تخوفات من إلقاء الصناعيين ومهنيي النقل بالزيادة على كاهل المستهلك من المتوقع أن تتراجع الحكومة في الأيام المقبلة إبان المراجعة النصف شهرية لتركيبة أسعار المحروقات، عن نسبة مهمة من الدعم الذي تستفيد منه مادة الفيول الصناعي. ويرتقب في هذا الصدد أن يتم الإعلان عن زيادة في سعر هذه المادة البترولية تقدر ب550 درهم للطن الواحد. وتدخل هذه الخطوة في سياق البحث عن سبل تخفيف ثقل الموازنة عن كاهل صندوق المقاصة الذي سيصل المبلغ الإجمالي لتدخلاته في دعم المواد الأساسية 45 مليار درهم، أي ما يناهز 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام. ورغم أن الدولة لا تفكر حاليا في إلغاء هذه الآلية الموازناتية وتعويضها بآلية للدعم المباشر للأسر الفقيرة، إلا أنها شرعت في اتخاذ بعض الإجراءات المتمثلة في استرداد نسبة من دعم المواد الأساسية التي يستفيد منها الأغنياء. حيث قررت، بموجب مشروع القانون المالي 2012، رفع مبالغ الضريبة السنوية على السيارات ذات الأحصنة العالية التي تفوق 11 حصانا المعروفة بكونها مستهلكة أكثر للوقود، ورفع سعر الفيول الذي يستعمله الصناعيون ومهنيو النقل الطرقي وشركات الإسمنت. غير أن المكتب الوطني للكهرباء، وهو أكبر مستهلك للفيول الصناعي، سيواصل الاستفادة من الدعم الذي كان مخصصا لهذه المادة. ويعتبر المسؤولون هذه الخطوات ضرورية في أفق إنضاج الدراسات الجارية المتعلقة بإصلاح نظام المقاصة بعد أن أكدت الدراسات بأن 20 في المائة من الأسر الأكثر غنىً تستحوذ على أكثر من 40 في المائة من الدعم، في حين أن المستهدف من هذا الأخير هو الأسر الفقيرة. غير أن إصلاح هذا النظام مازال متعثرا رغم وجود سيناريوهات عدة لدى وزارة الشؤون الاقتصادية والعامة للحكومة من ضمنها نظام للدعم المالي المباشر لحوالي 8 مليون شخص من الفئات المصنفة «معوزة». وفي هذا الإطار يعبر البعض عن تخوفه من قيام الصناعيين ومهنيي النقل بإلقاء الزيادة في أسعار الفيول على كاهل المستهلك كما جرت العادة بذلك. وتبقى الدولة مطالبة بحماية القدرة الشرائية للمواطنين. ويتم تراجع الدولة عن دعمها نسبيا لبعض أنواع المحروقات نظرا لكون فاتورة الطاقة تمثل ربع إجمالي قيمة الواردات، وقد زادت هذه الفاتورة بنسبة 40% مقارنة بالعام الماضي. وقد تسبب هذا الارتفاع في تفاقم عجز الميزان التجاري ب20% في الأشهر السبعة الأولى من 2011، حيث بلغ هذا العجز 106 مليار درهم حسب بيانات رسمية. ويدعم المغرب أسعار مواد أساسية كالبترول وغاز البوتان والدقيق والسكر لجعل ثمنها في متناول عموم الأسر المغربية، غير أن السنوات الماضية شهدت جدالا واسعا يتعلق بمراجعة كيفية تدبير أموال الدعم التي يستفيد منها الأغنياء أكثر من الفقراء. غير أن حساسية موضوع إلغاء الدعم المباشر لسلع أساسية جعلت الحكومة تفضل التروي قبل القيام بأي خطوة في هذا الصدد، فيما توالت الدراسات والدراسات المقارنة من أجل بلورة صيغة مثلى ومباشرة لتصريف هذا الدعم لفائدة المستهدفين منه.