نظم المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في بحر الأسبوع الماضي بالرباط، حفل استقبال على شرف المسؤولين القضائيين الجدد المعينين بمجموعة من محاكم المملكة. ويأتي هذا اللقاء، الذي عرف حضور على الخصوص وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان مصطفى الرميد، والأمين العام للحكومة محمد الحجوي، ووسيط المملكة محمد بنعليلو، ترسيخا لتقليد قضائي متميز أسس له المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل تكريس المعنى الحقيقي لاستقلال السلطة القضائية بما يقتضيه تفعيل دستور 2011، والالتزام بالانخراط البناء والمسؤول في استكمال لبنات إصلاح منظومة العدالة في ظل التطبيق السليم للقانون واحترام الأخلاقيات والقيم القضائية. وفي كلمة بالمناسبة، هنأ الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، مصطفى فارس، المسؤولين الجدد على الثقة المولوية التي حظوا بها، معتبرا أن هذا التعيين يشكل دليلا على تميزهم وكتتويج لمجهوداتهم طيلة مساراتهم المهنية التي عبروا فيها عن الكثير من الجدية والانضباط والمبادرة والاجتهاد من أجل إيصال الحقوق لأهلها وتكريس الثقة لدى المتقاضين من خلال تطبيقهم العادل للقانون. وأضاف فارس أن هذا التشريف وهذا التعيين ما هو إلا محطة انطلاق جديدة، بحيث أنهم مطالبون فيها بمضاعفة الجهد بالرفع من قدراتهم ونجاعتهم وبذل مزيد من العطاء والتضحيات، مشيرا إلى أنهم أمام انتظارات متعددة بالدوائر القضائية التي سيلتحقون بمحاكمها بحيث أن المجتمع يترقب آثار التغيير ومظاهر الإصلاح في سلوكهم وفي عملهم وخبرتهم، وفي طريقة إدارتهم وتدبيرهم. وطالب المسؤولين القضائيين إلى اتخاذ كل التدابير والإجراءات وفقا لمعايير النزاهة والشفافية، داعيا إلى جعل المحاكم فضاء خالصا لإنتاج العدالة وحل النزاعات بين المتقاضين وتقديم الخدمات القضائية للمرتفقين. وشدد على أهمية جعل الدوائر القضائية فضاء معرفيا مهنيا للحوار والنقاش بخصوص القضايا والمواضيع ذات الأهمية العملية، وذلك من خلال مقاربات تشاركية مع كل الفاعلين سواء في شكل لقاءات أو ندوات أو ورشات أو إصدارات أو أي آلية تواصلية تتيح للمسؤولين تبادل الرؤى العملية الواقعية وتفرز ثقافة قانونية وقضائية تعزز نجاعة السلطة القضائية وتكرس مكانتها كدعامة أساسية لحماية الحقوق والحريات. وأكد أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية في تواصل دائم معهم وحريص على تتبع مساراتهم ودعم جهودهم وتقييم أعمالهم وتوفير كل الإمكانات اللازمة حتى يؤدوا مهامهم في أحسن الظروف باعتبارهم ممثلين للسلطة القضائية بكل تمثلاتها المجتمعية وأدوارها الدستورية والإصلاحية. بدوره، وبعد أن هنأ المسؤولين الجدد بالثقة المولوية التي حظوا بها، لافت محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، إلى أنه إذا كان نصف عدد المسؤولين القضائيين الذين يتم تقديمهم اليوم ينتمون للنيابة العامة (16 مسؤولا)، فإن أكثر من 56 في المائة من بينهم يعينون لأول مرة كمسؤولين قضائيين أو في مستوى المسؤوليات الجديدة التي كلفوا بها. وأشار إلى أن ثلاثة من بين خمسة وكلاء عامين للملك يعينون بهذه الصفة لأول مرة، في حين أن اثنين من بينهم تم تغيير أماكن عملهما، وأن 6 من بين 11 وكيلا للملك تم تعيينهم لأول مرة في مناصب المسؤولية، في حين انتقل الخمسة الباقون إلى محاكم أخرى، وهو ما يعني ضخ دماء جديدة في صفوف النيابة العامة عن طريق تجديد الكفاءات، وتغيير ظروف العمل بالنسبة للبعض الآخر، مما يبعث على مزيد من الاجتهاد لتطوير الأداء وتوفير الظروف المناسبة لذلك. وذكر عبد النباوي المسؤولين الجدد بالالتزامات التي تفرض عليهم والتي تتطلب منهم القيام بمهامهم القانونية والإنسانية بنكران ذات، وعزم قوي، وإرادة لا تلين، مؤكدا أن المواطنين ينتظرون من عدالتهم أن توفر لهم الأمن القضائي، وأن تؤمن لهم سلامة ذواتهم، وتحصن لهم معاملاتهم، وتضمن لهم حماية ممتلكاتهم، وتحافظ لهم على حقوقهم وحرياتهم التي يكفلها الدستور وينظمها القانون. كما دعا المسؤلين الجدد إلى ضرورة التمسك بمبادئ العدالة وقواعد الإنصاف والبحث عنها من خلال التطبيق السليم للنصوص القانونية، وأن يكونوا قريبين من انشغالات المواطنين، يصغون لطلبات المتقاضين، وأن يهتموا بشكاويهم وتظلماتهم، وأن يسعوا إلى نيل ثقة محيطهم. تنصيب رئيس المحكمة الإدارية بالرباط جرى يوم الاثنين بالرباط، تنصيب عبد العتاق فكير رئيسا للمحكمة الإدارية للرباط، خلفا لمصطفى سيمو. وأعرب فكير في كلمة بالمناسبة عن اعتزازه بالتشريف المولوي والثقة السامية التي شمله بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس بتعيينه