قال عبد الإله المستاري الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بمراكش في كلمة افتتح بها أول أمس الثلاثاء بمراكش أشغال ندوة وطنية حول «سبل حماية الشباب من مخاطر الجريمة الإلكترونية»، إن الجريمة الإلكترونية تخترق الحياة الخاصة للأفراد وتهدد الأمن القومي والسيادة الوطنية وتشيع فقدان الثقة بالتقنية وتهدد إبداع العقل البشري. وأضاف المستاري خلال هذه الندوة المنظمة من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، يومي 4 و5 أكتوبر الجاري أن الجريمة الإلكترونية، جريمة شديدة التعقيد وعابرة للحدود تستعمل من قبل مجرمين من ذوي الخبرة والمهارة في مجال الحاسب الآلي. وأشار إلى أن المملكة المغربية سعت تماشيا مع ما نادت به الاتفاقيات الدولية من ضرورة إقرار اجراءات وتدابير تشريعية تجرم بموجبها الأفعال المشمولة باتفاقية «بودابيست» حيث تم إدخال تعديل على القانون الجنائي عن طريق إدماج المواد المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات. وأبرز المستاري، أن تنظيم هذه الندوة يأتي في سياق ظرف زمني دقيق وحساس متعدد الدلالات والأبعاد والمخاطر يتجاوز كل الحدود الترابية والجغرافية، مشيرا إلى أن هذا اللقاء يشكل مناسبة لتبادل الآراء والأفكار والتجارب والخبرات من أجل بلورة مجموعة من المفاهيم والتصورات التي ستسهم في إيجاد صيغة تروم إقامة نسق قانوني متين قادر على المساهمة الفعالة والناجعة لمكافحة جميع مظاهر النشاط الجرمي للجرائم الإليكترونية وتداعياتها الوخيمة التي تعصف بكيان الأمة وقيمها الاجتماعية والخلقية والثقافية. ومن جهته أبرز ممثل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، المحجوب بنسعيد، أن العالم المتقدم أصبح يعيش تحولا جذريا حقيقيا وانتقالا سريعا من المجتمع الصناعي إلى مجتمع المعلومات والمعرفة، موضحا أن هذه العملية الدينامكية، تشكل بوادر تغيرات جذرية في جميع المجالات والمتمثلة في إنتاج المعلومات والمعارف ومعالجتها ونشرها وفي أنماط السلوكيات المجتمعية والممارسات الاقتصادية والتجارية وكذا في القوانين والتشريعات المنظمة لقطاع المعلومات والاتصال. وبعد أن استعرض المراحل التي مرت منها الجريمة الإلكترونية منذ بروزها في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، أوضح بنسعيد أن العديد من البلدان اعتمدت تشريعات لمكافحة هذه الجريمة من خلال وضع اتفاقيات ومذكرات تفاهم ثنائية بين البلدان، مبرزا في هذا الإطار أن خبراء الاتحاد الدولي للاتصالات يرون، أنه لو قامت جميع البلدان بوضع تشريعات لمواجهة الجريمة الإليكترونية، فلن يكون من السهولة بمكان تسليم المجرمين الإلكترونيين فيما بين البلد الذي جرى فيه التحريض على ارتكاب الجريمة والبلد الذي ارتكبت فيه، ما لم تكن الأطر القانونية قابلة للتطبيق بصورة تبادلية وهو الأمر الذي لم يتحقق بعد. وقال إن (الأيسيسكو) أولت في خطة عملها للسنوات 2012/2010 عناية فائقة للبرامج والأنشطة الهادفة إلى الاهتمام بالأبعاد الأخلاقية والثقافية لتقنيات المعلومات والاتصال في العالم الإسلامي، مشيرا إلى أن المنظمة، وسعيا منها للمساهمة في مواجهة هذه المخاطر، قررت في إطار أنشطتها لسنة 2011، وبتعاون مع وزارة العدل، عقد هذه الندوة أخذا بعين الاعتبار التطور المتواصل الذي تشهده المملكة في مجال ترسيخ ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة التطرف الفكري والإرهاب الإلكتروني والتعصب والكراهية، في تجربة فريدة من نوعها ورائدة على المستوى الإفريقي والعربي والدولي. وناقشت الندوة، التي نظمت بتعاون مع وزارة العدل، أربعة محاور رئيسَة، تهم «الشباب والأنماط التقليدية للجريمة الإلكترونية»، و»الآثار النفسية والاجتماعية للجريمة الإلكترونية»، و»الإجراءات القانونية لضبط الجريمة الإلكترونية»، و»آليات التصدي للجريمة الإلكترونية في علاقاتها بالشباب المستعمل لتقنيات المعلومات والاتصال في الأماكن الخاصة والعمومية».