نخبة من الباحثين يقاربون موضوع أنسنة الحرف أكد المتدخلون في ندوة نظمت مؤخرا بأصيلة، حول موضوع «أنسنة الحرف»، أن تطوير الخط العربي وجعله ينتقل إلى فضاءات أرحب في زمن «عولمة المعارف»، كفيل بإعطاء دفعة قوية للغة والثقافة العربيتين وتمكينهما من مواكبة مسلسل التحديث الذي انخرطت فيه عدد من ثقافات العالم. وأوضح المشاركون في هذه الندوة، التي نظمت برحاب الخيمة الكويتية في إطار فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي في دورته الثالثة والثلاثين، أن الخط الذي يعد الوعاء الحافظ والتجسيد البصري للغة العربية، يشكل مادة فنية وتراثية خصبة تحتاج إلى المزيد من التطوير والصقل، سعيا إلى جعله يكتسي صبغة عالمية إسوة بنظيره اللاتيني، بما يتيح تعزيز إشعاع الثقافة واللغة العربيتين على المستوى العالمي. وأشار المتدخلون، وهم ثلة من الخطاطين والقائمين على الشأن الفني بدولة الكويت، إلى أن الخط العربي بحكم جماليته ومرونته وقابليته للتجويد، يمنح إمكانيات كثيرة ومتنوعة في مجال التطبيقات الفنية، لاسيما في مجالي الفنون التشكيلية والكاليغرافيا. وفي هذا السياق، قال القائم على التراث العربي بالمجلس الوطني الكويتي للثقافة والفنون والآداب مهنا المهنا إن الخط العربي الذي تطور في كنف الحضارة الإسلامية، شكل إحدى الدعامات الأساسية التي انتقلت بواسطتها المعارف والعلوم والتقنيات إلى القارة الأوروبية، بالنظر إلى تفوق هذا الخط والإشعاع العلمي الذي حققه العالم الإسلامي إبان تلك الفترة. وأوضح المهنا أن تفوق الشعوب يتوقف على مدى تطور كتابتها وملاءمتها لحاجيات العصر، مستعرضا في هذا الإطار السيرورة التاريخية التي مر بها الخط منذ فجر الإنسانية وصولا إلى زمن العولمة. ومن جهته، اعتبر رئيس مركز الكويت للفنون الإسلامية، فريد العلي، في مداخلة بعنوان «استنطاق الحرف»، أن الصلة الوثيقة التي طالما جمعت بين الدين واللغة والحرف العربي، أضفت على هذا الأخير هالة من القدسية، فتحول بذلك من دعامة لتدوين الكلام إلى «كائن بصري متحرك». وأشار العلي إلى أن الحرف العربي يتيح إمكانيات غير محدودة في مجالي الفنون التشكيلية والكاليغرافيا، اعتبارا لبنيته المرنة وقابليته لاستيعاب اللمسات الإبداعية، بخلاف مجموعة من الخطوط الأخرى. أما الخطاط الكويتي فريد عبدال فأوضح، في السياق ذاته، أن الحرف أضحى «مغامرة وجودية في عصر العولمة»، على اعتبار أن تجسيد هوية الشعوب وتكريس خصوصيتها يقاس بمدى انتشار الحرف الذي تخط به منطوقها، معتبرا أن الثقافة العربية «لا تزال شفهية وسمعية أكثر من كونها ثقافة مكتوبة». يشار إلى أن احتفاء منتدى أصيلة بدولة الكويت، التي تحل كضيف شرف على موسم المدينة الثقافي تزامنا مع تخليد الذكرى الخمسين لاستقلالها, يتضمن برمجة غنية من الأنشطة الثقافية والفنية التي تروم تسليط الضوء على مختلف مناحي التراث الشعبي والإنتاج الأدبي الكويتي. وتعرف الدورة الثالثة والثلاثين للموسم تنظيم مجموعة من المحترفات الفنية والأدبية حول الإبداعات الكويتية، إلى جانب إحياء سهرات موسيقية وعرض أفلام وثائقية حول واقع وآفاق تطور هذا البلد الخليجي.