رئيسا للمحكمة الإدارية للرباط وتحميله أمانة ومسؤولية تسييرها والإشراف عليها، معربا عن تعهده بالسهر على التقيد بروح الدستور في كل توجهات المحكمة باستقلالية وتجرد في إطار منهجية قائمة على الحوار الصارم والإقناع الحازم. وأعرب عن التزامه بنهج مقاربة تقوم على حسن التواصل وصدق الاستماع الى مشاكل جميع المتقاضين وهمومهم القضائية وإكراهاتهم العملية في إطار شفاف من القرب والانفتاح، والعمل ضمن منهجية الفريق الواحد لتقديم خدمة قضائية عادلة ونزيهة وفعالة وناجعة، مسجلا أن هذه الأهداف لن تتحقق إلا بالعمل الدؤوب المخلص والوفي لمبادئ العدالة والإنصاف وحسن تطبيق القانون بمعية ومساعدة المحامين والخبراء والمفوضين القضائيين وكل المهن القضائية الأخرى. وأشار فكير إلى أن القضاء الإداري حامي الحقوق والحريات مجسدا في المحاكم الإدارية يظل المؤشر السليم والمراقب القويم لمدى احترام الإدارة لمبدأي الشرعية وسيادة القانون، سواء من خلال رقابته المبسوطة على القرارات الإدارية المتخذة أو من خلال حرصه على تنفيذ الأحكام الصادرة عنه، فضلا عن دوره الحمائي والاستباقي الذي يجنب المال العام ما قد يتحمله من تبعات مكلفة. وأكد أن القضاء الإداري يمثل مظهرا من مظاهر رقي الدولة وشرعيتها وحداثتها باعتباره الضامن للأمن القضائي و للسلم الاجتماعي، معتبرا أن التقاضي أمام هذه المحكمة وسيلة حضارية تجني من خلالها الدولة بكافة مرافقها مكاسب وانعكاسات أكثر نفعا وعمقا من أحكام الإلغاء أو التعويض. وأضاف أن دستور المملكة يسند للقضاء واجب حماية الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون، مشيرا إلى أنه لتفعيل هذه الحماية على أرض الواقع، جعل الدستور الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع وذلك دون التفرقة في هذا التعميم بين الأشخاص الذاتين أو الاعتباريين أو أشخاص القانون العام، حيث أن هذا المقتضى الدستوري يعلو ويسمو على ما دونه من القوانين. حضر حفل تنصيب رئيس المحكمة الإدارية، على الخصوص، رئيس الغرفة الأولى لمحكمة النقض عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ووالي جهة الرباطسلاالقنيطرة عامل عمالة الرباط، والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط، والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، ومسؤولون قضائيون ونقيب هيئة المحامين بالرباط، والوكيل القضائي للمملكة، وممثلو السلطات المحلية والمنتخبة ورؤساء الجمعيات القضائية. تنصيب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرشيدية كما جرى، في نفس اليوم بالرشيدية، تنصيب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرشيدية، عبد الحق بوداود. وتمت مراسيم هذا التنصيب، الذي ترأسه الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرشيدية، عبد الغني الشاغ، بحضور على الخصوص حجيبة البخاري، عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية، و سعيد بنصالح رئيس قطب الموارد البشرية برئاسة النيابة العامة، و يحضيه بوشعاب، والي جهة درعة-تافيلالت، وعامل إقليمالرشيدية، و الحبيب الشوباني رئيس مجلس الجهة، ورؤساء المصالح الخارجية، والعديد من الشخصيات المدنية والعسكرية. وعبر عبد الغني الشاغ عن متمنياته للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرشيدية بالتوفيق في “أداء مهمته بصدق وأمانة وإخلاص”. من جهته، عبر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، في كلمة بهذه المناسبة، عن شكره للثقة الملكية التي حظي بها والتي “ستكون دعما وسندا قويا لتحفيزي بشكل أكثر إيجابية للاطلاع بالمهام المنوطة بي بثقة عالية وتفان وإخلاص دائمين”. وأكد بوداود أنه “لما للقضاء من مكانة عالية، فقد حرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطبه السابقة إلى إعطاء العناية الكاملة للقضاء والقضاة، وذلك بوضع خارطة طريق واضحة ومنطلقات صلبة لإصلاح القضاء بمنظور جديد يشكل قطيعة مع التراكمات السلبية للمضاربات الأحادية والجزئية والأخذ بالمنهجية التشاورية والإدماجية لبلورة إصلاح جوهري لا يقتصر على قطاع القضاء فحسب وإنما يمتد بعمقه وشموليته لنظام العدالة ومساواة المواطنين أمام القانون”. وأضاف أن التأسيس الجديد لإصلاح العدالة يتمثل في جعل القضاء في خدمة المواطن، وذلك بقيام عدالة متميزة بقربها من المتقاضين وببساطة مساطرها وسرعتها ونزاهة أحكامها وحداثة هياكلها وكفاءة وتجرد قضائها، وتحفيزها للتنمية والتزامها بسيادة القانون في إحقاق الحقوق ورفع المظالم. كما هنأ الوكيل العام للملك السابق ماء العينين محمد الأغضف على “تضحياته وتنافيه وإخلاصه في عمله وحسن أخلاقه وكفاءته المهنية ونزاهته”.