لماذا يلازم الإخفاق الفريق الوطني المغربي لكرة القدم، في كل مشاركاته بكأس الأمم الإفريقية؟… سؤال جوهري طرحه وليد الركراكي، أثناء الحوار الذي خص به قناة الرياضية، مقرا بوجود مشاكل يجب تحليلها، وجمع معطيات بخصوصها، والاستعانة بخبراء في المجال، قصد معرفة سبب اكتفاء المغرب بلقب وحيد، منذ سنة 1976. في نفس الحوار، كشف الركراكي عن موافقة فوزي لقجع، رئيس الجامعة، إحداث خلية لتحليل أسباب عدم قدرة المغرب على التتويج، بلقب كأس أمم إفريقيا، تضم أطرا وطنية من مدربين ولاعبين سابقين، سبق أن شاركوا مع المنتخب المغربي، خلال نسخ «الكان». ما أفصح عنه «رأس لافوكا» يعد معطى جد إيجابي، يؤكد عودته أخيرا لحقائق الأمور، وفهم عميق لخصوصيات إفريقيا التي تختلف كليا عن كل ما هو دولي، أو حتى أوروبي، وأي اعتقاد أن التألق مثلا بالمونديال، يقود مباشرة نحو التفوق القاري، يعد ضربا من الخيال، وهذا ما وقف عليه مدربنا الوطني، خلال النسخة الأخيرة بالكوت ديفوار… فما وقف عليه وليد أخيرا، من خلاصات ودروس، ليس بالمعطى الجديد بالنسبة لنا، كما لا يتضمن أي عنصر مفاجأة في كل ما قاله، لأن من يرى الأمور بواقعية وتجرد، يعرف بالفعل أن المشاركة على الصعيد القاري، تختلف على جميع المستويات… فالتساؤلات العميقة التي طرحها بخصوصية معرفة نوعية اللاعبين، أو فيما يتعلق بهوية المدربين الذين يتم اختيارهم، يعتبر جوهر الموضوع، كما تساءل أيضا، هل المشكل يتعلق أيضا بالجوانب الذهنية أو البدنية، أم بالأجواء العامة داخل القارة؟ إن كل ما قاله المسؤول الأول عن الطاقم التقني لأسود الأطلس، يعتبر حقيقة ثابتة، كان من الضروري أخذها بعين الاعتبار، والعمل على توافقها مع طموح منتخب ذاهب للتتويج، والغريب أن صاحبنا يتحدث، وكأنه يكتشف إفريقيا لأول مرة…؟ فهو سبق أن كان مساعدا لرشيد الطاوسي خلال نسخة 2013 بجنوب إفريقيا، ولعب مع المنتخب خلال دورة تونس، ومع ذلك لم يستوعب خصوصيات القارة، إلا بعد الإخفاق كمدرب، أو حتى «وقع الفأس في الرأس» كما يقول مثلنا الشعبي الدارج. فالدورة ال (34) التي فاز بها المنتخب الايفواري، أكدت بالملموس أن المنتخبات التي تسلحت بالواقعية، والإيمان بروح المجموعة، والابتعاد عن كل ما هو لعب استعراضي، وتفادي سيطرة الفرديات الزائدة، وطغيان العاطفة على الاختيارات، كان لها حضور مؤثر، وتمكنت من الوصول إلى أبعد نقطة… فالحقيقة التي لم يلتزم بها الركراكي هي أن الاسبقية يجب أن تعطي للجاهزية، ولا مكان للعاطفة أو المجاملة، ومحاباة هذا اللاعب أو ذاك، على حساب عناصر أخرى، تبدو أكثر تمرسا وأكثر خبرة قاريا، تتجاوز إمكانياتهم ما يتوفر عليه آخرون ربما يكتشف بعضهم إفريقيا جنوب الصحراء، لأول مرة في الحياة…