لمعلم محمود غينيا والإيفواري ألفا بلوندي يسدلان الستار على فعاليات ملتقى الموسيقى الإفريقية تختتم مساء اليوم الدورة الأولى من مهرجان الموسيقى الإفريقية أزالاي، بعد أمسيات جديرة بأن تعاش، أيام ثلاثة هي عبارة عن سفر إفريقي، من شمال القارة وحتى حدودها الجنوبية، القارة التي أعطت للموسيقى العالمية الشيء الكثير على مستوى الإيقاع ومازال حضور الموسيقى الإفريقية يفاجئ عشاق هذا الفن البديع عبر العالم، ويطمح مهرجان أزالاي أن يحتفي بهذه الإضافات الإفريقية إلى الحضارة الإنسانية، من خلال احتفاء بالروح الإفريقية الراقصة على إيقاعاتها الملتهبة. مساء اليوم، يسدل الستار على لحظة ثقافية إفريقية خالصة، تؤشر على قدرة الفن أن يوحد ويجمع ما فرقته المصالح السياسية والنزاعات، يؤشر على أن وحدة الأفارقة ممكنة وإن على المستوى الثقافي، كما حدث في مدينة ورزازات، المدينة ذات الضوء الباهر الذي أعطى الدليل خلال الأمسيات الثلاث التي عشناها في ملتقى ازلاي الفني، أن إفريقيا أمة واحدة، وثقافة واحدة، أحد أضلاعها الأساسية ثقافة الشمال الأمازيغية. انطلاقة محلية للحديث عن المهرجان يتوجب الحديث ليلة الافتتاح التي نشطها الزميل ياسين الريخ وتضمنت أربعة عروض، أعطت انطلاقتها فرقة كناوة وارززات وهي مجموعة شابة تتكون من ثلاث عشرة عنصر تمزج بين الآلات التراثية والحديثة مستعرضة لوحات من الربرطوار الكناوي، وكأنني بالمنظمين أرادوا لهذه الأمسية أن تنطلق من ورزازات ، في رحلة باتجاه المغرب العربي نزولا إلى إفريقيا جنوب الصحراء، حيث أكد الفنان السنغالي الكبير اسماعيلو انه شامان وساحر الموسيقى الإفريقية. ويجدر بالذكر أن مهرجان «أزلاي» ينظم بتعاون مع مؤسسة ورزازات الكبرى للتنمية المستدامة, والمجلس البلدي لورزازات, ومجلسها الإقليمي, ومجلس جهة سوس ماسة درعة, ولجنة الفيلم بورزازات. إفريقيا الأمريكية بعد عرض كناوة ورزازات، كان الجمهور على موعد مع مجموعة مبروك فيزيون والحقيقة أن هذه المجموعة لا تقف في الغناء عند ماهو إفريقي بل قدم عازفوها مقاطع شهيرة من الربرطوار الغنائي العالمي، لم تكن كلها موفقة بالنظر إلى مبدعيها الأسطوريين مثل راي شارلز، بوب مارلي أوجيمس براون مقطوعات عالمية لكنها من إبداع أفروأمريكيين، الأمر الذي لا يفسد لود افريقية المهرجان قضية، كما تجدر الإشارة إلى أن هذه المجموعة تملك من بين أعضائها صوتا نسائيا قويا يحيل على أمريكا السبعينات مع جانيس جوبلين، نينا سيمون أو بيث ميدلر في فيلمها الغنائي المتميز The rose أو الوردة. الرحلة المغاربية المحطة الثالثة كانت مع ميلود المسكاوي الذي شكل لوحده رحلة في الغناء المغاربي منطلقا من التراث المغربي الشعبي إلى التراث المغاربي، مختتما بقطع مختارة من فن الراي، وميلود مسكاوي هو فنان متنوع من مواليد إقليمالرشيدية، يملك موهبة قد تنذر عند الكثير من الفنانين فهو يغني موسيقى العالم بدءا من أغاني الفرنسي جورج براسانس إلى أغاني الفولك الأمريكي مرورا بالأغاني الألمانية والفلامنكو الاسباني ما دعم سمعته كفنان متنوع الأوجه إن وطنيا أو دوليا، وقد شد المسكاوي انتباه الأعداد الغفيرة من سكان ورزازات الذين حجوا إلى منصة تاوريرت من كل الفئات والأعمار، مع هيمنة لفئة الشباب الذين كانوا يرقصون ويشاغبون على الأنغام في جو من البهجة والحماس. موسيقى تحرك الروح الفقرة الأخيرة ولعلها أجمل فقرة في ليلة الافتتاح هذا إذا لم نقل خلال المهرجان برمته، وتميزت بالحضور الباهر للفنان السنغالي اسماعيلو، هذا الفنان الكبير الذي يبدع موسيقى هي إلى الشعر أقرب تستهدف الوجدان وتستلب الحواس موسيقى تملك ألف وتر وألف لسان يتحدث عن إفريقيا التي كما هو معلوم ليست جمال الطبيعة وروعة الإبداع فقط إفريقيا الإنسان الذي يعاني ، وقدم اسماعيلو خلال هذه الأمسية أجمل ما يحتويه ربرطواره الموسيقي من أغان كرست مكانة هذا الإفريقي الملون في ساحة الغناء العالمية عن جدارة، مثل أفريكا أو جايابون. وشكلت فقرة اسماعيلو ختاما جميلا لليلة الأولى من عمر المهرجان، ناقلة الجمهور الحاضر من الغليان إلى الهدوء والى التأمل والسكينة ناشرة ظل موروث الأفارقة الحكماء. هذا بخصوص الليلة الأولى ويبدو أن أمسية الختام هذا المساء لن يقل مستواها عن الأولى، إذ من المنتظر أن يشعلها الريكي مان الإيفواري ألفا بلوندي، سيدعمه في ذلك فريق جانكل فيزيون الإفريقي، وأن تستدعي مجموعة الركبة من زاكورة جمهورا عريضا باعتبارها إحدى الخصوصيات الفنية بالمنطقة ، كما ستستقطب مجموعة فناير المراكشية جمهورا كثيفا من الشباب ومن أهم العروض هذا المساء دون مواربة العرض الذي من المتوقع أن يحييه شيخ الكناويين والأمين على سر هذا التراث المغربي الإفريقي محمود غينيا ابن مدينة الصويرة عاصمة كناوة وحاضرة مهرجانهم الذي جاوز بريق ألوانه حدود إفريقيا.