عاشت مدينة آسفي ليلة الخميس الماضي، مع أمسية من ليالي الطرب الأصيل، أمسية حاولت من خلالها جمعية الشباب للموسيقى بآسفي بتنسيق ودعم من مندوبية وزارة الثقافة بآسفي، والعديد من المؤسسات الرسمية والمقاولات والمؤسسات التجارية والصناعية والجمعوية، استحضار مسيرة رائد من رواد الموسيقى المغربية، وأحد أهرامات الطرب والتلحين والتنقيب عن المواهب في عالم الفن والغناء، أمسية كان شعارها، لحظات اعتراف صادقة، جعلت كل من حضر الأمسية يعيش لحظات متميزة من محطات رجل من قيمة المرحوم عبد النبي الجيراري صانع النجوم التي تتلألأ في سماء الفن المغرب والعربي بامتياز. الأمسية تميزت بحضور وازن لأصدقاء الراحل وزملائه من الفنانين والملحنين، من بينهم الملحن المقتدر عبد الله عصامي، والفنان عبد الهادي شُهاد، والفنان العربي وعازف الكمان المتألق رامي السوري، والأستاذ محمد ذاكر، إضافة إلى أسماء فنية من آسفي، ترتبط بالمرحوم الجيراري. اللقاء تميز كذلك بالكلمة التي ألقاها، محمد الخراز مندوب وزارة الثقافة بآسفي، الذي اعتبر بأن تكريم المرحوم الجيراري بآسفي، هو في حد ذاته اعتراف بما قدمه رجل كرس حياته لحب الوطن والفن والبحث عن المواهب، بنكران ذاتٍ ووطنية صادقة، مما جعل المرحوم واحدا من أيقونات الفن المغربي الذي أعطى بدون مقابل، بل لم يكسب رصيدا من خلال عشرات السنين من العطاء، اللهم رصيداً من حب واحترام واعتزاز ملايين المغاربة، وأولئك الذين يعترفون له بالأستاذية والتمكن والتميز، كما أكد مندوب وزارة الثقافة في كلمته على قدرة الرجل على صنع النجوم، من خلال جرد للأسماء التي تتلألأُ اليوم في سماء الفن والغناء والطرب واللحن والإخراج وكتابة الخطوط والصحافة والإعلام، معتبرا بأن لآسفي الحق في أن تفتخر اليوم وهي تحتفي وتكرم رجلا من طينة الجيراري، في شخص نجله أنس الجيراري الذي لبى دعوة مدينة آسفي لحضور هذا الإحتفاء. كلمات وشهادات ولحظات اعتراف صادقة، بصم عليها الحضور بكل مكوناته وأطيافه الحاضرة ذلك المساء، من خلال المجموعة الصوتية وجوق شباب الموسيقى الذي يضم أمهر عازفي ومنشدي مدينة آسفي بامتياز، كلمات وشهادات فيما كان الملحن المقتدر الأستاذ عبد الله عصامي بتاريخه ورمزيته يحاول أن يقدم ألف شهادة وشهادة عن تاريخ ومحطات جمعته والراحل في بداية البدايات، وفي كل مرة كان يكتفي بالإنصات لما يقال عن عبد النبي الجيراري، حجته في ذلك، أنه ومهما قيل عن الراحل، فلن يوفيه أحد حقا من الحقوق، فالرجل أكبر من كل ذلك، ولا زال يستحق الكثير. نجله أنس الجيراري، ذلك الشاب المتعلم المتواضع الصامت، إلا من كلمات بسيطة قدمها شكرا لكل من ساهم في هذا التكريم، حضر ذلك المساء ليجلس بين محبي ومريدي وعاشقي عبد النبي الجيراري، وقف ذلك المساء بابتسامة خجولة ليقول لقاعة امتلأت بالحضور حد الإختناق، إن كل كلمات الشكر والتقدير لن تُسعفه وهو يستمع ويشاهد جزءً من حياته وحياة والده تتعالى في محراب الطرب الأصيل، من خلال غناء لعمالقة الطرب والفن بالمغرب، معتبرا بأنه تكريم للذاكرة الفنية المغربية، وللوطن بكل ما يحمله من معاني الحب والإيمان الصادق، شاكرا مًمْتنّاً لكل من ساهم في حفل سيبقى خالدا في سِجِلِّ عائلة الجيراري وعائلة الفنانين المغاربة الذين تتلمذوا على يده، لأن تكريم الأستاذ جزء من تكريم المتعلم والنجم الكبير. فقرات فنية تم تنسيقها من خلال برنامج تضمن شريطا وثائقيا عن الراحل، وكلمات من جمعيات جاءت من خارج آسفي، كجمعية الرابطة الوطنية للشعر والموسيقى بمراكش، وقصائد شعرية كتلك التي جادت بها قريحة الشاعر المراكشي محمد بوحلو، فيما كانت مفاجأة الأمسية، عزفٌ منفرد على الكمان للفنان السوري رامي، أحد أصدقاء وأحد أعضاء الفرقة الموسيقية لصباح فخري، والذي قدم لوحة فنية رائعة جمعت بين الدبكة الشامية المشرقية والآداء المغربي من خلال صوت الفنان الواعد مراد بوريقي، فيما كانت المجموعة الصوتية لشباب الموسيقى بآسفي، بأصواتها الشابة وتحت رئاسة لحسن بن ابراهيم بوريقي خِرِّيج مدرسة مواهب، تُبدع أغاني من طرب الإنشاد والمديح والموشحات الأصيلة، كما أنتهت الحفلة بلوحة من الحضرة العيساوية، تلتها فقرة تكريم الفنان الراحل الجيراري.