وزارة الداخلية تأمر بفتح تحقيق لمعرفة ظروف وملابسات الأحداث لقي شيخ في الستين من عمره حتفه ليلة الأربعاء الماضي، إثر تعرضه لاعتداء من طرف مجموعة مكونة من حوالي 80 شخصا، بمنطقة تدعى «بور الشبعي»، على الحدود الترابية ما بين إقليمي زاكورة وطاطا، بينما أصيب حوالي 10 أشخاص آخرين بجروح متفاوتة في نزاع بين قبيلتين تتنازعان حول ملكية الأراضي الفلاحية المتاخمة لوادي درعة. ولقي الضحية المسمى محمد دحاني البالغ من العمر حوالي 62 سنة، وهو ينتمي لقبيلة «تانسيطة اخشاع» التابعة إداريا لإقليم زاكورة، حتفه متأثرا بالجروح التي أصيب بها إثر الهجوم الذي تعرض له رفقة حوالي 16 شخصا من أبناء قبيلته، من طرف أفراد ينتمون إلى قبيلة الشرفاء المهازيل بزاوية سيدي عبد النبي التابعة لنفوذ دائرة فم زكيد بإقليم طاطا، بينما أصيب حوالي 10 أشخاص بجروح متفاوتة، نقلوا على وجه الاستعجال إلى المستشفى لتلقي العلاج في الوقت الذي تمكن الآخرون من الفرار والنجاة بجلدهم. وقالت مصادر من عين المكان في اتصال مع بيان اليوم إن الهجوم بدأ على الساعة الخامسة من بعد ظهر يوم الأربعاء، ولم يخمد إلا في حدود الثانية صباحا، وإن جثة الضحية ظلت في مكانها طوال تلك الساعات، نتيجة عدم تدخل السلطات المعنية في الوقت المناسب. وأضاف شهود عيان أن المواجهات بين القبيلتين اللتين تتنازعان الأراضي المتاخمة لواد درعة على مقربة من بحيرة «إريقي» المحمية الطبيعية المشهورة، أسفر كذلك عن وقوع خسائر مادية جسيمة تمثلت في إحراق العديد من المعدات الفلاحية، وسيارات وأمتعة شخصية. واستنكرت قبيلة «تانسيطة اخشاع» ما وصفته ب «الهجوم الغادر» الذي أودى بحياة أحد أفرادها، في الوقت الذي لم تجد نداءاتهم أية استجابة من قبل السلطات المحلية. ومما زاد من حنق القبيلة، حسب تعبير أحد مسؤوليها، أن من يعتبرونهم «جناة»، الذين تسببوا في وفاة الضحية، «لازالوا أحرارا». وقالت مصادر عليمة إن وزير الداخلية أعطى تعليماته إلى مصالحه الخارجية المعنية بإجراء بحث دقيق في أسباب وملابسات وظروف الأحداث، ومتابعة كل من يتبث تورطه فيها. نفس المصادر أكدت أن مجموعة من المزارعين، منهم بعض الشبان وأغلبيتهم من الكهول والشيوخ، ينتمون إلى قبيلة «تانسيطة اخشاع» توجهوا إلى المنطقة التي تسمى «بور الشبعي» إثر التساقطات المطرية التي عرفتها المنطقة مؤخرا لمباشرة عملية حرث الأراضي الزراعية، غير أنهم فوجئوا بعد إنزال أمتعتهم بحوالي 80 شخصا ينتمون إلى قبيلة الشرفاء المهازيل مدججين بمختلف الأسلحة البيضاء لمنعهم من القيام بأعمالهم. هذه المواجهات أدت إلى وفاة الشيخ الستيني الذي أصيب بعدة طعنات في أنحاء مختلفة من جسده، كما نقل أحد الضحايا إلى المستشفى الإقليمي بطاطا نتيجة إصابته بكسور، فيما تم نقل المصابين الآخرين إلى مستشفى مراكش لتلقي العلاج. وانتقلت السلطات المحلية بكلا الإقليمين وقوات حفظ الأمن إلى عين المكان لخفض التوتر والحفاظ على الأمن. بينما تواصل مصالح الدرك الملكي تحرياتها للتوصل إلى المتورطين في مقتل الضحية. وليست هذه المرة الأولى التي تقع فيها مثل هذه الأحداث بين القبيلتين اللتين تتنازعان هذه الأراضي الفلاحية، إذ سبقتها مواجهات بينهما قبل سنتين، إلا أنها لم تكن بحدة الأحداث الأخيرة. وتتبادل القبيلتان الاتهامات فيما بينهما حول ترامي هذه أو تلك على أرضي الأخرى. ومنذ الثمانينات من القرن الماضي تتنازع قبيلتا «تانسيطة اخشاع» التابعة لإقليم زاكورة من جهة، وقبيلة الشرفاء المهازيل بزاوية سيدي عبد النبي التابعة لإقليم طاطا، أراضي «بور الشبعي» في كل موسم حرث. حيث تتمسك الأولى بملكيتها لتلك الأراضي البورية، استنادا إلى وثائق عدلية، وحق التصرف الذي تتحوزه والذي يعود إلى عام 1251 هجرية، بالمقابل تطالب قبيلة الشرفاء المهازيل بهذه الأراضي وتدعي أنها في ملكيتها. وتقول ذات المصادر أن مسؤولي الجماعة السلالية لقبيلة «تانسيطة اخشاع» أبلغوا السلطات الإقليمية بكل من زاكورة وإقليم طاطا بعزمهم التوجه إلى المنطقة المتنازع حولها. وتحمل قبيلة «تانسيطة اخشاع» مسؤولية ما وقع لعمالة طاطا، التي لم تعمل أي شيء لمنع من أسمتهم المعتدين من الهجوم على أفرادها. وإلى حدود زوال أمس الخميس لم نتمكن من أخذ وجهة نظر عمالة إقليم طاطا، حيث اتصلنا بديوان عامل الإقليم، وأخبرنا بغيابه لتواجده في عين المكان.