقية لدى مكتب مجلس المستشارين» والفصل 84 الذي أكد بدوره على «تداول مجلسي البرلمان بالتتابع في كل مشروع أو مقترح قانون، بغية التوصل إلى المصادقة على نص واحد، ويتداول مجلس النواب بالأسبقية، وعلى التوالي، في مشاريع القوانين، وفي مقترحات القوانين، التي قدمت بمبادرة من أعضائه، ويتداول مجلس المستشارين بدوره بالأسبقية، وعلى التوالي، في مشاريع القوانين وكذا في مقترحات القوانين التي هي من مبادرة أعضائه....الخ»، ثم الفصل 172 الذي أكد «على حق الملك ولرئيس الحكومة ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين، اتخاذ المبادرة قصد مراجعة الدستور...» إضافة طبعا إلى ما نص عليه الدستور من توسيع سلطات مجلسي البرلمان في المجال التشريعي، وضمان حقهما في ممارسة السلطة التشريعية بشكل واسع والتصويت على القوانين ومراقبة عمل الحكومة، وتقييم السياسات الحكومية، وضبطها في عدد هام من الاختصاصات، لسن قوانين هامة وشاملة، في مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، وغيرها من البنود التي لا يتسع الوقت لذكرها هنا، وهي كلها تؤكد على الدور الهام الذي أسند لمجلس المستشارين، إلى جانب مجلس النواب في ممارسة دوره التشريعي والرقابي، مما يشكل مكسبا هاما للتجربة المؤسساتية والديمقراطية في بلادنا . السيد الرئيس المحترم، السيد الوزير المحترم، السيدات والسادة النواب المحترمين، نؤكد مبدئيا في الأغلبية البرلمانية على ضرورة استمرار مجلس المستشارين في الاشتغال في صيغته الحالية، وممارسة مهامه الدستورية كاملة، طبقا لروح ونص الدستور، ولو أنه مازال أمامنا بعض الوقت من أجل التحضير الجيد والإعداد المتقن للمسلسل المتعلق بانتخاب أعضاء هذا المجلس، طبقا لمقتضيات الدستور الجديد . وعلى هذا الأساس، ندعو إلى الإسراع في تفعيل وتنزيل ورش الجهوية المتقدمة، حتى تتحول الغرفة الثانية بشكل فعلي وعملي إلى مؤسسة ذات طابع ثمثيلي للجهات، مع ما يتبع ذلك من ضرورة توحيد وتعميق وتقوية الممارسة الديمقراطية، وتفعيل التنمية البشرية والتضامن المجالي، ومنح أوسع السلطات للجهات، باعتبارها جماعات مجالية في جميع الميادين التي تهم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع اضطلاع المصالح اللاممركزة للدولة، بدور الدعم والمصاحبة للاستراتيجيات الجهوية، دون إغفال وضع نوعية وميكانيزمات لمراقبة ومطابقة أداء الجهات، واحترام مقاربة النوع والتمثيلية النسائية، ووضع مبادئ الديمقراطية المشاركاتية من خلال كل الصيغ الممكنة كالميزانية المشاركاتية، والورشات الحضرية، والمنتديات المواطنة، ولجن الأحياء والمجالس الجماعية، وتشجيع الشراكة بين الجماعات المجالية، والمنظمات غير الحكومية والجمعيات والدولة والقطاع الخصوصي، دون نسيان وضع تقطيع جهوي يمزج بين المعايير الاقتصادية والديمغرافية والسوسيو- ثقافية والجغرافية، مع اتخاذ استراتيجيات تروم التنمية البشرية، والقضاء على كل جيوب الفقر والإقصاء، وتفعيل ورش الجهوية ضمن الموروث الثقافي وخصوصياته، فيما يخدم وحدة شعبنا. كما أنها مناسبة نؤكد من خلالها على أن انتخاب أعضاء مختلف الهيئات الناخبة المدعوة للمشاركة في انتخاب أعضاء مجلس المستشارين المقبل لابد أن تكون مناسبة لتقوية الممارسة الديمقراطية، بما يسمح بتمثيلية متوازنة بين النخب السياسية، نساء ورجالا، وبما يتيح للمؤسسات الديمقراطية التمثيلية نجاعة أكثر، وللنظام الانتخابي نفسه فعالية أكبر، إضافة إلى تفعيل إجراءات تقنية هامة كالحرص على المعالجة الإلكترونية الناجعة للوائح الانتخابية، والتصويت ضمن هذه اللوائح بالبطاقة الوطنية. السيد الرئيس المحترم، السيد الوزير المحترم، السيدات والسادة النواب المحترمين، إن انتخابات مجلس النواب، تمت في عمومها في جو من النزاهة والشفافية بإجماع كل الفعاليات الوطنية، والمراقبين الدوليين، رغم بعض التجاوزات الطفيفة التي شابتها، لذا فإن ما سيأتي بعد المصادقة على هذا المرسوم، بشأن انتخاب أعضاء مختلف الهيئات الناخبة المدعوة للمشاركة في انتخاب أعضاء مجلس المستشارين المقبل، يكتسي طابعا مصيريا ومهما، حيث لابد من إعمال كل الإجراءات والضمانات الضرورية، لمرور الانتخابات المقبلة في جو من النزاهة والسلامة والمصداقية، تماشيا مع توجيهات جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وكافة القوى والفعاليات السياسية في البلاد، ومع مقتضيات الدستور الجديد. إننا واعون بأن الاتفاق على الجدولة الزمنية للمسلسل الانتخابي المقبل، تستلزم المصادقة على نص المرسوم الهام الذي نناقشه، لذا نرى من الضروري الحرص على اتباع منهجية التشاور الايجابي والمنتج، لتقييم المكتسبات المحققة، وتجاوز السلبيات. كما أن الجميع مدعوون لتنسيق الجهود والعمل كل من موقعه، حكومة وأحزابا سياسية، ومجتمعا مدنيا، ووسائل إعلام وفاعلين اقتصاديين وقضاء، من أجل جعل الاستحقاقات المقبلة، لحظات ديمقراطية قوية ضمن المنافسة السياسية الشريفة. وبالتالي لا يفوتنا في إطار جهود الأغلبية المتواصلة، لإنجاح العمل الحكومي ضمن هذا الورش الهام، أن نؤكد على تصويتنا الإيجابي على هذا المرسوم، خدمة للمصالح العليا لوطننا وشعبنا. وشكرا على انتباهكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.